وزير خارجية المغرب: خطاب الملك الأخير بشأن قضية الصحراء في منتهى الدقة والوضوح

مزوار يرى أن السياق الدولي يميزه بروز متغيرات متسارعة أدت إلى نمو الشعور بعدم الاستقرار

TT

قال صلاح الدين مزوار، وزير الخارجية المغربي، إن خطاب الملك محمد السادس، الذي ألقاه في ذكرى المسيرة الخضراء يكتسي حمولة استثنائية، لأنه كان في منتهى الدقة والوضوح فيما يتعلق بقضية الصحراء.

وأوضح مزوار، الذي كان يتحدث أمس في اجتماع لجنة الخارجية والدفاع الوطني بمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) خصص لمناقشة ميزانية وزارته، أن الخطاب الملكي يعد تجسيدا للمعنى المتجدد للسياسة الخارجية للبلاد، ويرتبط بمنظور استراتيجي متكامل للإصلاح والبناء في كل المجالات، في سياق يتسم بنضج الوعي الوطني، مستشهدا بما قاله العاهل المغربي في خطاب افتتاح البرلمان: «إننا نعرف من نكون ونعرف أين نسير»، وهي عبارة تلخص، بنظر مزوار، مرامي وأهداف توجهات العمل الدبلوماسي للبلاد لضمان موقع متميز يستحقه المغرب في سياق عالمي يشهد تحولات هامة على كل المستويات، «أي التموقع بشكل بارز ومؤثر في هذا المشهد الدولي كبلد فاعل يملك مقومات حضارية عريقة تؤهله للتأثير على مجريات الأحداث الدولية».

وشدد مزوار على أنه لا يمكن للمغرب أن يحتل موقعا هامشيا في خضم التحديات المطروحة اليوم، لأنه يملك كل المقومات لتحصين مصالحه الاستراتيجية في كل المجالات، مضيفا أن «للمغرب، شخصيته ونموذجه المتميز الذي بلغ مرحلة من النضج تجعله قادرا على لعب دوره الطلائعي في السياق العالمي الجديد. ومن واجبنا اليوم أن نعمل جميعا وفق منطق استباقي للتفاعل الإيجابي مع متغيرات المحيط الدولي بما يضمن الدفاع عن مصالح بلادنا».

واستعرض وزير الخارجية المغربي السياق الدولي، وقال إن ما يميزه هو بروز مؤشرات ومتغيرات جديدة ومتسارعة أدت إلى نمو الشعور بعدم الاستقرار في عالم يشهد تحولات جارفة غير متحكم فيها، ويعيش على إيقاع التهديدات المستمرة واستمرار تأثير الأزمات المالية والاقتصادية على مختلف الدول، رغم أن بوادرها الأولى بدأت في 2008.

كما يتميز بتفاقم التهديدات الأمنية الشاملة بعدد من مناطق العالم، بسبب تنامي نشاط الجماعات الإرهابية وتزايد انتشار ظاهرة الإرهاب والاتجار في السلاح والمخدرات، وتقلص الموارد الطبيعية وتسارع التحولات المناخية، إلى جانب بروز أقطاب سياسية واقتصادية جديدة تنافس القوى الكلاسيكية تؤشر على نهاية نظام الأحادية القطبية نحو عالم متعدد الأقطاب.

وفي هذا السياق، قال مزوار إن وزارة الخارجية والدبلوماسية المغربية بشكل عام تجد نفسها اليوم «ملزمة بالتأقلم مع هذا المحيط الدولي غير المستقر بما يحمي البلاد من تبعاته السلبية وما يحافظ على مكانتها وإشعاعها الدولي والإقليمي».

وبسط وزير الخارجية استراتيجية العمل الدبلوماسي التي تتبناها بلاده، وقال إنها سجلت خلال السنوات الأخيرة نقلة نوعية على عدة مستويات، وتجلى ذلك على مستوى الخطاب «من خلال فرض احترام صورة المغرب على كل من يتجرأ على المساس بها، والندية في التعامل مع الجميع، وفي الدفاع عن المصالح العليا للبلاد عبر توخي الاستباقية واليقظة المستمرة في مواجهة الخصوم، مع تأكيد حضور بلاده الوازن في المحافل الدولية، لتصبح فاعلا أساسيا في السياسة الدولية»، كما جرى اعتماد آليات تهدف إلى تنويع الشراكات مع الدول الفاعلة والصديقة في القارات الخمس، والعمل والتنسيق مع الفاعلين غير الحكوميين والمؤسسة التشريعية، في إطار التكامل بين الدبلوماسية الرسمية والدبلوماسية الموازية.

وأوضح مزوار أن وزارته تبنت منهجية متجددة ومندمجة لتحقيق استراتيجية العمل الدبلوماسي المغربي، تتمحور حول مجموعة من النقاط منها استمرار التعبئة من أجل الدفاع عن قضية الصحراء، والعمل على الترويج للنموذج المغربي، والتعريف بورش الإصلاحات الكبرى التي ينخرط فيها المغرب، وكذا التعريف بالإرث الحضاري للبلاد وإبراز خصائص الهوية المغربية، القائمة على الاعتدال والانفتاح والتضامن مع الشعوب.

كما تمنح هذه الاستراتيجية، يضيف مزوار، الأولوية لدبلوماسية اقتصادية جريئة، قادرة على استقطاب المزيد من الاستثمارات، والرفع من حجم المبادلات التجارية، والاستغلال الأمثل للفرص المتاحة، وتعزيز دور الدبلوماسية الثقافية، لتصبح وسيلة فعالة من وسائل الدفاع على المصالح العليا للبلاد، إلى جانب تحديد استراتجيات جهوية لتعزيز التعاون الثنائي والإقليمي.