فشل المفاوضات بين مؤسسات الاتحاد الأوروبي حول موازنة العام المقبل

جلسة نقاش أخيرة اليوم في ظل تباين المواقف بشأن تدابير تقشفية في الموازنة

TT

فشلت المفاوضات التي جرت بين المجلس الوزاري الأوروبي، الذي يمثل الدول الأعضاء من جهة، والبرلمان الأوروبي من جهة أخرى، بهدف التوصل إلى اتفاق ينهي الخلافات بين الجانبين قبل اعتماد موازنة الاتحاد الأوروبي للعام القادم 2015.

وفي 28 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي انطلقت الاجتماعات المشتركة بين الجانبين للتوصل إلى اتفاق بشأن الموازنة قبل التصويت عليها في البرلمان 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.

وقال البرلمان الأوروبي عقب انتهاء جلسة مفاوضات مساء الجمعة: «هناك شعور بالأسف لأنه مع اقتراب انتهاء المهلة التي امتدت 3 أسابيع لا يزال المجلس الوزاري الأوروبي يتجاهل الحاجة الملحة لتوفير ميزانية الاتحاد»، وأضاف البرلمان الأوروبي في بيان أنه «سوف يستأنف المفاوضات يوم غد، الاثنين»، وهو الموعد المقرر لانتهاء المهلة. وشدد بالبيان على أن رؤساء المجموعات السياسية لديهم إجماع وإصرار على مطالبهم بشأن الموازنة، التي يجب أن تضمن تحقيق الاستقرار في ظل تراكم فواتير غير مسددة من موازنة 2014، وما يترتب على ذلك من صعوبات، كما أن قبول نهج المجلس الوزاري له تأثيرات على دعم ممنوح للباحثين عن العمل، وطلاب المنح في إطار برنامج ايراسموس، وأيضا المشروعات الصغرى والمتوسطة، ولهذا يتمسك البرلمان بضرورة أن تتوقف سياسة تأجيل سداد الفواتير غير المسددة للعام المقبل.

ويتمسك أيضا بخارطة طريق تتضمن جدول زمني دقيق للحد من الفواتير غير المسددة، ولا بد من حل طويل الأمد للتعامل مع هذه المطالب، وطرح موازنة لعام 2015 على البرلمان تكون قادرة على ضخ رأس المال اللازم للمشروعات المطلوبة لتحقيق النمو في إطار الاهتمام بالاستثمارات، وحتى تتطابق الأقوال مع الأفعال في ظل تأكيدات من عواصم أوروبية على أهمية تمويل الاستثمارات في الاتحاد الأوروبي. وسبقت مفاوضات الجمعة اجتماعا لوزراء المال والاقتصاد في دول الاتحاد «الايكوفين» للإعداد الجيد وتنسيق المواقف، وهي المفاوضات التي انعقدت من خلال اللجنة التوافقية المشتركة من الجانبين.

وكان المجلس قد أبلغ البرلمان يوم 22 أكتوبر الماضي أنه لا يمكن الموافقة على كل التعديلات على الموازنة التي اقترحها البرلمان وفي 28 أكتوبر بدأت لجنة توافقية عملها في إجراء مشاورات لمدة 3 أسابيع لسد الفجوة بين مواقف المجلس والبرلمان. وكان موقف المجلس الأوروبي واضحا في 2 سبتمبر (أيلول) الماضي عندما اعتمد وبأغلبية ساحقة من الدول الأعضاء زيادة المدفوعات لأنشطة البحث والابتكار والتعليم بنسبة 24.5 في المائة أو 2.8 مليار يورو مقارنة بموازنة العام 2014 وتحقيق المستوى الإجمالي للمدفوعات ليصل إلى 140 مليارا بزيادة 3.3 في المائة مقارنة بالعام الحالي، والالتزامات لتصل إلى تقريبا 146 مليار بزيادة 1.7 في المائة.

وتبقى هوامش كافية تحت سقف المدفوعات والالتزامات على حد سواء. بينما يرغب البرلمان الأوروبي أن يصل إجمالي المدفوعات إلى 146 مليار بزيادة تصل إلى 8 في المائة والالتزامات إلى 146 مليارا بزيادة 2.6 في المائة. وتضم لجنة التوفيق بين الجانبين 28 عضوا من البرلمان ومثلهم من المجلس الأوروبي، للعمل على التوصل إلى اتفاق على نص مشترك يتم الموافقة عليه رسميا في غضون 14 يوما من تاريخ التوافق بين الجانبين. وانعقدت أول جلسة للجنة المشتركة في 6 من الشهر الحالي والثانية يوم 11 والثالثة كانت الجمعة.

