خلافات كردية تمنع انتقال مقاتلي «المجلس الوطني» إلى كوباني

وحدات الحماية تتقدم في القسم الشرقي للمدينة

TT

فشلت المفاوضات التي أجراها أول من أمس ممثلون عن المجلس الوطني الكردي مع وحدات حماية الشعب الكردي في كوباني بشأن إرسال المجلس 200 مقاتل كردي، إلى المدينة للقتال إلى جانب الوحدات، وذلك، بسبب رفض قياديي المدينة أن يكون لمقاتلي المجلس استقلاليتهم العسكرية على الأرض وإصرارهم على أن يكونوا تحت مظلّة قيادة الوحدات، كما أعلن محمد إسماعيل عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني سوريا، بينما استمرت الاشتباكات بين الأكراد و«داعش» في كوباني على وقع ضربات التحالف الدولي ضد الإرهاب، وتمكّنت وحدات حماية الشعب من تحقيق تقدّم في القسم الشرقي للمدينة.

وأشار إسماعيل في اتصال مع «الشرق الأوسط» إلى أنّ المباحثات الداخلية بين الأحزاب التي تشكل المجلس الوطني الكردي (بينها الديمقراطي الكردستاني) مستمرة بشأن البدء بتنفيذ اتفاقية «دهوك» التي تنص على تشكيل مرجعية سياسية وعسكرية مشتركة، على أن تصدر قرارات جديدة إيجابية بشأنها في الأيام القليلة المقبلة.

وكان الأمين العام لوزارة البيشمركة في حكومة إقليم شمال العراق جبار ياور، قد كشف في حديث لـ«وكالة الأناضول» التركية قبل نحو أسبوعين، أن الوزارة تقدم تدريبا عسكريا لقوات مسلحة تابعة للمجلس الوطني الكردي في سوريا. وقال: «ندرب على أراضينا قوات مسلحة قوامها قرابة 3 آلاف مقاتل تابعة للمجلس الوطني الكردي في سوريا، ممن يقاتلون في المناطق الشمالية ذات الغالبية الكردية».

وكانت اتفاقية توحيد المرجعية الكردية قد وقعت قبل أسبوعين، في مدينة دهوك بإقليم كردستان العراق برعاية مسعود بارزاني رئيس الإقليم، بين «حركة المجتمع الديمقراطي» (تضم 12 حزبا بينها الاتحاد الديمقراطي) من جهة و«المجلس الوطني الكردي» من جهة أخرى، على أن يمثّل كلا الطرفين 12 عضوا في هذه المرجعية، لكن خلافات عادت وظهرت بسبب إصرار الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يشكّل أحد أبرز أحزاب المجلس الوطني، على تمثيله بـ4 أعضاء، ما تسبب بخلافات في المجلس، وفق ما أشار إليه الناطق الإعلامي باسم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي نواف خليل في حديثه لـ«الشرق الأوسط».

وهو ما أوضحه إسماعيل، مشيرا إلى أنّ المباحثات الأخيرة بين الفريق الواحد، أدّت إلى تنازل الحزب الكردستاني عن مقعدين له وأن يقبل فقط باثنين لتمثيله في المرجعية التي يعمل على تأسيسها، لافتا إلى أنّ هذا الأمر سيطرح في اجتماع المجلس الوطني الكردي وإذا لم يتّفق عليه سيحال بعدها إلى التصويت، على أن تبدأ بعدها الخطوات التنفيذية لإنشاء المرجعية المشتركة.

مع العلم أنّ المجلس الوطني الكردي في سوريا المقرّب من بارزاني، كان قد تأسس في أكتوبر (تشرين الأول) 2011. إثر انعقاد المؤتمر الوطني الكردي في مدينة القامشلي، بينما أعلن عن الحزب الديمقراطي الكردستاني إثر عملية دمج 4 أحزاب كانت قد أعلنت عن نفسها تحت إطار الاتحاد السياسي الديمقراطي الكردي في سوريا. ولفت خليل إلى أنّه وبعد التوصل إلى اتفاق نهائي ستكون هذه المرجعية هي الجهة الوحيدة المخولة في بحث الأوضاع العسكرية والسياسية في كوباني وفي «الإدارة الذاتية الكردية»، والتي كان قد أعلن عنها في بداية العام الحالي في شمال شرقي سوريا.

وفي يونيو (حزيران) 2012. كان المجلس الوطني الكردي وقّع اتفاقية تعاون مع مجلس شعب غربي كردستان، وهي الهيئة التي أنشأها حزب العمال الكردستاني في تركيا. ويتبع حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، المنافس الرئيسي للمجلس الوطني الكردي في سوريا، لحزب العمال الكردستاني.

وتُمثّل هذه الاتفاقات، وفق ما رأت مؤسسة «كارنيغي للسلام الدولي»، والتي تمت برعاية مسعود بارزاني، محاولة لتشكيل جبهة كردية موحّدة والتوصّل إلى حلّ لتقاسم السلطة بين المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي. لكن في الوقت عينه رأت المؤسسة أنّ «سلوك حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي شنّ هجمات جسدية ضد بعض المعارضين الأكراد في سوريا، أظهر أن الاتفاق لم يكن يطبّق على أرض الواقع، ويفسّر استمرار التوتّرات بين الفصيلين الكرديين الرئيسيين».

في غضون ذلك، استمرّت الاشتباكات بين مقاتلي «داعش» ووحدات الحماية على وقع استهداف طائرات التحالف ضدّ الإرهاب لمواقع التنظيم في المدينة الكردية.

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن وحدات الحماية تمكنت بعد منتصف الليل من التقدم في منطقة البلدية في القسم الشرقي للمدينة، عقب اشتباكات مع عناصر التنظيم.

وقال المرصد، إن الاشتباكات العنيفة تواصلت أمس بين مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي وتنظيم داعش في الجبهة الجنوبية لكوباني، بينما استمرت بشكل متقطع في عدة محاور بالقسم الشرقي للمدينة بالتزامن مع قصف من قبل قوات البيشمركة الكردية ووحدات الحماية على تمركزات «داعش» في الريف الغربي للمدينة، وسط قصف من قبل عناصر التنظيم على مناطق في المدينة بـ8 قذائف على الأقل صباحا.

وقالت القيادة المركزية الأميركية أمس، إن القوات التي تقودها الولايات المتحدة نفذت 10 غارات جوية قرب كوباني أصابت 8 وحدات صغيرة للدولة الإسلامية وألحقت أضرارا بـ3 مواقع قتالية ودمرت منشأة لخدمات النقل والإمداد. وتخضع كوباني لحصار المتشددين السنة منذ أكثر من 50 يوما.

وفشلت ضربات جوية تقودها الولايات المتحدة على مدار أسابيع في كسر قبضتهم ويأمل الأكراد في أن يؤدي وصول البيشمركة قبل نحو أسبوعين، الذي رحبت به واشنطن إلى تحويل دفة الأمور.