عمليات اعتقال واسعة في صفوف حركة مناهضة للعبودية في موريتانيا

طالت رئيس الحركة الذي حل ثانيا في الانتخابات الرئاسية الأخيرة

TT

اعتقل الأمن الموريتاني عددا من قيادات حركة حقوقية مناهضة للعبودية لا تحظى بالترخيص من لدن السلطات؛ ويوجد من بين المعتقلين رئيس الحركة بيرام ولد الداه ولد اعبيدي، الذي ترشح للانتخابات الرئاسية التي نظمت في يونيو (حزيران) الماضي، واحتل فيها المرتبة الثانية بعد حصوله على نسبة 8 في المائة.

بدأت الاعتقالات أول من أمس لدى وصول قافلة نظمتها الحركة الحقوقية إلى مشارف مدينة روصو؛ 200 كلم جنوب العاصمة نواكشوط؛ حيث أوقفتها وحدات من الأمن بحجة أنها «غير مرخصة» وبالتالي يجب التعامل معها على أنها «نشاط غير قانوني».

وبحسب ما أكده مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» فإن المعتقلين رفضوا الانصياع للقوانين التي تمنع تنظيم قافلة أو مسيرة من دون ترخيص، وأصروا على دخول مدينة روصو، واقتحموا الحواجز التي أقامها الأمن؛ كما أوضح المصدر الأمني أن الحركة «تهدد الأمن وتسعى لزعزعة الاستقرار في البلاد».

من جهتها، رفضت الحركة التهم الموجهة لها، وقالت إنها «طالما انتهجت الطرق السلمية في محاربتها للعبودية». وقال القيادي في الحركة حمادي ولد لحبوس لـ«الشرق الأوسط» إن «القافلة كانت تسعى لتوعية المواطنين حول قانون يظلم العبيد ويحرمهم حق امتلاك الأراضي الزراعية».

وأضاف ولد لحبوس أن «السلطات الأمنية كانت على علم بالقافلة ولم يسبق لها أن اعترضتها، وانتظرت حتى محطتها الأخيرة وهذا غير مفهوم»، وفق تعبيره.

في غضون ذلك، نظم أنصار الحركة احتجاجات أمس في العاصمة نواكشوط وفي مدينة روصو، بيد أن الشرطة ووحدات مكافحة الشغب تدخلت وفرقتها باستخدام الغاز المسيل للدموع والهراوات، قبل أن تعتقل بعض قيادات الحركة أفرجت عن عدد منهم بعد ساعات من الاعتقال.

وحتى الآن لم يصدر عن السلطات الموريتانية أي تعليق حول ما وصفه البعض بحملة الاعتقالات في صفوف الحركة الحقوقية، فيما تحدثت مصادر شبه رسمية لـ«الشرق الأوسط» عن خطة أمنية واسعة لوضع حد لما سماه المصدر «تهديد الأمن والاستقرار من خلال الدعوات العنصرية والفئوية»، ونفى في نفس الوقت أن تؤدي الخطة إلى «المساس بحقوق وحريات المواطنين»، وفق تعبيره.

وكان الأمن الموريتاني قد اعتقل يوم 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي 3 نشطاء في الحركة الحقوقية، في عدد من مساجد نواكشوط، واتهمتهم بـ«إزعاج المصلين والتحريض على الكراهية والتمرد ضد قوات الأمن»، وذلك إثر أحداث اندلعت عندما سعت الحركة الحقوقية لتنظيم محاضرات حول العبودية في هذه المساجد.

وأعلنت وزارة الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي في موريتانيا (وزارة الأوقاف) آنذاك رفضها تحويل المساجد إلى منابر لمن وصفتهم بـ«السياسيين المتطرفين»؛ فيما قالت الحركة الحقوقية إنها تسعى من وراء محاضراتها لتوضيح وجهة نظرها فيما تسميه «فقه العبودية».

من جهة أخرى، اشتهرت الحركة الحقوقية التي تعرف اختصارا بـ«إيرا»، بوجهة نظرها المتطرفة في مكافحة العبودية بموريتانيا، حيث سبق أن هاجم زعيمها ولد اعبيدي عددا من أبرز العلماء والفقهاء الموريتانيين.

وتثير الحركة، التي تضم في صفوفها عددا من شباب العبيد السابقين، الكثير من الجدل في موريتانيا، وقد بدأت نشاطها كحركة حقوقية تناهض العبودية، وحاولت منذ أشهر دخول معترك السياسة بعد أن ترشح زعيمها ولد اعبيدي للانتخابات الرئاسية في يونيو (حزيران) الماضي، وحصل على نسبة 8 في المائة من أصوات الموريتانيين.

يذكر أنه جرى إلغاء العبودية رسميا في موريتانيا عام 1981، ولكنها ظلت تمارس في البلاد خاصة في المناطق الداخلية والأرياف. وفي عام 2007 أصدر قانون يجرم العبودية ويحدد عقوبات بالسجن وغرامات في حق من يدان بممارسة الرق؛ وفي آخر خطوة نحو محاربة العبودية أضيف تجريمها عام 2012 إلى الدستور الموريتاني. إلا أن أغلب المنظمات الحقوقية الناشطة في موريتانيا ترى أن هذه القوانين لا تزال غير مطبقة، ويفسرون ذلك بغياب «إرادة سياسية جادة» لتطبيق هذه القوانين، وذلك ما تنفيه الحكومة التي تؤكد أن العبودية لم تعد موجودة في موريتانيا وإنما توجد «مخلفاتها».