ومن جانبها وفي نفس السياق، أعلنت المفوضية الأوروبية، أنها انتهت من إعداد مقترحات استجابة لقرار مجلس وزراء المال في دول الاتحاد الأوروبي في ختام اجتماعات انعقدت ببروكسل الأسبوع الماضي، بتكليف المفوضية بتقديم مقترح لتعديل اللائحة الخاصة بمسائل تتعلق بمساهمات الدول الأعضاء في الموازنة العامة للاتحاد الأوروبي في المواعيد المحددة وهي 1 ديسمبر (كانون الأول)، ويأخذ في الاعتبار الظروف الاستثنائية التي قد تمر بعض بها الدول الأعضاء مما يسمح لبعض الدول بتأجيل تاريخ دفع المطلوب منها ماليا لفترة معقولة من الزمن أقصاها مطلع شهر سبتمبر، على أن يصدر هذا التعديل قبل مطلع ديسمبر القادم ويضع في الاعتبار المعاملة المتساوية بين الدول الأعضاء في هذا الصدد. واتفق الوزراء على أن هناك حاجة ضرورية لمعالجة الزيادة غير المسبوقة من المطالبات غير المسددة لتنفيذ البرامج التي تتضمنها موازنة الاتحاد، ولذلك يمكن الاستفادة من المرونة التي يوفرها اتفاق موازنة 20142020 لتبني اتفاق بشأن تعديل موازنة 2014 في الوقت المناسب، مع الأخذ في الاعتبار الموقف الفعلي الذي اتخذه المجلس الأوروبي بشأن إقرار مشروع موازنة 2015. وكانت مصادر أوروبية على هامش الاجتماعات قالت إن «وزراء المال الأوروبيين اتفقوا على السماح للندن بتمديد مهلة تسديد مساهمتها الإضافية في ميزانية الاتحاد الأوروبي بمقدار 2.1 مليار يورو حتى سبتمبر 2015».

وحسب تقارير إعلامية يهدف هذا الاتفاق إلى إرضاء رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي رفض تسديد هذا المبلغ في الموعد المحدد في 1 ديسمبر من أجل كسب الوقت تمهيدا للانتخابات التي ستجرى في بلده في مايو (أيار) 2015، كما قالت هذه المصادر. وفي ظل الجدل المتصاعد حول ترشيد الإنفاق وسياسات التقشف، خرجت الكثير من التظاهرات في عواصم أوروبية ضد هذه السياسات، كان آخرها في بروكسل الأسبوع الماضي، وفي سبتمبر الماضي طالبت لجنة الموازنة في البرلمان الأوروبي ببروكسل، بأموال إضافية في موازنة الاتحاد الأوروبي للعام 2015، تخصص لسياسات النمو، وخلق فرص العمل، والتعليم بما في ذلك برامج ايراسموس للحراك الطلابي، كما طالبت اللجنة بزيادة في الأموال المخصصة للدعم والعمل الإنساني في المناطق المنكوبة وأماكن الصراعات وخصوصا في سوريا وأوكرانيا والأراضي الفلسطينية، وصوت أعضاء لجنة الموازنة في البرلمان الأوروبي في وقت سابق، لصالح قرار، يرفض مقترحات تقدمت بها المفوضية بناء على طلب من المجلس الوزاري الذي يمثل الدول الأعضاء، وتتضمن المقترحات خفض النفقات المخططة والفعلية ومنها خفض الالتزامات بقيمة 522 مليون يورو من أصل 145 مليار يورو، وخفض المدفوعات بقيمة 2.1 مليار يورو من أصل 142 مليار يورو.

وقال بيان صدر عن مقر البرلمان الأوروبي إن «أعضاء لجنة الموازنة طالبوا باقي الأعضاء في البرلمان بمعارضة أي طلبات للمجلس الأوروبي بخفض الموازنة في العام القادم 2015»، وقالت ايدر روبيال عضو لجنة الموازنة من كتلة الاشتراكيين والديمقراطيين «ينبغي علينا استخدام الموازنة كأداة استثمارية، للمساعدة في التغلب على الأزمة، وتعزيز البرامج المستقبلية ذات الأهمية الاستراتيجية» وأضافت أن «أي تخفيض في الأموال المخصصة لتحقيق النمو والتوظيف والتعليم يعتبر أمرا مخالفا لما صدر عن المجلس الأوروبي من اعتبار هذه القضايا في أولويات العمل الأوروبي».

وقال بيان للبرلمان إن «لجنة الموازنة طالبت بتوفير التمويل اللازم للشركات الصغرى والمتوسطة، والمشروعات التي تطرحها، كما طالب القرار الذي صوت أعضاء اللجنة عليه، بضرورة تخصيص أموال إضافية لمساعدة المزارعين ومصائد الأسماك، بسبب الضرر الذي لحق بهم جراء عقوبات تجارية فرضتها موسكو في وقت سابق تتضمن حظر المنتجات الغذائية والزراعية وخصوصا الخضر والفاكهة من الاتحاد الأوروبي ردا على عقوبات اتخذها الاتحاد الأوروبي ضد موسكو في يوليو (تموز) الماضي على خلفية الأزمة الأوكرانية. كما طالبت لجنة الموازنة بضرورة تسوية مسألة المدفوعات المستحقة للعام الحالي 2014 لمنع تراكم متزايد على موازنة العام المقبل، وأيضا تفادي أزمات متكررة نتيجة لتأخر في دفع فواتير لمشروعات وخصوصا للشركات المتوسطة والصغرى، وأيضا التي تستفيد منها المنظمات غير الحكومية والطلاب، واقترحت لجنة الموازنة تخصيص 4 مليارات إضافية لتوفير الموارد اللازمة لسداد الفواتير المستحقة ودعم المجالات ذات الأولوية