«الإفتاء» المصرية ترد على أكاذيب البغدادي.. و«أنصار بيت المقدس» تعلن «ولاية سيناء»

خبير في الحركات الإسلامية لـ «الشرق الأوسط» : عمليات التنظيم الدولي للإخوان المقبلة ستشهد تكتيكات جديدة

متظاهر مصري يندد بعنف الإخوان المسلمين والجماعات المسلحة من خلال حملة تسعى لجمع مليون توقيع للمطالبة بمحاكمة نشطاء المعارضة الذين يقيمون في الخارج (رويترز)
TT

فيما بدا أنه استجابة لطلب أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم منشقي «القاعدة» أو ما يطلق عليه «داعش»، من الجماعات الإرهابية التي أعلنت ولاءها له بإلغاء أسمائها وجعلها ولايات تابعة لتنظيمه، أعلنت جماعة أنصار بيت المقدس في مصر تغيير اسمها ليصبح «ولاية سيناء التابعة لتنظيم الدولة».

وبينما قلل اللواء حسام سويلم، المدير الأسبق لمركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة المصرية من ذلك، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «تغيير اسم (بيت المقدس) الإرهابية لن يفرق مع الأمن ولا مع السلطات الأمنية في شيء»، قال الدكتور كمال حبيب، المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية بمصر، لـ«الشرق الأوسط»، إن «(بيت المقدس) بعد مبايعته البغدادي تحول من مجرد تنظيم محلي إلى جزء من تنظيم عالمي»، متوقعا أن يكون هناك إمدادات مادية للتنظيم وتغيرات في طرق تنفيذ العمليات الإرهابية المقبلة.

في غضون ذلك، قال العميد أيمن حلمي، مسؤول الإعلام الأمني بوزارة الداخلية، إن «أجهزة الأمن في الوزارة تعكف على مشاهدة الفيديو الذي بثه داعشيون وقالوا فيه إنهم سيعلنون عن إمارة سيناء، وتفريغ محتويات الفيديو والاطلاع عليه من قبل مختصين، من أجل رصد المكان الذي بث منه وبناء عليه سيتم التعامل الأمني».

وتعد جماعة أنصار بيت المقدس واحدا من أقوى التنظيمات الجهادية التي ظهرت في شبه جزيرة سيناء بمصر، والتي أعلنتها السلطات المصرية تنظيما إرهابيا، ويعتقد أنها الحركة الأم وراء نشاط الجماعات المتشددة داخل البلاد. ونشطت الجماعة بقوة في شبه جزيرة سيناء عقب الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين. ويقول مراقبون، إن «عناصرها ما زالوا يحتمون داخل كهوف في جبل الحلال الذي يقع في وسط سيناء التي تحدد فيها اتفاقية (كامب ديفيد للسلام) بين مصر وإسرائيل، عدد قوات الجيش المصري وتسليحه».

وأعلن البغدادي زعيم تنظيم داعش قبول بيعة الجماعات الإرهابية التي أعلنت الولاء للتنظيم، خلال الفترة الأخيرة في المملكة العربية السعودية واليمن ومصر (ممثلة في أنصار بيت المقدس)، وليبيا والجزائر.

وقال البغدادي في تسجيل صوتي، أمس: «أبشر المسلمين بتمدد الدولة في بلدان جديدة في بلاد الحرمين واليمن ومصر وليبيا والجزائر، ونعلن قبول بيعة من بايعنا من إخواننا في تلك البلدان وإلغاء اسم الجماعات فيها وإعلانها ولايات جديدة في (تنظيم الدولة) وتعيين ولاة عليها، كما نعلن قبول بيعات من بايعنا من الجماعات والأفراد في جميع تلك الولايات المذكورة وغيرها ونطلب من كل فرد منهم اللحاق بأقرب ولاية له والسمع والطاعة لواليها المكلف من قبلنا».

لكن دار الإفتاء المصرية قللت أمس، مما جاء في كلمة البغدادي، مشيرة إلى أن ما جاء في هذه الكلمة ما هو إلا افتئات أهوج على آيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول، صلى الله عليه وسلم، وتأويلها تأويلا خاطئا، واستخدام الآيات والأحاديث التي تدعو إلى الجهاد في غير موضعها، وفي غير مرادها التي جاءت فيه.

