«العدالة والتنمية» المغربي يحذر من إفساد الانتخابات البلدية المقبلة

عد سنة 2015 حاسمة في مسار تنزيل الإصلاحات الكبرى والهيكلية

TT

حذر حزب العدالة والتنمية المغربي ذو المرجعية الإسلامية، متزعم التحالف الحكومي، من مغبة إفساد الانتخابات البلدية المزمع تنظيمها منتصف السنة المقبلة، وقال النائب عبد الصمد حيكر، أمس، خلال المداخلة الرسمية باسم فريق الحزب بمجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان) حول مشروع قانون الموازنة 2015: «إننا نشدد التحذير من كل عمليات الإفساد الانتخابي ومن عودة التحكم»، وطالب كل الأطراف بـ«التحلي باليقظة اللازمة والضرب على أيدي كل المتلاعبين».

وبارك حيكر المقاربة الحكومية المتمثلة في الإعلان المبكر عن أجندة الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وتدشين مسلسل المشاورات مع مختلف الأحزاب السياسية حول مسودات النصوص التشريعية الانتخابية، مؤكدا تأييد حزبه الإشراف العام والسياسي لرئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران على الانتخابات «تعزيزا لمكانته الدستورية باعتباره رئيسا للسلطة التنفيذية التي تمارسها الحكومة وفق منطوق الدستور، وهو الأمر المعمول به في عدد كبير من الدول الديمقراطية والأنظمة البرلمانية».

وأبرز حيكر أن فريقه النيابي يتوق إلى إعداد الحكومة لنصوص تشريعية متعلقة بالمنظومة الانتخابية «متجاوبة مع روح الدستور الجديد ومساهمة في عقلنة المشهد السياسي وتمكين المجالس والمؤسسات المنتخبة من صلاحيات حقيقية». وأعلن أن سنة 2015 ستكون «حاسمة في مسار تنزيل الإصلاحات الكبرى والهيكلية»، موضحا أنها ستشكل سنة لإرساء دعائم السلطة القضائية، ومحاربة الفساد الذي يتطلب إرساء دعائم قضاء مستقل ونزيه ينظر بشكل فعال وناجع في الملفات المحالة عليه.

وعد حيكر موازنة السنة المقبلة «أول مشروع» يجري إعداده بطريقة عادية في عهد حكومة ابن كيران، موضحا أن موازنة 2012 «أعدت في مجملها من طرف الحكومة المنتهية ولايتها وقبل المصادقة على البرنامج الحكومي الجديد، كما أن مشروع 2013 كان قد جرى إعداده في ظل الوضع غير العادي للحكومة بعد إعلان أحد مكوناتها عن قرار انسحابه منها (حزب الاستقلال)، أما مشروع القانون المالي لسنة 2014 فقد جرى إعداده إبان المفاوضات بشأن تشكيل الحكومة في نسختها الحالية».

وانتقدت مداخلة النائب، المنتمي لحزب العدالة والتنمية، بعض وسائل الإعلام التي اتهمها بممارسة عمل «ممنهج يرمي إلى التشويش والتبخيس والتيئيس والتضليل والتحريف والتخويف وقلب الحقائق وإثارة الفتنة»، واستغرب حيكر انخراط صحف شبه رسمية وقناة عمومية فيما يشبه «الخيانة العظمى»، من خلال «طمس الإنجازات الحكومية والانخراط الفج في مسلسل التهييج الاجتماعي».

وأبدى حيكر اعتزاز حزبه بالنموذج السياسي المغربي، موضحا أن «قوة المغرب لم تكن يوما ما في ثرواته الطبيعية، وإن كان الله قد منّ عليه بقسط منها»، وأنه لم يشكل في أي لحظة نموذجا لـ«دولة قام بناؤها ونموذجها الاقتصادي على ريع متأتٍّ من مداخيل فلكية من الغاز الطبيعي أو من البترول»، مشددا على أن قوة المغرب «تأتي من اختياراته الاقتصادية والتنموية»، مدعومة بتجديد التعاقد السياسي الذي سمح بفتح «أوراش إصلاحية كبرى على المستوى الحقوقي والاجتماعي».

وأضاف حيكر: «يحق لنا أن نعتز بالاستثناء المغربي، ونحن نقارن بما يقع في العديد من دول المنطقة التي سقطت في متاهات عدم الاستقرار والانقلابات والحروب الأهلية»، وصارت تلك الانتكاسات «تمارس إغراءات على البعض عندنا ممن بدأ يحلم بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء والحنين لإعادة التحكم».

وطالب حيكر بإبداء نوع من الصبر تجاه السياسات الحكومية، مؤكدا أن «الإصلاحات الهيكلية الكبرى، مهما بدت مكلفة في المدى القصير أو صعبة في ظل ثقافة سياسية قائمة على المزايدة والشعبوية، فإنها ما تلبث أن تكشف عن ثمارها الإيجابية، ولو بعد حين، مبشرة بالخروج من عنق الزجاجة إلى فضاء الإصلاح والإنجاز وتراكماتها المتزايدة».

ولمح القيادي في حزب العدالة والتنمية إلى أن القرارات الحكومية المتشددة تقتضيها المصلحة الوطنية، وليس تلك التي تؤمن ارتفاع الأسهم الانتخابية فقط، مبرزا أن المغرب يعيش مرحلة تأسيسية تتجاوز متطلباتها الزمن الحكومي، كما أن إنجاحها يتجاوز قدرات وإمكانات الحكومة بمفردها، كما أن كسب رهانها لا يوفر عائدا للحكومة بمفردها، وإنما للأمة المغربية برمتها.

وأكد حيكر انخراط حزبه في المقاربة الملكية التي وصفها بـ«الواضحة والصارمة والشمولية في التعامل مع ملف تثبيت سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية المسترجعة»، موضحا أن الاستراتيجية التي دعا إليها العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطاب ذكرى المسيرة الخضراء «قائمة على تعزيز المسار الديمقراطي وتكريس حقوق الإنسان في ظل سيادة القانون، والتنزيل العملي للجهوية المتقدمة وتحقيق العدالة الاجتماعية، ومواجهة كافة أشكال الريع في إطار نموذج اقتصادي جديد قائم على المواطنة والمنافسة وتكافؤ الفرص».