واشنطن: عزل قادة عسكريين في العراق يمكن أن يرفع معنويات الجيش ويجذب السنة

القوات العراقية تستعيد السيطرة على مدينة بيجي الاستراتيجية

الفريق الركن عبد الأمير الشمري القائد الجديد لعمليات بغداد وهو يشرح خططه العسكرية في مقر القيادة العامة للقوات المسلحة أول من أمس (أ.ب)
TT

استعادت القوات العراقية أمس (الجمعة) السيطرة على مدينة بيجي الاستراتيجية شمال بغداد والقريبة من كبرى مصافي النفط بعد أشهر من سيطرة تنظيم داعش عليها، بحسب ما أفاد به مسؤولون عراقيون لوكالة الصحافة الفرنسية.

وقال أحمد الكريم، رئيس مجلس محافظة صلاح الدين، حيث تقع المدينة، إن «القوات العراقية تمكنت اليوم (أمس) من استعادة السيطرة بالكامل على مدينة بيجي بعدما فر مسلحو (داعش)»، وذلك بعد أكثر من أسبوعين من المعارك.

من جهته، عبر وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل أول من أمس عن تفاؤله في أن يسمح عزل عشرات القادة العسكريين العراقيين برفع معنويات الجيش وجذب السنة إلى محاربة تنظيم داعش مع تجدد الجهود الأميركية لتدريب قوات الأمن العراقية.

لكن هيغل واجه أسئلة صعبة من نواب أميركيين شككوا في استراتيجية الحرب، وخصوصا فيما إذا كانت القوات العراقية قادرة على تولي مهمة دحر جهاديي تنظيم داعش بعدما انتهت محاولات واشنطن السابقة لتدريب الجيش إلى فشل.

وقالت النائبة الديمقراطية عن كاليفورنيا لوريتا سانشيز: «ماذا تغير؟ ماذا نتعلم من واقع أن الأمور لم تسر على ما يرام في أفغانستان ولم تسر على ما يرام في العراق؟».

وأكد هيغل أن الظروف مختلفة مما كانت عليه عند آخر تدخل أميركي في العراق بما في ذلك وجود حكومة عراقية تبدو مستعدة للعمل مع المجموعتين السنية والكردية، والتهديد الذي يشكله تنظيم داعش الذي تطلب ردا دوليا عليه.

وقال هيغل أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب الأميركي، إن «هذا الوزير الجديد للدفاع وهذه الحكومة الجديدة يقومان بإعادة بناء قيادة القوات الأمنية العراقية»، مشيرا بذلك إلى وزير الدفاع العراقي الجديد خالد العبيدي.

وأشار إلى إعلان بغداد الأربعاء الماضي عزل 36 قائدا عسكريا لأسباب مرتبطة بـ«مكافحة الفساد»، في أكبر عملية تطهير للمؤسسة العسكرية منذ تراجعها في مواجهة تنظيم داعش. وأضاف أن هذه الخطوة تدل على إصلاح «على رأس» القيادة العسكرية، معتبرا إن «هذه التغييرات جوهرية».

وتابع هيغل أن وزير الدفاع العراقي «يتجه» نحو تشكيل حرس وطني يعطي سلطات أوسع للعشائر السنية في محافظة الأنبار غرب البلاد، حيث استغل تنظيم داعش استياء السكان المحليين من الحكومة التي يقودها الشيعة في بغداد.

ورأى هيغل أن العبادي اتخذ «خطوات في الاتجاه الصحيح» للانفتاح أكثر على السنة، لكنه أكد ضرورة القيام بمزيد من الإصلاحات السياسية.

وكان بيان أعلن أن العبادي القائد العام للقوات المسلحة أصدر «أوامر ديوانية بإعفاء 26 قائدا من مناصبهم وإحالة 10 قادة إلى التقاعد»، من دون تحديد مناصب هؤلاء أو رتبهم، أو ما إذا كانوا مسؤولين عن وحدات مقاتلة أو يشغلون مناصب إدارية.

