بعد 6 سنوات من الركود الاقتصادي.. اليونان تعود للنمو من جديد

أثينا استفادت من ازدهار السياحة لتجاوز «نفق الكساد العظيم»

TT

عاد الاقتصاد اليوناني إلى النمو من جديد بعد أزمة عانت منها أثينا لـ6 سنوات متتالية من الركود، لتضع نهاية لواحدة من أشد فترات الانكماش الاقتصادي في التاريخ الأوروبي الحديث.

وأظهرت البيانات نمو الناتج المحلي الإجمالي على أساس سنوي بنسبة 1.7 في المائة في الربع الثالث، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وبنسبة 0.7 في المائة على أساس فصلي، ليستفيد الاقتصاد اليوناني من ازدهار السياحة خلال فترة الصيف.

وبدء النمو هذا العام مع بداية الربع الأول مقارنة بالربع الرابع من العام الماضي، إلا أن الربع الأول مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق تراجع بنسبة 0.3 في المائة، ورغم هذا التراجع فإنه عاد ليرتفع بنسبة 0.4 في المائة بالربع الثاني ليصبح بذلك متوسط النمو في الـ9 أشهر الأولى من العام 0.6 في المائة، وتشير توقعات صندوق النقد الدولي لنمو يصل إلى 0.6 في المائة على مدار العام.

وتظهر مؤشرات قطاع الصناعة اليونانية تحسنا طفيفا، حيث ارتفع مؤشر «PMI» مديري المشتريات لقطاع التصنيع الصادر من «ماركيت» إلى 48.8 نقطة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مقارنة مع 48.4 نقطة في سبتمبر (أيلول)، إلا أنه ما زال تحت مستوى 50 نقطة، الذي يفصل بين التوسع والانكماش، ويعود هذا التحسن الطفيف بشكل رئيسي على نمو طلبات التصدير.

وعبر رئيس الوزراء اليوناني أنطونيس ساماراس في بيان له عن ثقته بعودة الاقتصاد، قائلا: «اليونان عادت. لقد وعدناكم بأن البلاد ستخرج من نفق الكساد العظيم الذي عانت منه».

ولم تستطع اليونان أن تحقق نموا إيجابيا طيلة السنوات الماضية سوى في العام الحالي، ومنذ الربع الأول من عام 2008 حتى الآن لم تسجل نموا سنويا سوى في الربع الأول من عام 2010. وعادت للتراجع مرة أخرى. ومنذ ذلك الحين ظل الاقتصاد اليوناني يسجل انكماشا بشكل جعل البلاد تعتمد منذ عام 2010 على قروض مساعدات من مانحين دوليين.

ومع هذا الانكماش الاقتصادي، استدعت اليونان المساعدات من مجموعة اليورو بعد عجزها عن سداد مستحقات موجبة عليها، لتفرض المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي والمصرف المركزي الأوروبي شروطا تقشفية وتدابير قاسية عانت منها على مدار السنوات الماضية.

وبلغت الديون المتراكمة على اليونان 237 مليار دولار في عام 2006 بنسبة 90.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن تلك النسبة يتوقع لها أن ترتفع بشكل كبير لتصل إلى 175 في المائة، وذلك بعد حزمة المساعدات التي تلقتها اليونان بقيمة 240 مليار يورو (299 مليار دولار)، وتنتهي المساعدات الأوروبية بنهاية العام الحالي، بينما يمتد برنامج مساعدات صندوق النقد حتى بداية عام 2016.

ورغم ارتفاع هذه المديونية بشكل كبير، فإن اليونان استطاعت أن تعود في أبريل (نيسان) الماضي لأسواق المال الدولية بعد غيابها لـ4 سنوات، في إشارة لقدرتها على دفع عجلة النمو ومواجهة الديون التي تثقل كاهلها.

ونجحت بالفعل في إصدار سندات حكومية بقيمة 3 مليارات يورو (4.16 مليار دولار) استحقاق 5 سنوات، وشهدت إقبالا من المستثمرين الدوليين بلغ نحو 90 في المائة من مبيعات السندات.

وكان السبب الرئيسي لإصدار تلك السندات، على حد قول وزير المالية يانيس ستورناراس في تصريحات له، هو اختبار قدرت بلاده على الاقتراض من السوق الدولية ومحاولة لتقليل الفائدة على ديونها، مشيرا لعدم احتياج بلاده إلى المال بشكل عاجل.

وتعاني اليونان حالة من الصراعات السياسية بسبب السياسة التقشفية التي عانت منها البلاد، حيث دعا ألكسيس تسيبراس زعيم ائتلاف القوى اليسارية لإجراء انتخابات تشريعية مبكرة، منددا بخضوع بلاده لإملاءات الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي.

وأضاف تسيبراس في كلمة له خلال اجتماع الكتلة النيابية لحزبه بالبرلمان نقلتها الصحف اليونانية أن الحكومة الحالية لا تحظى بشعبية كبيرة لدى الشارع.

واستطاع رئيس وزراء اليونان أنطونيس ساماراس الفوز باقتراع على الثقة في البرلمان في منتصف أكتوبر الماضي، بعد حصوله على تأييد كل النواب المحافظين والاشتراكيين في ائتلافه وعددهم 155 نائبا.

وكان ساماراس قد دعا لإجراء هذا التصويت في محاولة لحشد التأييد لخطته الرامية إلى التخلي عن حزمة المساعدات المقدمة من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، وإنهاء التكهنات بأنه سيضطر قريبا للدعوة لإجراء انتخابات مبكرة.

* الوحدة الاقتصادية لـ«الشرق الأوسط»