إسرائيل توافق على خطط لبناء 200 وحدة سكنية استيطانية جديدة

فلسطينيون يتظاهرون في بلدة العيسوية للمطالبة بفتح مداخل البلدة

TT

وافقت السلطات الإسرائيلية بصفة مبدئية، أمس، على بناء 200 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة في القدس، في خطوة قد تزيد من حدة التوتر مع الفلسطينيين، بينما تحاول واشنطن تهدئته.

وقالت براتشي سبرانغ، المتحدثة باسم بلدية القدس، إن لجنة التخطيط التابعة للبلدية أعطت الموافقة المبدئية لمقاول خاص لبناء 200 وحدة سكنية على أرض اشتراها في راموت، مضيفة أن المشروع يجب أن يمر بعدة مراحل أخرى قبل الشروع في البناء.

من جهته، قال نبيل أبو ردينة، مستشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ردا على الخطط الإسرائيلية إنه «يبدو أن إسرائيل تهدد مع كل زيارة لكيري للمنطقة ببناء وحدات استيطانية جديدة»، واصفا ذلك بأنه تصعيد متواصل ويسهم في إيجاد مناخ سلبي.

وكانت إسرائيل قد قررت الشهر الماضي تسريع وتيرة التخطيط لبناء نحو ألف وحدة استيطانية جديدة في القدس الشرقية، وهو ما أثار غضب الفلسطينيين وندد به المجتمع الدولي. لكن إسرائيل تقول إن من حق اليهود العيش في أي مكان في المدنية التي تعتبرها عاصمتها «غير القابلة للتقسيم».

من جهة ثانية، تظاهر نحو 300 فلسطيني، أمس، في بلدة العيسوية في القدس الشرقية المحتلة لمطالبة الشرطة الإسرائيلية بفتح مداخل البلدة التي أغلقتها كعقوبة على المواجهات التي تجري بين الشبان في البلدة وبين قوات الشرطة الإسرائيلية منذ أكثر من ثلاثة أشهر. ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها «لا لسياسة العقاب الجماعي ولا للتميز العنصري».

وأغلقت الشرطة الإسرائيلية مداخل البلدة نتيجة للمواجهات العنيفة التي تجري بشكل شبه يومي بين الشرطة الإسرائيلية والشبان في العيسوية. وقد توجه أهل البلدة، الذين يبلغ عددهم نحو 20 ألف نسمة، إلى المحكمة العليا أول من أمس مطالبين بفتح مداخل البلدة. وقال المحامي هاني طنوس، الذي تقدم بالطلب للمحكمة، إن «إغلاق الشوارع هو انتقام السلطات الإسرائيلية من سكان البلدة دون أي ذنب، وعقاب جماعي للسكان».

وتزامنت هذه الاحتجاجات مع تشديد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو القمع إزاء تصاعد أعمال العنف، بحجة الحفاظ على أمن الإسرائيليين، ولكن أيضا من أجل إرضاء اليمين تحسبا لخوض انتخابات مبكرة محتملة في 2015، بحسب خبراء.

وإزاء تنامي التوتر الذي يثير مخاوف في إسرائيل من اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة، كثف نتنياهو من التصريحات وإشارات الحزم، حيث قال أول من أمس «نحن في صلب حملة تحريض على الكراهية والإرهاب ضد دولة إسرائيل ومواطنيها»، مضيفا «لقد تمكنا حتى اليوم من هزم الإرهاب وسنهزمه هذه المرة أيضا». وفصل نتنياهو الإجراءات المتخذة بنشر تعزيزات أمنية وعسكرية، وهدم منازل «الإرهابيين»، وتعزيز العقوبات بحق راشقي الحجارة، وإلحاق غرامات بحق أوليائهم «واعتبار العناصر التي تؤجج الاضطرابات في القدس خارجين عن القانون». كما تحدث عن احتمال إسقاط الجنسية الإسرائيلية عن «أولئك الذين يدعون إلى تدمير دولة إسرائيل».

ويرى محللون أن نتنياهو يزداد يمينية ويجازف بالتعرض للاتهام بتأجيج النار، وهذا ما يأخذه هو باستمرار على الرئيس الفلسطيني محمود عباس. ومع أن الانتخابات التشريعية المقبلة مقررة في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، فإن الواقع يشير مع هشاشة الأغلبية الحكومية إلى «رائحة قوية لانتخابات (مبكرة) في الجو»، بحسب عبارة يوسي ميلمان من صحيفة «معاريف». كما أن نتنياهو قدم الانتخابات التمهيدية في حزبه (الليكود) إلى يناير (كانون الثاني) المقبل.

وكان الوزيران جدعون سار وأمير بيريتز (بيئة - من حزب وسطي)، قد قدما استقالتهما مؤخرا. وقال بيريتز مبررا استقالته «ليست لدي أدنى نية في الاستمرار في خدمة سياسات يتولاها نتنياهو الذي بات أسير الجناح اليميني».

وقال هنان كريستال، المعلق في القنوات العامة، إنه في أفق الانتخابات «ما انفك نتنياهو يشدد من مواقفه لمواجهة منافسيه الكبار ضمن اليمين»، وهما نيفتالي بينيت وأفيغدور ليبرمان وزيرا الاقتصاد والخارجية. لكن المنافس الأكبر هو بينيت الذي قال الأسبوع الماضي إن «الحكومة الحالية فقدت سبب وجودها» لأنها لا تتصرف بحزم كاف ضد أعمال العنف في القدس.

ويرى كريستال أن نتنياهو، في مواجهة هذا التهديد، ما انفك يمنح الضمانات لليمين وللمستوطنين، وأنه لم يقم فقط بتشديد القمع بحق الفلسطينيين الذين اعتقل مئات منهم منذ الصيف، بل إنه يواصل بلا هوادة الاستيطان في القدس الشرقية. وهو لا يعارض مشروع قانون يصبح بموجبه المستوطنون اليهود البالغ عددهم 380 ألفا في الضفة الغربية يخضعون للقانون الإسرائيلي، وهو ما يعني عملية ضم واقعية لهذه المستوطنات لدولة إسرائيل، بحسب معارضي مشروع القانون.

ويضيف كريستال أن نتنياهو يضرب عرض الحائط بالاحتجاجات الدولية، ويتجاهل حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس دولتين تتعايشان بسلام. كما أن نتنياهو تقاعس في الإعلان عن أنه لا ينوي السماح لليهود بالصلاة في باحة المسجد الأقصى.

ولاحظ المحلل افيكا الدار أن «اليمين يعتبر حاليا الأوفر حظا. لكن الأمور يمكن أن تتغير إذا قرر باراك أوباما، مدعوما من الأوروبيين، أن يعرض خطة سلام». وتابع أنه «في حالة الرفض المتوقع جدا للخطة، فإن نتنياهو سيظهر بمظهر من يقول لا للسلام، في الوقت الذي تشير فيه الاستطلاعات إلى أن غالبية من الإسرائيليين تؤيد حل الدولتين».