فرنسا تسعى للحصول على موافقة الأردن لنشر طائرات قتالية

تود خفض نفقات مشاركتها في العمليات الجوية

TT

عندما قررت الولايات المتحدة في يونيو (حزيران) الماضي إقامة تحالف دولي لمحاربة تنظيم داعش عقب استيلائه على الموصل وعلى أجزاء واسعة من العراق، كانت فرنسا أول دولة تعلن انضمامها للتحالف.

بيد أن باريس انتظرت طويلا قبل إرسال 6 من طائراتها المرابطة في قاعدة الظفرة في الإمارات العربية المتحدة للمشاركة في الضربات الجوية في العراق، باعتبار أن باريس ليست ضالعة في العمليات الجوية في سوريا. لكن المشاركة الفرنسية تبدو حتى الآن ضعيفة للغاية، رغم أن باريس عمدت إلى زيادة وسائلها الجوية المرابطة في المنطقة، وهي تتألف اليوم من 9 طائرات رافال متعددة المهام، ومن طائرة رادار وأخرى للتزود بالوقود في الجو وطائرة رقابة بحرية، فضلا عن فرقاطة عسكرية مرابطة في مياه الخليج.

ويجمع الخبراء والمراقبون على أن ضعف المشاركة يعود بشكل رئيس لسببين، الأول: ضعف الإمكانيات المادية الفرنسية في زمن تجهد فيه الحكومة لتقديم موازنة مقبولة تحترم القواعد الأوروبية لجهة نسبة العجز، والثاني: المسافة الطويلة التي يفترض بالطائرات أن تقطعها قبل الوصول إلى شمال العراق، ما يعني زيادة كلفة المحروقات وساعات الطيران. ولذا، فإن باريس تسعى، وفق ما أعلنه أمس ناطق باسم رئاسة الأركان في المؤتمر الصحافي الأسبوعي لوزارة الدفاع، إلى الحصول على موافقة الأردن من أجل مرابطة بضع طائرات فرنسية على إحدى قواعده، ما سيقصر المسافة ويحقق وفرا بالكلفة.

وقال الكولونيل جيل جارون، الناطق باسم رئاسة الأركان، إن وزارة الدفاع «تدرس إمكانية نشر (مقاتلات) في الأردن، ما سيسمح بتقصير مدة الطيران اللازمة بين لحظة الإقلاع ولحظة تنفيذ المهمة فوق العراق». بيد أن المسؤول العسكري الفرنسي سارع للقول إن هذا الأمر «لم يتحقق بعد؛ إذ إنه قيد الدرس ويفترض حوارا بين فرنسا والأردن». ونقلت وكالة أنباء رويترز عن مصدر دبلوماسي أن عملية الانتشار «يمكن أن تتم مع نهاية الشهر الحالي». وقال مصدر دبلوماسي آخر لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات الجيدة التي تربط باريس وعمان تجعلنا متفائلين بتحقيق هذه الخطة سريعا جدا». وسبق للولايات المتحدة أن نشرت قوة جوية وأخرى صاروخية في الأردن بناء على طلب سلطات هذا البلد.

ينتظر أن تعزز باريس وجودها الجوي بنشر طائرات ميراج «ما بين 3 و6». وإذا ما تحقق هدفها، فإنه ستتوافر لها الإمكانيات بزيادة عمليات الاستطلاع وتحديد الأهداف بوسائلها الخاصة، وهو الأمر الذي تحرص عليه وزارة الدفاع. ومشكلة فرنسا تكمن في تعدد عملياتها العسكرية، خصوصا في أفريقيا، حيث قواتها منخرطة في مالي منذ بداية عام 2013، وفي أفريقيا الوسطى هذا العام فضلا عن قيامها بإعادة نشر قواتها في 6 بلدان أفريقية بحيث توجه نشاطاتها لمحاربة التنظيمات الجهادية في بلدان الساحل. يضاف إلى كل ذلك الدور الفرنسي في العراق غير المقتصر فقط على العمليات الجوية، بل يشمل أيضا كلفة نشر عدة مئات من المشاة لأغراض التدريب والمساندة للقوات العراقية والكردية في الشمال العراقي. وأخيرا، قررت باريس تأهيل قاعدة عسكرية شمال النيجر، قريبا من الحدود الليبية لمراقبة المثلث الحدودي الجزائري - المالي - النيجيري حيث يعتبر الطرف الفرنسي أن الجنوب الليبي تحول إلى «حديقة خلفية» للمتشددين في الساحل يتدربون فيه ويرتاحون ويتزودون بالسلاح.

بيد أن المشكلة تكمن في أن تكاثر العمليات الخارجية أفضى إلى استنزاف المخصصات المرصودة في ميزانية العام الحالي البالغة 450 مليون يورو. ولذا، خصصت الحكومة مبلغا إضافيا قيمته 605 ملايين يورو لتغطية العمليات الإضافية في العراق، بينما المطلوب من الوزارات الأخرى خفض إنفاقها. وهذا الوضع يفسر الرغبة الفرنسية في نشر بضع طائرات في الأردن، خصوصا أن باريس تعتبر أن الحرب في العراق وسوريا ضد «داعش» ستكون طويلة.