ليبيا تعلن إطلاق سراح 9 أتراك في بنغازي بطلب من الأمم المتحدة

مجلس التعاون يدين تفجير سفارة الإمارات بطرابلس

أفراد من الأمن الليبي يتفقدون موقع انفجار قنبلة محلية الصنع أمس عند نقطة تفتيش للشرطة في المرج شرق بنغازي أسفر عن إصابة مواطن ليبي بجروح طفيفة (رويترز)
TT

أعلنت الحكومة الانتقالية في ليبيا أنها بصدد تسليم 9 مواطنين أتراك إلى حكومة بلادهم، بعدما تسلمتهم، أمس، رسميا من قوات الجيش الليبي التي كانت قد اعتقلتهم قبل بضعة شهور، في مدينة بنغازي بشرق البلاد.

وقالت الحكومة التي يترأسها عبد الله الثني، في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن إجراءات تسلم الأتراك من قوات الجيش تمت، أمس، بمقرها المؤقت في مدينة البيضاء بشرق ليبيا، بحضور عدد من الوزراء ومندوبي الجيش، مشيرة إلى أنها بصدد إعادة تسليم الأتراك المفرج عنهم إلى تركيا تحت إشراف بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا التي توسط رئيسها الإسباني برناردينو ليون للإفراج عنهم.

وفى انتقاد مبطن للسياسة التركية تجاه ليبيا، دعت الحكومة جميع الدول إلى احترام السيادة الليبية والتعامل مع الشرعية التي انتخبها الشعب الليبي، بالإضافة إلى دعم جهود البعثة الأممية لتهدئة الأوضاع والمساعدة في تحقيق الأمن والاستقرار.

وأشادت الحكومة في بيانها برجال الجيش الليبي، لما وصفته بحسن معاملتهم للأتراك المعتقلين طيلة فترة احتجازهم الاحتياطي، ولتعاونهم الكامل مع الحكومة في العمل على تسلميهم إلى دولتهم حفاظا على سمعة ليبيا وعلاقاتها الدولية.

وأجلت أنقرة المئات من رعاياها بليبيا بعد تهديدات اللواء خليفة حفتر قائد عملة الكرامة التي يشنها الجيش الليبي ضد المتطرفين، حيث دعا في يونيو (حزيران) الماضي الأتراك إلى مغادرة شرق ليبيا.

وتوترت علاقات تركيا مع السلطات الشرعية في ليبيا بعد انتقاد رجب طيب إردوغان لإصرار مجلس النواب الليبي المنتخب على عقد جلساته في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي، بدلا من العاصمة الليبية طرابلس، وهو ما اعتبرته السلطات الليبية بمثابة انحياز تركي للسلطات غير الشرعية التي يمثلها المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته، وما يُسمى بحكومة الإنقاذ الوطني التي يترأسها عمر الحاسي، الموالية لجماعة الإخوان المسلمين.

وأوفدت تركيا أمر الله أيشلر مبعوثا خاصا إلى ليبيا، علما بأنه فقيه إسلامي يتحدث العربية بطلاقة، وهو من أهم مساعدي إردوغان، وتم تعيينه الشهر الماضي، وأصبح أول مبعوث يلتقي علنا بالسلطات غير المعترف بها دوليا في طرابلس، مما عزز (بحسب مراقبين) الاعتقاد بأن إردوغان عازم على المضي في سياسة دعم الحركات الإسلامية منذ انتفاضات «الربيع العربي» عام 2011، مما أضر بسمعة أنقرة في الغرب بصفتها وسيطا إقليميا.

وقال دبلوماسي إن لقاء أيشلر بعمر الحاسي رئيس الوزراء المعلن من جانب واحد في طرابلس خالف آمال المجتمع الدولي الذي لا يعترف بالحاسي، مشيرا إلى أن أيشلر عاد إلى ليبيا بعد ذلك بوقت قصير للقاء الحكومة في طبرق، لكن الزيارة لم تسهم كثيرا في تبديد الشكوك حول دوافع تركيا.

ورحبت الحكومة الليبية في طبرق هذا الشهر بمشاركة تركيا في جهود تقودها الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار، لكنها حذرت من أي مسارات أو حوارات أو اتصالات خارج هذا الإطار، مما لا يخدم الحوار والمصالحة.

