هل تعلن «النصرة» إمارتها بريف إدلب؟

«داعش» تتسلل إلى ثالث معاقل «الجبهة» في القلمون

TT

أكدت مصادر المعارضة في شمال سوريا لـ«الشرق الأوسط»، أن «جبهة النصرة»، وهي فرع من تنظيم القاعدة في سوريا، «أتمت الإجراءات العملية تمهيدا لإعلان إمارة لها في ريف إدلب وريف حلب الشمالي»، بعد طرد فصائل المعارضة المعتدلة من الشمال، لكنها «تتريث قبل إعلان الإمارة كي لا تثير الناس ضدها، ولا يتضاعف صدامها مع تنظيم داعش، ولا توجه أنظار العالم إليها تجنبا لضغوط دولية إضافية عليها».

وبينما يزداد نفوذ «النصرة» في الشمال، بدأ تنظيم داعش بالتسلسل إلى ثالث مناطق نفوذ التنظيم في القلمون بريف دمشق الشمالي؛ حيث أكد مؤيدون لـ«داعش» في صفحات عائدة لهم في موقع «تويتر»، أن 200 من المقاتلين في القلمون التي تعد ثالث معاقل «النصرة» بعد ريف إدلب ودرعا: «انضموا إلى (داعش)، وأعلنوا بيعتهم لزعيمها أبو بكر البغدادي»، ونشروا صورا من القلمون تظهر عناصر 3 تشكيلات مسلحة، هي: «لواء القصير»، و«كتائب الفاروق المستقلة»، و«صقور الفتح»، وهي تشكيلات كانت موالية لـ«جبهة النصرة»؛ مما يرفع عدد المنضمين إلى «داعش» إلى ما يقارب الـ400 مقاتل في القلمون.

ويرى عضو الائتلاف الوطني السوري، عبد الرحمن الحاج، أن حركة الانضمام إلى «داعش»، ليست جديدة، وهي «في ازدياد بشكل دائم»، معربا عن توقعاته بـ«نزوح المزيد من المقاتلين الإسلاميين إلى التنظيم كونه أثبت أنه لديه قدرة أكبر على المواجهة، وأنه تنظيم قوي قادر على استقطاب المقاتلين في سوريا والمهاجرين إليه، رغم أن تقويض حركة نزوح المقاتلين المتشددين إليه من دول العالم».

ويعتبر الحاج أن الشعور بـ«الإحباط والانتقائية في العمليات العسكرية في سوريا» من قبل التحالف الدولي: «يضاعف حالات الانضمام إلى (داعش)، وبالتالي القضاء على المعتدلين في سوريا»، ويوضح أن ضرب طائرات التحالف للتنظيمات الإسلامية «من غير استهداف تنظيمات أخرى وميليشيات تقاتل إلى جانب النظام مثل حزب الله اللبناني والميليشيات الشيعية العراقية، يعمق الشعور لدى السوريين بالانتقائية؛ مما يخلق تعاطفا مع التنظيم»، فضلا عن أن التنظيمات المعتدلة «لا تلقى التدعيم الدولي الذي يمكنها من الاستمرارية».

وعلى المقلب الآخر في شمال سوريا، قال ناشطون سوريون إن «تنظيم جبهة النصرة، اقترب من إحكام سيطرته على آخر البلدات التي يوجد فيها تنظيم جبهة ثوار سوريا المعتدل الذي يتزعمه جمال معروف في بلدة الرامي في جبل الزاوية في ريف إدلب»، مشيرين إلى أن قوات «النصرة» تقدمت مدعومة بمقاتلين إسلاميين من حركتي أحرار الشام وفيلق الشام.