من جهته، قال اللواء حسام سويلم، وهو خبير أمني واستراتيجي، إن «بيت المقدس» جماعة إرهابية تعرضت لضربات قوية من السلطات الأمنية المصرية، ونسبت نفسها لـ«داعش»، لافتا إلى أن هذا التغيير غير مهم ولا يفرق في شيء مع مصر.

وحول ما إذا كان تغيير الاسم يتعلق بهجمات أكثر على شبة جزيرة سيناء، قال اللواء سويلم: «كلها أسماء لجماعات إرهابية».

وقال الدكتور كمال حبيب، الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، إن «تنظيم بيت المقدس بعد مبايعته للبغداي وتغير اسمه تحول من مجرد تنظيم محلي إلى جزء من تنظيم عالمي أممي يتجاوز الحدود، فضلا عن كونه مشروعا إقليميا من الأساس داخل مصر»، متوقعا أن يكون هناك تعاون في التدريب لعناصر بيت المقدس على يد «داعش»، وإمدادات مادية للتنظيم، فضلا عن التغيير في الشكل اللوجيستي والتكتيك في تنفيذ العمليات الإرهابية المقبلة.

ولفت كمال إلى أن العلمية الأخيرة التي استهدفت جنود القوات المسلحة المصرية في كمين «كرم القواديس» في سيناء، كانت جزءا من مبايعة «بيت المقدس» للبغداي وجزءا من التعاون بين «داعش» و«بيت المقدس».

وأعرب حبيب عن تخوفه من انضمام أعضاء جدد لـ«أنصار بيت المقدس» بعد تغيير اسمها، مضيفا لـ«الشرق الأوسط»، أن «التحالف الدولي في مواجهة الإرهاب فشل حتى الآن في مواجهة (داعش)، و(داعش) لا يزال موجودا على الأرض، ومع صموده يكتسب أهمية لدى شباب التيارات السلفية الجهادية، للانضمام إليه لإعلاء (الدولة الإسلامية)».

في السياق نفسه، أدانت الإفتاء المصرية بشدة ما جاء في التسجيل الصوتي للبغدادي، زعيم تنظيم منشقي «القاعدة» أو ما يطلق عليه «داعش»، بتهديده باستمرار «زحف» تنظيمه الإرهابي إلى مصر ودول أخرى.

وشدد الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي مصر أمس، على أن مصر محفوظة بحفظ الله، وكما كانت نهاية التتار والغزاة على أيدي المصريين؛ فإن دحر الإرهاب والتنظيمات الإرهابية سوف يكون بإذن الله على أيديهم أيضا.

وتابع نجم: «الإرهابيون يخدعون أتباعهم بوهم الخلافة ويتحدثون مع بعضهم البعض عن توزيع السبايا من النساء»، موضحا أن «تنظيمات الظلام التي تعشق سفك الدماء وتستبيح الأعراض تأخذ آيات القتال، وتؤولها بحسب فهمها السقيم وتفسيرها العقيم لتلبس على المسلمين دينهم في محاولة بائسة من هذه التنظيمات لتبرير وشرعنة الجرائم التي يرتكبها والدماء التي يسفكها، وبذلك يثيرون ضغائن غير المسلمين على الإسلام والمسلمين، بل يؤججون حروبا ضد العالم الإسلامي من كل حدب وصوب، حتى إن الإسلام ليؤتى من قِبَلهم، قبل أن يؤتى من قِبَل أعدائه».

ودعا نجم وسائل الإعلام المختلفة إلى «عدم تضخيم مثل هذه التصريحات الجوفاء التي تصدر من مثل هذه الجماعات الإرهابية، وعدم الانجراف في الترويج لحملاتها الدعائية حتى لا تكون بوقا من أبواقها التي تنشر من خلالها أجنداتها، فهي من جانب تحاول تضخيم قدراتها على الأرض لتوهم الناس بذلك، كما أنها تحاول أن تبين أنها تدعو إلى الجهاد وتقوم به لتطبق شرع الله في الأرض، حسب زعمهم، رغم أن ما تقوم به هو إرجاف وإرهاب، وهم في ذلك يحرفون الكلم عن مواضعه».