وعلاقات تركيا الاقتصادية القوية بليبيا تعطي أنقرة حافزا واضحا للسعي وراء السلام، حيث نقلت وكالة رويترز عن اتحاد المقاولين الأتراك أن المطاعم والمتاجر التركية في ليبيا ما زالت تعمل، لكن شركات تركية أوقفت مشروعات إنشاء بقيمة 19 مليار دولار، بسبب القتال.

ويمثل استئناف رحلات شركة الخطوط الجوية التركية إلى مصراتة، الشهر الماضي، شريان حياة لغرب ليبيا وللزعماء الجدد في طرابلس، وبينهم كثيرون ينحدرون من المدينة الساحلية الواقعة شرق العاصمة.

والمطار الدولي الرئيسي في طرابلس مغلق منذ يوليو (تموز) الماضي، بعدما لحقت أضرار به بسبب الصراع.

من جهة أخرى أدانت الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بشدة التفجير الذي وقع أمام سفارة الإمارات العربية المتحدة في العاصمة الليبية طرابلس أول من أمس.

وقال الدكتور عبد اللطيف الزياني، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، في بيان صحافي: «إن هذا العمل الإرهابي الجبان يعد انتهاكا سافرا لكل القوانين والأعراف الدولية، واستخفافا بأرواح الأبرياء والممتلكات، وتعديا على حرمة مقار البعثات الدبلوماسية».

ودعا الزياني إلى ضرورة تقديم مرتكبي هذا العمل الإرهابي للعدالة، وحماية مقار البعثات الدبلوماسية وعدم التعرض لها وفقا للأنظمة والقوانين الدولية.

إلى ذلك، أعلنت مديرية أمن العاصمة الليبية طرابلس أنها شكلت فريقا مع الإدارة العامة لحماية البعثات الدبلوماسية وجهاز البحث الجنائي للتحقيق في الانفجارين اللذين حدثا أول من أمس قرب السفارتين المصرية والإماراتية في العاصمة.

وتعهدت المديرية في بيان لها بأنها لن تتوانى عن اتخاذ الإجراءات الأمنية والقانونية لملاحقة الجناة وتقديمهم للعدالة، وأهابت بعناصرها من ضباط وضباط الصف وأفراد ضرورة العودة إلى أعمالهم للمساهمة في فرض الأمن والاستقرار.

لكن الحاسي صعد من هجومه الإعلامي ضد مصر والإمارات، وقال في كلمة تلفزيونية، مساء أول من أمس، إن الدول التي أصبحت تؤجج المأساة الليبية، كدولتي مصر والإمارات، ستصبح في وضع محرج بسبب إيوائها مجموعات ليبية في الخارج تقدم لها الدعم.

وزعم الحاسي أن المجموعات المدعومة من مصر والإمارات لم يعد لديها أي قبول على المستوى الدولي، معتبرا أنه أصبح من أولويات البرلمان السابق ملاحقة هاتين الدولتين قضائيا، وأيضا من وصفها بالمجموعات الخارجة عن الشرعية في الخارج.

من جهة أخرى، أدان أعضاء مجلس الأمن بأشد العبارات الهجمات الإرهابية على سفارتي مصر والإمارات في طرابلس، كما أدانوا كل أعمال العنف ضد المقار الدبلوماسية، التي تعرض حياة الأبرياء للخطر، وتعوق بشدة عمل الممثلين الدبلوماسيين والمسؤولين.

واعتبر أعضاء مجلس الأمن، في بيان وزعته بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، أن الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره يشكل واحدا من أخطر التهديدات للسلام والأمن، وأن أي أعمال إرهابية إجرامية لا يمكن تبريرها، بغض النظر عن دوافعها، وأينما ارتكبت ومن ارتكبوها.

وكانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا قد أدانت في بيان منفصل أعمال العنف الأخيرة في شرق وغرب ليبيا، بما في ذلك التفجيرات التي وقعت في طبرق وطرابلس والبيضاء وشحات، فضلا عن القتال الدائر في مدينة بنغازي وفي جبل نفوسة، بما في ذلك مدن ككلة والقلعة والزنتان.

وذكرت البعثة جميع الأطراف بمسؤوليتها الأخلاقية والجنائية بموجب القانون الوطني والدولي، وأن المسؤولين عن هذه الانتهاكات قد يخضعون أيضا لعقوبات بموجب قرار مجلس الأمن 2174 لسنة 2014. كما دعت جميع الأطراف لاحترام حرمة البعثات الدبلوماسية.