أوكرانيا تتحسب لهجوم واسع للانفصاليين في الشرق ضدها

موسكو تتهم الأوروبيين المكلفين مراقبة الهدنة بالانحياز إلى كييف.. والمجتمع الدولي يحذر منه

النواب المنتخبون حديثا لدى عقدهم أمس أول جلسة لبرلمان «جمهورية دونيتسك» المعلنة من جانب واحد في شرق أوكرانيا (إ.ب.أ)
TT

أعلن الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو أمس أنه «لا يوجد سبب للذعر» بشأن الوضع في المناطق الشرقية المتمردة وأن لدى الجيش موارد كافية لصد أي هجوم إذا انهار وقف إطلاق النار الهش. ويسود قلق في العواصم الغربية إزاء احتمال شن الانفصاليين الأوكرانيين هجوما عسكريا واسعا في شرق أوكرانيا. وقال بوروشينكو في بيان أمس «إذا بدأت الأحداث في التدهور رغم خطة السلام فإن القوات المسلحة الأوكرانية الآن مستعدة وقادرة على صد الهجوم». وأضاف أن كييف ما زالت ملتزمة بإيجاد حل سلمي للصراع.

وكانت الأمم المتحدة أعربت يوم الأربعاء الماضي عن مخاوف «من العودة إلى حرب شاملة»، بينما أقرت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا المكلفة مراقبة تطبيق الهدنة الموقعة في الخامس من سبتمبر (أيلول) الماضي بين الجيش الأوكراني والانفصاليين على الأرض، في اليوم نفسه بأن تلك الهدنة أصبحت وهما.

إلا أن خبراء يرون أن هجوما واسع النطق ليس وشيكا لأن الموسم ليس مناسبا ولأن القوات المتواجهة ليست كافية. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن فيليب ميغو مدير الأبحاث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس قوله «لا شيء ينذر بأن المعسكرين لا ينويان قضاء الشتاء في الدفء محاولين الاحتماء من مفاجأة سيئة. كما تعلمنا من التجربة قبل مائة سنة، هذه الفترة من السنة ملائمة للاختباء في الخنادق والتحصينات والاستعداد لاستئناف العمليات في الربيع». وأكد الباحث الفرنسي أن تحركات الدبابات والشاحنات والمدافع مؤخرا «ليست كثيفة كما يقال وهي تجري من الطرفين لهدف دفاعي أساسا».

ويثير مصدر التجهيزات المجهولة الهوية انقساما في الغرب وفي روسيا اللذين يمران حاليا بأخطر أزمة منذ نهاية الحرب الباردة بينما يقول حلف شمال الأطلسي وكييف إنها قوات وتجهيزات روسية وتنفي موسكو أي تدخل عسكري في جارتها. وقال بافل فيلغينهوير المحلل العسكري المستقل في موسكو «هناك حرب مواقع واستنزاف حاليا»، مضيفا: «كي تشن عملية كبيرة أنت في حاجة إلى آلاف الدبابات وليس هناك الكثير على الأرض اليوم». وأضاف: «نظريا يمكن أن تقع عمليات كبيرة مطلع السنة في يناير (كانون الثاني) أو فبراير (شباط)، لكنني اشك أن تقع خلال الشتاء، بل في الربيع». وأكد أن الأراضي مليئة بالأوحال في شمال دونيتسك حاليا ما قد يعقد الأمور لا سيما أن روسيا لا تريد الانسياق في «نزاع طويل ودام» إلى جانب الانفصاليين الراغبين في المواجهة. وقالت الباحثة ناتاشا كوهرت في كينغز كوليج بلندن إنها لا ترجح اندلاع حرب، بل ترى في حشد القوات الحالي «تكتيكا للتخويف» من قبل موسكو «وطريقة للقول للداخل إنه يجب الاستمرار في موقف متشدد».

وأعرب مسؤول أمني أوكراني كبير طالبا عدم ذكر اسمه، عن مخاوف من هجوم قد يشنه المتمردون لاستعادة مناطق في دونيتسك ولوغانسك قبل الزحف نحو الجنوب الغربي في اتجاه شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في مارس (آذار) الماضي. لكن هذا الاحتمال الأخير في حاجة إلى الكثير من الجنود والعتاد ويقتضى وسائل كبيرة للاحتفاظ بذلك الممر. وقال: إن «طوله يبلغ 250 كلم ويلزمهم على الأقل 40 كلم عرضا، أي مساحة 10 آلاف كلم مربع. وللسيطرة على منطقة كهذه يجب نشر ما بين 20 إلى 30 ألف جندي باستمرار، وذلك كثير». ويرى ميغو أن تجميد النزاع «يخدم مصلحة الانفصاليين الروس» و«قد يستمر عشرات السنين».

من جانبها، صبت موسكو غضبها على مراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا المنتشرين في أوكرانيا، واتهمتهم أمس بدعم كييف فعليا في النزاع بين القوات الحكومية والانفصاليين المقربين من روسيا. وأبدت وزارة الخارجية الروسية في بيان «قلقها إزاء طريقة عمل البعثة الخاصة للمراقبة في أوكرانيا التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا». وقالت: «لدينا انطباع بأن كل جهودها لا هدف لها سوى تقديم المساعدة والدعم لطرف واحد في النزاع، السلطات الرسمية في كييف». وتابع البيان أن مراقبي المنظمة في أوكرانيا يقدمون في تقاريرهم «معلومات مفصلة» عن تحركات قوات المتمردين في منطقتي دونيتسك ولوغانسك شرق أوكرانيا «لكنهم يتجاهلون المعلومات عن الاستعدادات العسكرية وجمع القوات الهجومية للجيش الأوكراني». وأضاف: «إنهم لا يشيرون أيضا إلى الانتهاكات الكثيرة من قبل العسكريين الأوكرانيين ليس لاتفاق مينسك فحسب (حول وقف إطلاق النار) بل معايير القانون الإنساني الدولي». وتابع أن «سياسة إدارة البعثة هذه لا تؤدي سوى إلى تقويض الثقة في نشاطاتها». ودعت موسكو المراقبين إلى أن يتذكروا أن الهدف الرئيسي المحدد في ولايتهم هو «المساهمة في خفض التوتر وإحلال السلام والاستقرار والأمن» في أوكرانيا.