الرئيس الجزائري يعود إلى بلاده بعد فترة استشفاء قصيرة في فرنسا

ترجيح خضوع بوتفليقة لفحوص طبية سريعة في غرونوبل.. وتكتم رسمي في البلدين

دراجو الشرطة يرافقون سيارة إسعاف يُعتقد أنها كانت تقل بوتفليقة أثناء مغادرته مستشفى ألومبير بمدينة غرونوبل الفرنسية أمس (أ.ف.ب)
TT

لم تدم إقامة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في مستشفى ألومبير بمدينة غرونوبل الواقع جنوب شرقي فرنسا طويلا، إذ إنه غادره أمس بعد 48 ساعة من دخوله إليه. وفي ظل سكوت السلطات الرسمية الجزائرية والفرنسية عن وجود بوتفليقة في غرونوبل وتكتم المسؤولين في المستشفى المذكور عن الأسباب التي حملته إليه، فإن الإعلام الفرنسي والدولي سعى إلى الاستدلال على حالة بوتفليقة الصحية من خلال القسم الذي أُدخل إليه، واختصاصات الفريق الطبي المعالج.

والثابت أن بوتفليقة اختار هذه المرة أحد مستشفيات غرونوبل، وليس مستشفى فال دو غراس العسكري في باريس، كما في المرات الـ3 الماضية، بسبب انتقال الطبيب البروفسور جاك مونسغو المتخصص في أمراض القلب من العاصمة إلى مدينة غرونوبل. وسعت «الشرق الأوسط» إلى الاتصال به عبر هاتفه الجوال وعبر البريد الإلكتروني لكنها لم تحصل على جواب منه، بيد أنه يتضح من قصر مدة إقامة الرئيس لجزائري في المستشفى أنه جاء لإجراء فحوص طبية ومخبرية، وليس لإجراء عملية جراحية من أي نوع، كما كان الحال ربيع العام الماضي، عندما أصيب بجلطة ولزم بسببها المستشفى العسكري، ثم مصح الأنفاليد، طيلة شهرين ونصف الشهر. وفي مطلع هذا العام، رجع بوتفليقة إلى العاصمة الفرنسية لإجراء كشف عام وفحوصات في المستشفى الباريسي عينه.

ونقلت صحيفة «لو دوفينيه ليبيريه»، التي كانت أول من كشف عن وجود الرئيس الجزائري في غرونوبل، أن فريق قسم أمراض القلب والشرايين الذي انتقل إليه البروفسور جاك مونسغو هو الذي تولى التعامل مع بوتفليقة.

وبعيد ظهر أمس، غادر بوتفليقة المستشفى في سيارة إسعاف وسط قافلة من 10 سيارات رسمية يحرسها دراجو الدرك السيار وسيارات للشرطة باتجاه مطار غرونوبل، الذي حطت فيه طائرته قبل يومين. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية أن الطائرة أقلعت نحو الساعة الثالثة بتوقيت باريس.

اللافت أن السلطات الفرنسية لم تصدر أي بيان عن وجود الرئيس بوتفليقة على أراضيها، ملتزمة أقسى درجات الحذر في التعامل مع موضوع «حساس». وبحسب دبلوماسي فرنسي سابق يتابع تفاصيل العلاقات الفرنسية - الجزائرية، فإن باريس «لا تريد الخوض في موضوع حساس (صحة بوتفليقة) لما له من تبعات سياسية داخليا، إذ إنه يفتح ملف خلافة الرئيس الجزائري».

من جهة أخرى، تحرص فرنسا عن الابتعاد عن كل ما من شأنه أن يعد على الضفة الأخرى من المتوسط، سعيا منها للتأثير على شؤون وسياسة المستعمرة الفرنسية السابقة التي حصلت على استقلالها قبل 60 عاما. وبعكس بعض مراحل التوتر التي عرفتها العلاقات مع باريس في عهد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، فإن العلاقات الفرنسية - الجزائرية تمر، منذ وصول فرنسوا هولاند إلى الرئاسة، في ربيع عام 2012، بما يمكن تسميته «شهر عسل» على جميع المستويات، خصوصا على المستوى الاقتصادي والمبادلات التجارية. ولعل أبرز مثال على ذلك افتتاح شركة «رينو» مصنعا للسيارات في الجزائر بعد سنوات من التأجيل.

وخلال وجود وزيري الخارجية والاقتصاد لوران فابيوس وإيمانويل ماكرون في العاصمة الجزائرية بمناسبة الافتتاح، حرص الرئيس بوتفليقة على استقبالهما رغم حالته الصحية. وفي تعليق قصير عن حالته، قال فابيوس، عقب عودته من الجزائر لإحدى الإذاعات الفرنسية، إن الرئيس الجزائري «يعاني بعض الصعوبات في الكلام، لكن حالته الذهنية جيدة».

وأمس، نشرت صحيفة «لوموند» المستقلة في صفحتها الثانية تحقيقا مطولا عن الجزائر تحت عنوان «معركة ما بعد بوتفليقة بدأت في الجزائر»، تناولت فيه حالة «الجمود» التي تعيشها الجزائر، بسبب مرض الرئيس، وغيابه عن المسرح، ورسمت خارطة القوى والشخصيات المتنافسة التي تسعى للتموضع السياسي.