جدل في الجزائر بسبب رفض الحكومة رفع التجميد عن تنفيذ عقوبة الإعدام

الجيش يدمر مخبأين للمسلحين ويضبط أسلحة شرق البلاد

TT

عاد الجدل في الجزائر حول تطبيق عقوبة الإعدام على خلفية استفحال جرائم خطف الأطفال وقتلهم، إذ أبدى الطيّب لوح، وزير العدل، تحفظا على تنفيذ أحكام الإعدام التي ما زال القضاة ينطقون بها، رغم تجميدها منذ 1993، تاريخ إعدام 3 إسلاميين اتهموا بتفجير مطار العاصمة الجزائرية في صيف 1992.

وقال لوح أول من أمس في البرلمان، أثناء رده على سؤال لأحد البرلمانيين يتعلق بعقوبة الإعدام، إن تطبيقها «يتطلب إطلاق نقاش واسع وموضوعي لدى مختلف فئات المجتمع، بعيدا عن التأثيرات الظرفية والقناعات المسبقة حول الموضوع». وبخصوص استمرار تجميد تنفيذ الإعدام رغم استمرار إصدار الأحكام به في المحاكم الجنائية بالبلاد، أوضح لوح أن «القضية ذات أبعاد قانونية وسياسية واجتماعية وأخلاقية، وموقف الحكومة الجزائرية في هذا الشأن يجب أن يكون منسجما مع خصوصيات المجتمع، التي صقلت على مر التاريخ بتجارب كثيرة في هذا المجال».

وأضاف وزير العدل أن «قرار توقيف تنفيذ عقوبة الإعدام في الجزائر جرى في سنة 1993 ولا يزال ساريا لأسباب وظروف معروفة»، في إشارة إلى إعدام 3 من نشطاء «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» التي منعها جنرالات الجيش من الوصول إلى البرلمان، بعد انتصارها الكاسح في انتخابات نهاية 1991. وأرغم العسكر الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد مطلع 1992 على الاستقالة بسبب فوز «الإنقاذ»، ما أجج النزاعات والخلافات في البلاد.

وأوضح وزير العدل، وهو قيادي بارز في حزب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة (جبهة التحرير الوطني)، أن «الكثير من الدول اتخذت قرار وقف تنفيذ العقوبة، رغم أن تشريعاتها تنص على عقوبة الإعدام»، مشيرا إلى أن «الجريمة والعقوبات هي من أكبر المشكلات المطروحة على المجتمعات الحديثة، لما لها من أبعاد قانونية وإنسانية واجتماعية»، مضيفا أن «القضية أثارت وما زالت تثير جدلا بين مختلف التيارات الفكرية، والجزائر أيضا تعرف مثل هذا النقاش، لكن العقوبة الفعالة بالمفهوم الحديث ليست تلك التي تهدف إلى الانتقام أو إلحاق الأذى بالمتهم، بل تلك التي تحمي المجتمع، انطلاقا من فهم الأسباب الشخصية والاجتماعية المؤدية إلى ارتكاب الفعل الإجرامي، لتكون أكثر ملاءمة مع شخصية الجاني».

ويوجد في سجون البلاد العشرات من القابعين في زنزانات المحكوم عليهم بالإعدام، أغلبهم إسلاميون أدانهم القضاء في قضايا الإرهاب. وتم التخلي عن تنفيذ العقوبة تحت ضغط المنظمات الحقوقية الدولية، بحجة أن ذلك «يتنافى مع حقوق الإنسان».

ويعد رفض السلطات إلغاء عقوبة الإعدام من المنظومة التشريعية انتصارا للتيار الإسلامي داخل البرلمان وخارجه، خصوصا المؤسسة الدينية (جمعية العلماء المسلمين الجزائريين)، التي شنت عام 2009 حملة حادة ضد دعاة إلغاء الإعدام، عندما تم طرح القضية للتداول السياسي والإعلامي من طرف سياسيين ورجال قانون العام الماضي.

وقال فاروق قسنطيني، المحامي ورئيس «لجنة حماية حقوق الإنسان» الحكومية، إن الجزئية المتعلقة بفرض عقوبة الإعدام في قانون العقوبات «تجاوزها الزمن»، داعيا إلى استبدال عقوبة أخرى بها. وقد أثار هذا التصريح حفيظة رئيس «جمعية علماء المسلمين» الشيخ الراحل عبد الرحمن شيبان، حيث قال: «أيسمح عاقل لنفسه أن يتصور ويعلن أن عقوبة بشرية قد تكون أردع للقتلة السفاكين وأنسب لحقوق الإنسان من الآية القرآنية؟ كلا والله، فلا يصدر مثل هذا القول من عقل واعٍ وقلب مؤمن، يعلم أن الزمان مخلوق لا يتجاوز أحكام خالقه، فنرجو أن يكون هذا التصريح من الأستاذ قسنطيني زلة لسان، لا لوثة جنان».

من جهة ثانية، أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية أن كتيبة من القوات المشتركة للجيش اكتشفت ودمرت مخبأين للمسلحين أول من أمس، خلال عملية تمشيط بضواحي مدينة تمالوس بولاية سكيكدة التي تقع على مسافة 500 كيلومتر شرق الجزائر.

وأوضحت الوزارة في موقعها الإلكتروني أمس أن العملية تمكنت من ضبط بندقية مضخية، وبندقية صيد مقطوعة الماسورة، وكمية من الذخيرة ومواد غذائية، وأغراض أخرى. كما تمكن عناصر من الدرك مساء نفس اليوم من اعتقال مهربين من جنسية جزائرية كانوا على متن سيارة مهربة من ليبيا بأرقام مزيفة بمنطقة عين أميناس القريبة من الحدود الجزائرية.