ويتزامن هذا التقدم مع إعلان قيادي بارز في النصرة في الشمال، أن التنظيم «اتخذ قرارا بمحاربة جميع الفصائل التي تتلقى دعما من الولايات المتحدة الأميركية أو حلفائها أو من دول غربية»، من غير أن ينفي أن «النصرة»، تتلقى الدعم من «أشخاص في أوروبا أو أميركا، ولكن ليس عبر الحكومات الغربية»، كما يقول القيادي في الجيش السوري الحر في شمال سوريا، أبو جاد الحلبي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، ويؤكد أن التنظيم المتشدد «أتم الإجراءات العملية والعسكرية في ريف إدلب، تمهيدا لإعلان إمارة له في ريف إدلب، من غير أن تشمل الريف الغربي لحلب كي لا يصطدم مع فصائل عسكرية معتدلة ناشطة هناك، مثل حركة حزم أو سواها»، وقال إن قياديي النصرة في إدلب «يروجون إلى أنهم لن يعلنوا عن الإمارة في هذا الوقت، لكنهم يطبقون قوانينهم ويحكمون السيطرة العسكرية؛ مما يعني تنفيذ أحكامهم من غير جلبة إعلامية».

وتتجنب «جبهة النصرة» في شمال سوريا صراعات إضافية مع تنظيم داعش الذي يحشد قواته منذ شهر يوليو (تموز) الماضي، للسيطرة على معقلها في حارم والقرى المحيطة بأعزاز الحدودية مع تركيا، بموازاة إحرازها تقدما على مقاتلي الجيش السوري الحر المعتدلين في الشمال، الذي بدأته في شهر يونيو (حزيران) الماضي، وتحديدا في ريف إدلب الغربي، تحت مسمى «المعركة ضد الفاسدين»، رغم أن المعركة جاءت بعد أيام على إعلان زعيم الجبهة، أبو محمد الجولاني، في تسجيل صوتي أنه «آن الأوان للمجاهدين أن تكون لهم إمارتهم الإسلامية».

ويقول عبد الرحمن الحاج، وهو خبير أيضا في الجماعات الجهادية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «النصرة» تخطط لفكرة إنشاء إمارة خاصة بها، لكن ذلك «غير ممكن في هذا الوقت، لأن التنظيم يسيطر في الشمال على مناطق متقطعة غير متصلة، تشكل معوقات جغرافية أمام إعلان الإمارة»، كما يشير إلى مجموعات عوائق أخرى لا تهيئ لها الظروف لإعلان الإمارة، أهمها «عوائق تنظيمية، وأخرى مرتبطة بحساباتها في الصراع مع (داعش)، وتوجيه أنظار العالم إليها، لا سيما طائرات التحالف» التي أغارت الأسبوع الماضي على مواقعها في شمال سوريا، لافتا إلى أن إعلانا من هذا النوع «سيؤدي إلى مزيد من الضغوط على النصرة من قبل التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب».

ويرى الحاج أن «النصرة»، غير جاهزة في هذا الوقت لإعلان الإمارة «بسبب معاناتها من مشاكل تنظيمية؛ إذ تعاني من خلل طويل في موضوع خروج عناصر من المقاتلين المتشددين المهاجرين إلى (داعش)»، منوها إلى «انسحاب عدد كبير من قيادات (النصرة) إلى صفوف (داعش)، في مقابل ضعف حالات الانضمام إليها»، وإضافة إلى ذلك، «سيضعها الإعلان في مواجهة مع (داعش) التي أعلنت خلافتها؛ مما يتسبب في انقسام بين المتشددين، نظرا إلى الخلافات التنظيمية بين الفصيلين».

وبرغم «المصاعب التي تحول دون إعلان الإمارة في هذا الوقت»، فإن الجبهة «أتمت استعداداتها لما يجعل الإمارة من الناحية العملية قائمة من غير إعلانها»، كما يقول أبو جاد الحلبي لـ«الشرق الأوسط»، مؤكدا أن التنظيم المتشدد «ينتشر في سائر مدن وقرى وبلدات ريف إدلب، باستثناء القرى الكردية، سواء عبر مقاتليه أو حلفائه، وبينهم (أحرار الشام)، و(فيلق الشام)، وغيرهما، وهي خلايا نائمة جاهزة للتحرك لتنفيذ مصالحه في أي لحظة».