بري يمهد لحوار ثنائي «غير مشروط» بين «حزب الله» و«المستقبل»

مصادر قوى «8 آذار» لـ«الشرق الأوسط»: الحزب متفائل وينتظر ردا من الحريري

TT

يقود رئيس المجلس النيابي نبيه بري بالتعاون مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، المشاورات الناشطة التي تمهد لانطلاق عجلة حوار ثنائي بين «حزب الله» وتيار المستقبل، بعد تفرغ القوى السياسية للموضوع وهي التي كانت منشغلة طوال الفترة الماضية بطريقة إخراج عملية تمديد ولاية المجلس النيابي الحالي.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «حزب الله» متفائل وينتظر رد الحريري، ويتعاطى بإيجابية مع المواقف الأخيرة التي أطلقها وزير الداخلية نهاد المشنوق لجهة قوله إن تيار المستقبل لن يضع شروطا يعلم أن تحقيقها مستحيل، خصوصا تلك التي تتحدث عن انسحاب «حزب الله» من سوريا أو تسليم سلاحه، لافتة إلى أن «هذا الحوار سيكون ثنائيا، ولا يجب أن يشكل عامل استفزاز لأي من حلفاء الطرفين، خصوصا رئيس تكتل (التغيير والإصلاح) العماد ميشال عون، باعتبار أن الأخير كان يخوض حوارا مع (المستقبل) طوال الفترة الماضية من دون أن يشكل ذلك استفزازا لـ(حزب الله)».

ومن المتوقع أن ينطلق حوار «المستقبل – (حزب الله)» على أرضية فشل حوار «المستقبل – عون»، بمسعى لإيجاد مخرج لأزمة الرئاسة المستمرة منذ مايو (أيار) الماضي، ولمحاولة استيعاب الخضات الأمنية التي تشهدها المنطقة ومنع انتقالها إلى لبنان.

وكان زعيم تيار المستقبل سعد الحريري دعا في الأسابيع الماضية لوجوب التلاقي والتفاهم، خصوصا لحل الأزمة الرئاسية، ولاقاه نصر الله مؤكدا جهوزية «حزب الله» للحوار، لافتا إلى أنه أبلغ من جاءوا يقولون له: «أما آن الأوان ليكون هناك حوار بين (حزب الله) وتيار المستقبل»، أن «(حزب الله) جاهز لكل شيء يحمي البلد ويحصنه».

وذكر النائب في تيار المستقبل جمال الجراح بالدعوة التي أطلقها الحريري للحوار من أمام مبنى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في لاهاي، لافتا إلى أنه قد تلت هذه الدعوة دعوات متلاحقة من فريق «14 آذار» لم يلاقها الفريق الآخر.

وأوضح الجراح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن موضوع الحوار مع «حزب الله» حاليا لا يزال قيد الدرس باعتبار أن له أسسا ومعطيات ومناخا محددا، لافتا إلى أن شيئا لم ينضج بعد في هذا الصدد، «وسيكون لنا موقف معلن بالوقت المناسب». وأضاف: «ما يعنينا هو أن يكون للحوار هدف ومصداقية ويؤدي لنتائج فعلية».

وشدد الجراح على أن «مفتاح الحوار هو التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية ليكون هو المرجعية التي ترعى هذا الحوار».

وكانت جلسات الحوار الوطني انطلقت في مارس (آذار) 2006، بدعوة من بري. وعقدت 7 جلسات في عام 2006 برئاسته، وتوقف الحوار بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان في يوليو (تموز) 2006، واتفق خلال هذه الجلسات على ميثاق شرف لتخفيف الاحتقان السياسي ونزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات.

واستؤنف الحوار في عام 2008، بعد اتفاق عقد في الدوحة انتهى إلى انتخاب قائد الجيش في حينها، ميشال سليمان، رئيسا للجمهورية. وترأس سليمان 18 جلسة منذ سبتمبر (أيلول) من ذلك العام.

وأبرز ما انتهت إليه الجلسات الـ18 توافق الزعماء اللبنانيين في الجلسة التي عقدت في يونيو (حزيران) 2012 على عدد من البنود، بإطار ما عرف بـ«إعلان بعبدا». ونص البند الـ12، في الإعلان على «تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليمية والدولية وتجنيبه الانعكاسات السلبية للتوترات والأزمات الإقليمية». ومع قرار «حزب الله» إرسال عناصره للقتال في سوريا، تنصل الحزب من «إعلان بعبدا»، وقال رئيس كتلة الحزب النيابية محمد رعد، إن «إعلان بعبدا ولد ميتا ولم يبق منه إلا الحبر على الورق».

وسينطلق الحوار من جديد هذه المرة برعاية بري على أن يبدأ ثنائيا بين تيار المستقبل و«حزب الله» ويتوسع. وأشار ياسين جابر، النائب في كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها بري، إلى أن رئيس المجلس النيابي والنائب وليد جنبلاط يبذلان جهودا لإطلاق عجلة الحوار بين الحزب وتيار المستقبل نظرا لأهمية تلاقي الطرفين المختلفين في بادئ الأمر، على أن ينضم باقي الفرقاء إلى هذا الحوار في مراحل لاحقة.

وشدد جابر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن أي حوار ثنائي لا يعني استثناء باقي الفرقاء، «إلا أن الهدف الأساسي يبقى حاليا منع الفتنة، وهو ما ساهم تيار المستقبل به إلى حد بعيد في الفترة الماضية من خلال تأمينه غطاء مهما لمحاربة الإرهاب». وأضاف: «وقد لاقينا كقوى (8 آذار) تيار المستقبل عند منتصف الطريق حين سرنا بموضوع التمديد لمجلس النواب بعد تهديده بعدم المشاركة بالانتخابات النيابية التي كانت مقررة في 16 من الشهر الحالي».

وكشف بري خلال لقائه عددا من النواب أمس الأربعاء عن «اتصالات داخلية ومؤشرات خارجية تبعث على التفاؤل بشأن حصول خروقات بالملف الرئاسي والاستحقاق الرئاسي»، قائلا: «هناك أمور كثيرة لا أود أن أفصح عنها في الوقت الراهن». وشدد بري على أن «الجهود منصبة في الوقت الراهن على تنفيذ ما جرى التزامه خلال جلسة التمديد، أي السعي لانتخاب رئيس للجمهورية، والعمل لإقرار قانون جديد للانتخابات».