كيري يبحث مع العاهل الأردني ونتنياهو وأبو مازن مساعي تحقيق السلام

اللقاءات تطرقت إلى سبل إزالة التوتر في القدس وإحياء المفاوضات بين الجانبين

الملك عبد الله الثاني خلال لقائه مع جون كيري وبنيامين نتنياهو أمس في عمان (أ ب)
TT

احتضنت العاصمة الأردنية أمس لقاءات واجتماعات ماراثونية خصصت لبحث تطورات الوضع في القدس، وقضية بناء المستوطنات والاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى، بدأت بلقاء العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الذي التقى أيضا الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وأجرى معه محادثات حول الوضع الأمني في فلسطين، ثم تطورت الأمور بعد ذلك في المساء بعقد لقاء ثلاثي جمع بين العاهل الأردني وجون كيري ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وخلال لقائه مع جون كيري، الذي زار عمان أمس، أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني على أهمية دور الولايات المتحدة في تهيئة الظروف المناسبة لإعادة إطلاق مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، استنادا إلى حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية، وصولا إلى حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية، التي لا تزال تشكل جوهر الصراع في المنطقة.

وأوضح الملك عبد الله الثاني خلال المباحثات التي أجراها مع كيري أن بلده مستمر في التنسيق والتشاور مع مختلف الأطراف ذات العلاقة في إطار مساعيه لإحياء مفاوضات السلام، مما يتطلب توجها إسرائيليا فعليا وحقيقيا يصب في هذا الاتجاه، ويتمثل في وقف إجراءاتها الأحادية، واعتداءاتها المتكررة على المقدسات في القدس، وخصوصا تلك التي تستهدف الحرم القدسي والمسجد الأقصى المبارك، وهي الاعتداءات التي يرفضها الأردن بالكامل انطلاقا من الوصاية الهاشمية على هذه المقدسات.

وأكد العاهل الأردني أنه لا بديل عن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، سبيلا مثلى ووحيدة نحو تحقيق السلام المنشود.

وتناولت المباحثات بين كيري والعاهل الأردني التطورات الراهنة في الشرق الأوسط، ومساعي تحقيق السلام، والجهود الإقليمية والدولية المتصلة بمكافحة الإرهاب. كما أوضح كيري للعاهل الأردني جهود الولايات المتحدة وتحركاتها المتصلة بتحقيق السلام في المنطقة، إضافة إلى جهودها ضمن التحالف الدولي لمحاربة التنظيمات الإرهابية المتطرفة.

وحسب بيان للديوان الملكي، فإن كيري أعرب عن تقديره لدور الأردن في دعم مساعي تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وجهوده الفاعلة في التصدي للفكر الإرهابي ومحاصرة التطرف.

وكان كيري قد عقد أمس أيضا لقاء مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مقر إقامته بالعاصمة الأردنية عمان تناول العملية السياسية، ومجمل التطورات والأوضاع العامة في فلسطين والمنطقة، حسب بيان مقتضب للسفارة الفلسطينية في عمان.

وقال نبيل أبو ردينة، الناطق باسم الرئاسة، في تصريحات صحافية، إن «اللقاء جزء من استمرار الاتصالات الفلسطينية - الأميركية، والرئيس عباس أكد للوزير الأميركي أن القدس والمقدسات هي خط أحمر، وأن التصعيد الإسرائيلي يجب وقفه ولا يجوز السماح لإسرائيل باستمرار هذا التصعيد».

وتابع أبو ردينة موضحا أن الموقف الفلسطيني وقرار القيادة الفلسطينية هو الذهاب إلى مجلس الأمن، طالما أن الأمور عالقة، ولا تسير في الاتجاه الصحيح بسبب السياسة الإسرائيلية.

يذكر أن مشاورات واسعة تجري بين الجانب الفلسطيني وعدد من الدول تمهيدا لتقديم مشروع قرار فلسطيني - عربي إلى مجلس الأمن الدولي يحدد نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 سقفا زمنيا لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضي 1967. ومن المتوقع تقديم مشروع القانون إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في وقت لاحق هذا الشهر، وذلك بعد استكمال المحادثات مع فرنسا التي يتوقع أن تقود الموقف الأوروبي بهذا الشأن.

