الحكومة تحذر من سير سلفيي مصر على خطى «الإخوان»

قالت إنهم يستغلون المساجد في الدعاية السياسية.. وحزب النور رفض الاتهام

TT

أثارت تصريحات حكومية بأن «الدعوة السلفية في مصر، وذراعها السياسية حزب النور، يسيران على خطى جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، في استخدام المساجد كمقار انتخابية في الدعاية للبرلمان المقبل»، جدلا داخل التيار السلفي، وأبدت قيادات داخل «النور» رفضها لتلك الاتهامات، نافين استخدام المساجد في السياسة.

وأكدت وزارة الأوقاف ممثلة في قطاعها الديني، أنها «لن تسمح باستخدام المساجد كمقار انتخابية للتيار السلفي في الدعاية الانتخابية»، محذرة من تكرار تجربة «الإخوان». فيما قالت مصادر مسؤولة في الوزارة لـ«الشرق الأوسط» إن «أي توظيف سياسي للمساجد سيقابل بكل حزم»، لافتة إلى أنه «لن يسمح لغير دعاة الوزارة أو علماء الأزهر الشريف بإلقاء الخطب».

في غضون ذلك، كشف الشيخ جابر طايع، وكيل وزارة الأوقاف بالقاهرة، عن أن «عدم سيطرة الأوقاف على المرافق الدينية والصناديق الخاصة بالزكاة أدى لانتشار الأفكار المتطرفة»، بينما لمحت المصادر المسؤولة في وزارة الأوقاف إلى أن «هذا الكلام موجه إلى حزبي النور والبناء والتنمية (الذراع السياسية للجماعة الإسلامية) تحديدا، لكونهما من أكثر الأحزاب التي تمتلك جمعيات داخل المساجد»، لافتة إلى أن «بعض الجمعيات كانت تستغل هذه الأموال في تمويل مسيرات لجماعة الإخوان المسلمين».

ويرى مراقبون أن «منع الأوقاف من استخدام المساجد في الدعاية الانتخابية من قبل السلفيين قد ينذر بخلاف كبير، خصوصا بعدما خاضت السلطات المصرية ممثلة في الأوقاف (المسؤولة عن المساجد) معارك كثيرة لإحكام سيطرتها على المنابر عقب عزل الرئيس الإخواني الأسبق محمد مرسي عن السلطة».

وأضافت المصادر المسؤولة في الأوقاف «عانينا معاناة شديدة، وما زلنا نعاني، من توظيف الدين لأغراض حزبية وانتخابية، لأن بعض الأحزاب السياسية لا تزال تتخذ من بعض الجمعيات الدينية أجنحة دعائية لها، تخدم أهدافها السياسية»، لافتة إلى أن «تعدد الجمعيات الدينية واختلاف ولاءاتها يشكل خطرا داهما على وحدة نسيج المجتمع المصري، من حيث محاولة كل جمعية فرض رؤيتها الفكرية والمذهبية على المجتمع، ودخولها في صراعات فكرية تصل أحيانا إلى درجة المواجهة وأحيانا أخرى إلى تكفير الآخر أو استباحة دمه».

من جهته، قال وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، في تصريحات صحافية، إن «بعض دعاة وقادة التيار السلفي هم من قسموا الوطن إلى فسطاطين.. فسطاط الإيمان المزعوم لهم.. وفسطاط الكفر لمخالفيهم. إنهم لا يتقون الله في دين، ولا يؤمنون بوطن، وهم على استعداد لإراقة الدماء وانتهاك الحرمات جهلا وظلما وعدوانا، وفي سبيل مبالغ يتقاضونها أو سلطة يسعون إليها».

