أعداء الاستقرار

TT

* فيما يخص مقال سليمان جودة «ليت (النهضة) التونسية تعيش بيننا»، المنشور بتاريخ 13 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أود الإيضاح بالقول: إنه إذا كان راشد الغنوشي حذرا في تصريحاته التي تخص الشأن التونسي لتأثيرها المباشر على حزبه النهضة، فإن لغطه عن الشأن المصري يفضح توجهه وتوجه النهضة الحقيقي حتى داخل تونس؛ إذ المبدأ لا يتغير بتغير المكان، هو دائما ما يزعم ويردد أن ما حدث في مصر في 30 يونيو (حزيران) انقلاب عسكري، بالطبع قد رأى مثلما رأى العالم بأسره تلك الملايين التي خرجت تطالب بسقوط حكم المرشد، ملايين فاق عددها تلك التي خرجت في 25 يناير (كانون الثاني) وصعد على أكتافها الإخوان. واقعة أخرى بعد الثورة التونسية مباشرة، إذ ذهب إلى أميركا وفضفض بمكنون قلبه لمستمعيه الذين حاضرهم بعد أن أخذ المواثيق على منظمي اللقاء ألا يفشوا ما سيتحدث به، هذه وحدها تؤكد أن الرجل الذي يقود النهضة غير صريح ويفصح بغير ما يبطن، فما بالك بمن دونه؟ ثم بعد أن أعطوه مواثيقه راح يعيب ويتوعد دول الخليج، وعلى ما يبدو فإن مضيفيه أرادوا أن يلقنوه درسا في الأخلاق فنقلوا حديثه ليصل إلى المنطقة قبل أن يصلها هو، وكان اعتذاره تأكيدا للواقعة. هذا الرجل كغيره من الإخوان يعتقد اعتقادا جازما أنهم في منطقتنا أحق الناس بالولاية، وأن أي نظام حكم آخر غير حكمهم غير شرعي لا بد من إسقاطه ولو بعد حين، وفعلا إنه احتيال وليست مرونة. ثم إن مقارنته الانتكاسة التي مني بها حزبه بصلح تم بين المسلمين والمشركين وهو صلح الحديبية ليعكس بدقة نظرة الإخوان لغيرهم؛ نظرة إقصائية عدائية تكفيرية في أسوأ أحوالها.. نظرة تفسد ضمائرهم وتجعلهم يقدمون بكل حماس وقوة على استباحة الدماء وحرق الأوطان وكأنها ديار حرب، وهذا ما فعلوه ولا يزالون يفعلونه بمعارضيهم في مصر وليبيا، ومن قبل في السودان وفلسطين، انظر كيف يتفننون في إحراق مصر وليبيا، ذلك لأنهم يعتقدون أنهم وحدهم المسلمون، لا عجب إذن إذا قالوا سنحرق مصر لو فاز المرشح الرئاسي حينها الفريق أحمد شفيق، وليست تونس باستثناء وكل ما هنالك أن غنوشي تونس يبدو لي أكثر دهاء من غنوشي مصر السابق، لكن مهما بلغ من دهاء، فإن فلتات لسانه تسقط عن وجهه تلك الأقنعة التي يتفنن في لبسها ليبدو ديمقراطيا يؤثر مصلحة الوطن على الجماعة زاهدا في الحكم، إلى آخر مزاعمه. من شاهد تلك المناظرة التي جمعته بعمرو موسى وكيف تطاول عليه عندما انبرى يفند افتراءاته على 30 يونيو، وكيف أسكت موسى بطريقة بدت غير أخلاقية، من شاهدها يعلم أنه لا خير يرجى من جماعة يقودها أي غنوشي في أي مكان أو زمان.

أكرم الكاتب - فرنسا [email protected]