وعين العبادي 18 قائدا في مناصب جديدة بوزارة الدفاع، في إطار التوجهات لتعزيز عمل المؤسسة العسكرية على أسس المهنية ومحاربة الفساد بمختلف أشكاله.

وأكد وزير الدفاع الأميركي، أن الحرب الجوية التي تجري بقيادة الولايات المتحدة ستتصاعد بعد تعزيز الجيش العراقي. وقال إن «الحملة الجوية للتحالف ستتسارع بالوتيرة والكثافة بالتزامن مع تعزيز القوات العراقية تدريجيا».

ويقول القادة العسكريون الأميركيون، إن الجيش العراقي ليس مستعدا بعد للقيام بعمليات كبيرة لاستعادة الأراضي التي خسرها، وإن الحملة الجوية كانت محدودة حتى الآن. وقد شن التحالف في إطار هذه الحملة أكثر من 800 ضربة في العراق وسوريا منذ الثامن من أغسطس (آب) الماضي.

وأدى الهجوم الكاسح لتنظيم داعش في يونيو (حزيران) إلى انهيار الكثير من قطعات الجيش العراقي، ولا سيما في محافظة نينوى (شمال)، حيث انسحب الضباط والجنود من مواقعهم تاركين خلفهم كميات كبيرة من الأسلحة (بينها مدافع ومدرعات)، وقعت بأيدي مقاتلي التنظيم المتطرف.

وقال الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة أركان الجيش الأميركي، في جلسة الاستماع ذاتها في مجلس النواب الخميس الماضي، إن الجيش العراقي شهد انهيارا بسبب «القيادة الفاسدة» والشعور السائد بأن تنظيم داعش «لا يمكن وقفه».

وأضاف أن ضربات الولايات المتحدة والتحالف ضد الإرهابيين أوقفت تقدم تنظيم داعش، مؤكدا أنه «يمكننا النهوض من التقصير الذي أظهره» الجيش العراقي.

وانتقد نواب جمهوريون بشدة البيت الأبيض لاستبعاده إرسال قوات أميركية للقتال على الأرض، وسألوا ديمبسي ما إذا كان سيدعم مثل هذه الخطوة إذا تبين أنها ضرورية. ورد الجنرال الأميركي بأن إرسال قوات أميركية صغيرة للقتال مع القوات المحلية يبقى خيارا يمكن النظر فيه، وخصوصا عندما تشن القوات العراقية والكردية هجوما مضادا لاستعادة مدينة الموصل أو مناطق على طول الحدود السورية.

وقال ديمبسي: «لا أقول إنني سأوصي في هذه المرحلة بأن القوات في الموصل وعلى طول الحدود ستحتاج إلى مواكبة من القوات الأميركية، لكننا بالتأكيد ننظر في هذا الأمر». إلا أنه قال إنه هو وقادة عسكريين آخرين لم يؤيدوا إرسال قوات ميدانية كبيرة. وحذر الجنرال الأميركي من عواقب وخيمة إذا لم تتمكن حكومة بغداد من الوفاء بوعودها بإشراك السنة والأكراد بشكل أكبر في عملية صنع القرار.

وقال إنه من الضروري أن تبلور الحكومة العراقية «نيتها إقامة حكومة وحدة وطنية». وأضاف: «يمكنني أن أتوقع من الآن، إذا لم يحصل هذا الأمر فإن القوات الأمنية العراقية لن تصمد».

وطلب الرئيس باراك أوباما من الكونغرس الموافقة على مبلغ قدره 5.6 مليار دولار لتمويل الحرب في العراق بما فيها 1.6 مليار لتسليح وتدريب القوات العراقية والكردية.

وسيتم تحريك 60 في المائة من أصل المبلغ المخصص لتجهيز القوات العراقية، أي 1.6 مليار دولار، إلى أن تقدم بغداد 600 مليون دولار تشكل مساهمتها في هذا الجهد. وبرر هيغل ذلك بالقول، إنه على «الحكومة العراقية أن توظف أموالا لأمنها ولمستقبلها».