أوباما ينتقد بطء الإصلاحات في ميانمار ويشير لمعاناة مسلمي الروهينغا

الرئيس الأميركي يلتقي زعيمة المعارضة سو تشي اليوم بعد مشاركته في «قمة آسيان»

TT

حذر الرئيس الأميركي باراك أوباما قادة ميانمار من تراجع الإصلاحات الديمقراطية في البلاد، وذلك قبيل قمة منتدى دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) الذي يفترض أن يبرز انتقال البلاد من العزلة التي كان يفرضها الحكم العسكري سابقا. وتزامنا مع هذا الحدث، حثت الولايات المتحدة ميانمار على وضع خطة جديدة لمنح الجنسية لأقلية الروهينغا العرقية المسلمة وإلغاء خطة مقترحة لإرسالهم إلى معسكرات احتجاز إذا رفضوا الإقرار بأنهم من أصول بنغالية.

وكان مفترضا أن يجتمع أوباما مع رئيس ميانمار ثين سين على هامش قمة دول شرق آسيا في نايبيداو وأيضا مع قادة آخرين من جنوب شرقي آسيا. وفي مقابلة مع موقع «ذي إيراوادي» الإخباري في ميانمار نشرت قبيل وصول أوباما إلى البلاد، وجه الرئيس الأميركي انتقادات شديدة لوتيرة الإصلاحات في البلاد. وقال أوباما إن «التقدم لم يحصل بالسرعة المأمولة عند بدء العملية الانتقالية قبل 4 سنوات. في بعض النواحي، هناك تباطؤ في الإصلاحات وفي أخرى تراجع حتى». وأضاف: «إلى جانب القيود على حرية الصحافة، ما زلنا نرى انتهاكات لحقوق أساسية وانتهاكات عرقية، إضافة إلى تقارير عن عمليات قتل واغتصاب وسخرة دون معاقبة»، وهي إشارة واضحة إلى معاناة أقلية الروهينغا.

ويفترض أن يقدم أوباما اليوم (الجمعة) دعم بلاده لزعيمة المعارضة السابقة وحائزة جائزة نوبل للسلام أونغ سان سو تشي، حيث من المقرر أن يتوجه للقائها في مدينة رانغون. وكانت سو تشي حذرت قبل قدوم أوباما من «التفاؤل المبالغ به» حول الديمقراطية في ميانمار وذلك قبل انتخابات عامة مقررة العام المقبل في البلاد. واعتبر أوباما أن العملية الإصلاحية التي بدأت عند تولي ثين سين الحكم في 2011 هي مثال على الآثار الإيجابية للالتزام الأميركي. وكانت الإدارة الأميركية قامت في السنوات الأخيرة بتغيير «محور» السياسية الخارجية نحو آسيا، واعتبرت حتى الآن أن الخطوات الأولى التي تقوم بها بورما نحو الديمقراطية مثال على نجاح هذه الاستراتيجية. ورفعت غالبية العقوبات الغربية عن ميانمار بعد الإفراج عن معظم المعتقلين السياسيين والتخفيف من القيود المشددة على الصحافة مما أفسح المجال أمام العديد من الاستثمارات غير المعهودة في البلاد. وكان أوباما أول رئيس أميركي يزور ميانمار خلال ولايته في 2012، عندما التقى سو تشي أيضا في رانغون، وذلك ضمن جهوده من أجل تشجيع الإصلاحات. إلا أن ميانمار التي عاشت تحت القمع العسكري لنصف قرن تقريبا، تواجه اتهامات متزايدة حول تعثر عمليتها الانتقالية الطموحة. وندد ناشطون بملاحقة متظاهرين وصحافيين، بينما قتل صحافي برصاص الجيش الشهر الماضي في منطقة حدودية تشهد توترا.

والقلق الدولي يتمحور خصوصا حول أقلية الروهينغا المسلمة والعالقة في مخيمات بائسة في ولاية راخين (غرب) بعد سلسلة من أعمال العنف مع السكان البوذيين قبل عامين. وتفرض خطة عمل ولاية راخين أن يقر الروهينغا بأنهم من أصول بنغالية إذا أرادوا محاولة الحصول على الجنسية وهو تعبير يرفضه معظمهم لأنه يشير إلى أنهم مهاجرون من بنغلاديش على الرغم من إقامتهم في ميانمار منذ أجيال. وقال نائب مستشار الأمن القومي للاتصالات الاستراتيجية بن رودس، إن الخطة تنتهك «الحقوق العالمية» وتقوض جهود ميانمار الإصلاحية. وصرح للصحافيين في نايبيداو على هامش مؤتمر آسيان: «نريد خطة جديدة تسمح للروهينغا بأن يصبحوا مواطنين من خلال عملية طبيعية دون الحاجة إلى أن يصنفوا أنفسهم».

وأثار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أول من أمس مع قادة ميانمار «القضية الإنسانية الخطيرة» التي يطرحها الروهينغا الذي يقيم قرابة 140 ألفا منهم في مخيمات غير صالحة. وقال أمام صحافيين في نايبيداو: «لقد شجعت قادة بورما على احترام حقوق الإنسان واتخاذ موقف قوي ضد أعمال التحريض وضمان وصول العمال الإنسانيين إلى الروهينغا الذين يعيشون في ظروف صعبة».

من جهتها، تنشط سو تشي لتغيير الدستور الذي يعود إلى الحكم العسكري والذي يمنعها من الترشح للرئاسة حتى لو فاز حزبها في الانتخابات، كما أنه يخصص ربع مقاعد مجلس النواب لجنود لم يتم انتخابهم. وألقى هذا القلق بظلاله على القمة التي أرادت حكومة ميانمار أن تكون القمة بمثابة احتفال بالإنجازات الديمقراطية للبلاد هذا الأسبوع مع استضافة أكبر حدث يشارك فيه قادة دوليون منذ بدء الإصلاحات. وكان ثين سين استقبل قادة 9 دول أخرى من رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) أول من أمس.

ويقوم أوباما بجولة على دول آسيا المحيط الهادي بدأت في بكين مع منتدى التعاون الاقتصادي لدول جنوب شرقي آسيا (آبيك) وكان أعلن خلالها اتفاقا غير متوقع حول المناخ مع نظيره الصين تشي جينبينغ. وبعد انتهاء زيارته إلى ميانمار، يفترض أن يتوجه أوباما إلى أستراليا اليوم (الجمعة) للمشاركة في قمة «مجموعة العشرين».