وكان الرئيس عباس قد التقى العاهل الأردني عبد الله الثاني، أول من أمس، وناقشا جهود تحقيق السلام، ومجمل التطورات الراهنة في المنطقة والقضايا التي تهم الجانبين.

ومساء أمس التقى العاهل الأردني جون كيري، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في اجتماع ثلاثي جرى خلاله بحث سبل إعادة الهدوء، وإزالة أجواء التوتر في القدس، إضافة إلى تهيئة الظروف الملائمة لإحياء مفاوضات السلام بين الجانب الفلسطيني والإسرائيلي، حيث أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي التزام إسرائيل بالحفاظ على الوضع القائم في الأماكن المقدسة في القدس الشرقية، وعدم المساس بها بأي شكل من الأشكال، واحترام الدور الأردني الهاشمي التاريخي في الحفاظ على الأماكن المقدسة في القدس ورعايتها.

وشدد الملك عبد الله الثاني خلال الاجتماع على ثوابت الموقف الأردني تجاه الوضع في مدينة القدس، المستند إلى الوصاية الهاشمية على المقدسات في المدينة، مجددا التأكيد على أهمية التزام الجانب الإسرائيلي باتخاذ الإجراءات العملية اللازمة للحفاظ على الوضع القائم في القدس، خصوصا في المسجد الأقصى ومحيطه.

كما أكد الملك عبد الله الثاني، خلال الاجتماع الذي استمر أكثر من ساعتين ونصف الساعة، مركزية القضية الفلسطينية باعتبارها جوهر النزاع في المنطقة، وضرورة العمل بأسرع ما يمكن، وبدعم من الولايات المتحدة والأطراف ذات العلاقة والمجتمع الدولي، على تذليل جميع العقبات التي تقف حائلا أمام جهود السلام واستئناف المفاوضات المباشرة وفق حل الدولتين، وقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية، وصولا إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية.

وتخلل الاجتماع الثلاثي اتصال هاتفي مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ركز على التطورات الراهنة في منطقة الشرق الأوسط، خصوصا مساعي تحقيق السلام والوضع في القدس، وجهود مكافحة التطرف والحركات الإرهابية ومحاصرة فكرها.

وعبر الملك عبد الله الثاني خلال الاتصال الهاتفي مع الرئيس السيسي عن إدانته الشديدة للاعتداءات الإرهابية التي استهدفت أخيرا مواقع مختلفة في مصر، مؤكدا وقوف الأردن ومساندته للأشقاء المصريين في التصدي لكل ما يستهدف أمنها واستقرارها.

وقال السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي تلقى اتصالا هاتفيا من العاهل الأردني خلال الاجتماع الذي عقده وضم رئيس الوزراء الإسرائيلي، ووزير الخارجية الأميركي جون كيري.

وقد أطلع المجتمعون الرئيس على المشاورات التي أجروها، والتي تركزت حول ضرورة التوصل إلى تهدئة الأوضاع بالقدس الشرقية، والحفاظ على الوضع القائم وهوية المسجد الأقصى لتجنب مخاطر الانزلاق نحو تصعيد الموقف والآثار الوخيمة التي قد تترتب على ذلك.

كما تم التشاور حول الأفكار المطروحة بشأن استئناف العملية التفاوضية الفلسطينية - الإسرائيلية، حيث أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي على أهمية التوصل إلى حل نهائي للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي على أساس حل الدولتين، الذي يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة تكون عاصمتها القدس الشرقية، ويكفل للدولتين العيش في سلام وأمن، ويفتح الطريق أمام استكمال تفعيل المبادرة العربية للسلام، كما أبرز دعم مصر المستمر لخيارات الشعب الفلسطينى التي تعبر عنها قيادته.

ويأتي هذا اللقاء متابعة للجهود الكبيرة التي يبذلها الملك عبد الله الثاني، حفاظا على القدس والمقدسات فيها، خصوصا الحرم القدسي والمسجد الأقصى، وفي إطار الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس، والإجراءات والاتصالات واللقاءات المكثفة التي يجريها مع الأطراف الإقليمية والدولية المؤثرة.