تحذيرات أوروبية من تصعيد عسكري جديد في أوكرانيا

خبراء هولنديون يعاينون موقع تحطم الطائرة الماليزية في دونيتسك

خبراء أوكرانيون يضعون إشارة «ممنوع الاقتراب» أمام حطام للطائرة الماليزية المحطمة في دونيتسك بشرق أوكرانيا أمس (إ.ب.أ)
TT

حذرت «منظمة الأمن والتعاون في أوروبا»، أمس، من خطر متزايد من تصعيد عسكري في شرق أوكرانيا حيث تدهور الوضع فجأة مع وصول معدات عسكرية ثقيلة خلال الأيام الماضية.

وأعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن الاتحاد الأوروبي لا ينوي فرض عقوبات جديدة على روسيا المتهمة بدعم المتمردين في أوكرانيا عسكريا، باستثناء إضافة أسماء إلى لائحة المسؤولين الأوكرانيين الموالين لروسيا الذين تطالهم عقوبات أوروبية. وأكدت خلال مؤتمر صحافي في برلين «حاليا لا نتوقع فرض أي عقوبات اقتصادية جديدة» في حين سيتم التطرق إلى الملف خلال لقاء وزاري في بروكسل الاثنين المقبل.

وكان الوضع في أوكرانيا، حيث قتل أكثر من أربعة آلاف شخص منذ أبريل (نيسان) الماضي، في صلب المفاوضات بين الرئيسين الأميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين في بكين. وتباحث الرئيسان الأميركي والروسي ثلاث مرات خلال نهار أمس حول ملفات أوكرانيا وإيران وسوريا، كما ذكر البيت الأبيض الذي أعرب عن «قلقه لتحركات روسيا» في أوكرانيا.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأوكرانية يفغين بيريبينيس، في بيان أمس، إن موسكو بعد أن ضمت في مارس (آذار) الماضي شبه جزيرة القرم الأوكرانية، لا تزال تواصل «عدوانها العسكري ضد أوكرانيا وتستعد لاحتلال أراضيها». وأضاف «يجب ألا يخدع أحد بإزالة روسيا لرموزها من على عتادها وعديدها»، بعد أن أعلنت كييف يوم الجمعة الماضي عن دخول دبابات وقطع مدفعية من روسيا إلى أراضيها.

وأشارت بعثة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا المنتشرة في شرق البلاد لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في الخامس من سبتمبر (أيلول) الماضي، مجددا أمس، إلى تحرك قوافل تنقل أسلحة ثقيلة إلى معقل دونيتسك الانفصالي. وشاهد مراقبو منظمة الأمن والتعاون في اليوم نفسه في شرق دونيتسك قافلة تضم 43 شاحنة عسكرية لا تحمل لوحات تسجيل تتجه إلى وسط المدينة. وكانت خمس شاحنات تسحب قطعا مدفعية ثقيلة، وخمس أخرى راجمات صواريخ، كما ذكرت المنظمة في بيان. وصرح المتحدث باسم البعثة للصحافيين بأن «مستوى العنف في شرق أوكرانيا وخطر تصعيد التوتر يبقى عاليا ويزداد باستمرار».

وفي دونيتسك، توجه نحو 12 خبيرا هولنديا أمس إلى موقع إسقاط الطائرة الماليزية في يوليو (تموز) الماضي بصاروخ فوق الأراضي التي يسيطر عليها المتمردون في دونيتسك وفقا لصحافيين في الميدان. والرحلة «إم إتش 17» بين أمستردام وكوالالمبور تحطمت في الجو وقتل ركابها الـ298. وعاين الخبراء برفقة متمردين مسلحين حقلا قرب بلدة غرابوفي حيث تناثر حطام الطائرة ولا يزال قسم منه على الأرض من دون نقله. ووفقا لوزارة الأمن والعدل الهولندية، لم تتمكن البعثة من «جمع أشلاء بشرية في موقع الكارثة»، وحصلت على وثائق تعود لضحايا سلمها السكان. ولم تتمكن الوزارة من تحديد موعد لرفع حطام الطائرة بسبب «الوضع الأمني الهش». وأثار حادث تحطم طائرة الـ«بوينغ» الماليزية صدمة لدى الرأي العام الغربي الذي وجه أصابع الاتهام إلى بوتين وتسبب في فرض عقوبات اقتصادية أميركية وأوروبية ثقيلة على روسيا حتى وإن لم يتم بعد إلقاء الضوء على ظروفه. وتؤكد كييف وواشنطن أن الطائرة أسقطت بصاروخ زودته روسيا للانفصاليين في حين تتهم موسكو القوات الأوكرانية بذلك.

وفي هلسنكي، حذر رئيس وزراء فنلندا ألكسندر ستاب، أمس، من أن النزاع في أوكرانيا يجر العالم إلى «حافة حرب باردة»، مؤكدا أن العقوبات التجارية هي السلاح الوحيد الفعال ضد روسيا. وصرح ستاب للإذاعة المحلية بأن «عقيدة سياسة روسيا الخارجية تتضمن عناصر الحرب الباردة»، مؤكدا «نحن وبأشكال عدة على حافة حرب باردة».

وقبل أيام، أطلق ميخائيل غورباتشوف، آخر رئيس سوفياتي، تحذيرا مماثلا أثناء مشاركته في الذكرى الـ25 لسقوط جدار برلين. إلا أنه ورغم الأنباء عن تزايد النشاط العسكري الروسي في منطقة البلطيق، قال ستاب إن الوضع الأمني في فنلندا لم يتغير كثيرا. وخلال الحرب الباردة تبنت فنلندا، التي تربطها أطول حدود أوروبية مع روسيا، سياسة محايدة بين الشرق والغرب. وفنلندا ليست عضوا في الحلف الأطلسي، إلا أنها تعمل بالشراكة معه في برنامج السلام، كما تربطها علاقات تعاون عسكري مع جارتها في شمال أوروبا.

وقال ستاب إن فنلندا ستحافظ على علاقات ثنائية جيدة مع روسيا، إلا أنها تضم صوتها إلى صوت الاتحاد الأوروبي الذي فرض عقوبات على روسيا بسبب الأزمة في أوكرانيا. وأشار إلى أن فنلندا لن تعود إلى سياسة الحياد تجاه جارتها الشرقية. وقال «لا يوجد سبب لأخذ فنلندا إلى المنطقة الرمادية التي كنا فيها في الحرب الباردة السابقة». وأضاف أن استمرار العقوبات على روسيا هو أفضل طريقة لمعالجة الأزمة الأوكرانية. وأوضح «إنها الطريقة الوحيدة، فهي طريقة ناعمة لكنها حازمة، وهي الطريقة الوحيدة التي لدينا، ويجب استخدامها». وتابع «علينا أن نتذكر أنه في هذه اللحظة الاقتصاد الروسي يغرق، والروبل يزداد ضعفا، وأسعار النفط تنخفض، والمستثمرون الدوليون يخرجون من روسيا».