وأشار الوزير جمعة إلى أنه إذا كان الأزهر الشريف هو المسؤول دستوريا عن جميع الشؤون الإسلامية، والأوقاف هي الجهة المنوط بها الدعوة والخطابة في ضوء المنهج الأزهري الوسطي وضوء قانون ممارسة الخطابة وأداء الدروس الدينية بالمساجد، فإنه من غير المنطقي الترخيص لأي جمعية أهلية بممارسة أنشطة دعوية حدد القانون الجهات المنوطة بها والمسؤولة عنها. وتابع الوزير «أما أن تتخذ هذه الجمعيات أو بعضها من العمل الاجتماعي غطاء لتمرير أجندات فكرية أو دينية أو طائفية أو مذهبية، أو أن تكون أجنحة دعوية لبعض الأحزاب السياسية تعود من خلالها مرة أخرى إلى المتاجرة بالدين ولي أعناق نصوصه، فهذا خطر داهم يجب التنبه له».

وتصاعدت الأزمات بين الدعوة السلفية وحزبها (النور) والأوقاف، بسبب قرارات الوزارة بضم مساجد السلفيين إلى الأوقاف ومنع مشايخ الدعوة السلفية من اعتلاء المنابر أو إلقاء دروسهم الدينية الأسبوعية.

وشارك حزب النور، وهو أكبر الأحزاب السلفية في مصر، في صياغة خارطة المستقبل، عقب عزل مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان، التي أعلنتها السلطات المصرية تنظيما إرهابيا من قبل، وهو الموقف الذي أشعل الوضع بين الدعوة السلفية وحزبها وقوى إسلامية مؤيدة لـ«الإخوان».

وأكدت قيادات مسؤولة في القطاع الديني بوزارة الأوقاف وقوف أبناء الوزارة صفا واحدا في وجه ابتزاز بعض المنتسبين إلى ما يعرف بالتيار السلفي، منتقدة المسميات التي تقسم الشعب إلى سلفي وغير سلفي، كما كان «الإخوان» يقسمونه إلى «إخواني وغير إخواني». وشددت قيادات القطاع الديني في تصريحات لها، على أن «الأوقاف» لن تسمح باستخدام المساجد كمقار انتخابية مجانية للتيار السلفي في الدعاية الانتخابية وترك المساجد لعلمائها وشبابها، لا لهم ولا غيرهم، محذرة من تكرار تجربة «الإخوان» المرة على يد من يستخدمون الدين للحصول على مكاسب سياسية.

وقالت المصادر المسؤولة في الأوقاف نفسها، إن «هناك هجوما من بعض الكوادر السياسية للتيار السلفي لابتزاز الأوقاف والضغط عليها، للسماح لهم باستخدام المساجد كمقار انتخابية مجانية لهم واستخدامها في الدعاية الانتخابية».

في السياق ذاته، أبدت قيادات داخل «النور» رفضها لتصريحات الأوقاف باستخدامها للمساجد في السياسة، ورفض الدكتور يونس مخيون، رئيس حزب النور، تشبيه الأوقاف للحزب بأنه يسير على خطى «الإخوان»، مؤكدا في بيان له عدم صحة ذلك التشبيه. وأكد الأمين العام المساعد لحزب النور، الدكتور شعبان عبد العليم، أن «الحزب لم يستخدم المساجد من قبل في أي دعاية حزبية أو انتخابية»، لافتا إلى أن هناك اتفاقا مع الأوقاف بعدم استخدام المساجد في السياسة الحزبية والدعاية الانتخابية، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «(النور) هو أول من نادي بذلك».

ومع اقتراب موعد انتخابات البرلمان التي أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي أنها ستكون في مارس (آذار) المقبل، يحاول حزب النور الفوز بعدد أكبر من المقاعد. وحل النور ثانيا في الانتخابات البرلمانية التي جرت أواخر عام 2011، ونجح في الحصول على 25 في المائة من مقاعد المجلس التشريعي، بعد جماعة الإخوان.

وتبرأ حزب النور من جماعة الإخوان مؤخرا، بإنتاجه فيلما تسجيليا يتحدث عن علاقة الحزب بـ«الإخوان» منذ ثورة 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011 وحتى الآن. وقال قيادي بالحزب السلفي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الفيلم أوضح حقيقة الزيف الذي تقوم به جماعة الإخوان وبعض القوى السياسية من هجوم على (النور).. وأبان حقيقة مواقف الحزب الوطنية».