الأمطار تشل الطرقات في بيروت وتتسبب في انقطاع الكهرباء والإنترنت

الوزير غازي زعيتر: سأجري التحقيقات اللازمة وأتعهد بإيجاد حل جذري ومقاضاة الجهة المسؤولة

طرقات بيروت تتحول إلى بحيرات إثر هطول الأمطار، لبناني يحاول اجتياز الطريق المقطوع بمياه الشتاء.
TT

وكأن اللبنانيين لم تكفهم الصدمات السياسية والأمنية والغذائية التي تلقوها مؤخرا حتى جاء موسم الشتاء ليزيد «الطين بلة»، ولكن هذه المرة وانطلاقا من واقع مستوحى من المعنى الحقيقي لهذه العبارة المشهورة في لبنان، اختلطت الأمور بعضها ببعض وانهمرت أمطار الشتاء بغزارة، لتتسبب في انقطاع التيار الكهربائي والطرقات والإنترنت.

فبعد حملات مكافحة الفساد الغذائي والمائي والتجميلي، التي قام بها وزير الصحة وائل أبو فاعور مؤخرا، مما أنسى اللبنانيين موضوع تمديد أعضاء المجلس النيابي لأنفسهم، حملت الطبيعة بدورها همومها، وتساقطت الأمطار بغزارة في مختلف المناطق اللبنانية، فعاد بهم الزمن ليعيشوا مرة جديدة قصة «إبريق الزيت»، أي نفس المشكلات التي سبق وعانوا منها في موسم الشتاء الماضي وما قبله بسنوات عدة.

فرغم أن نشرات أحوال الطقس كانت قد أنذرت المعنيين بتغييرات المناخ، وبأن الأمطار ستهطل بغزارة، فإن المشهد نفسه استعرضه الناس هنا وهناك إما مباشرة من خلال ورطتهم بالحضور في الطرقات الفائضة بالمياه، وإما عبر وسائل الإعلام التي نقلت صورا حية عن معاناة المواطنين، الذين وقف معظمهم وسط الطرقات المقطوعة، يرددون سؤالهم الشهير: «وين الدولة؟». أول الغيث كان على طريق المطار، فقد انقطع طريق (المطار - خلدة) في الاتجاهين (الذهاب والإياب) بسبب تجمع مياه الأمطار في النفقين المؤديين إلى المطار.

هذا المشهد الذي سبق ورأيناه أكثر من مرة في مواسم الشتاء السابقة التي مرت على لبنان، دفع بالوافدين والذاهبين من وإلى مطار بيروت إلى اللجوء إلى وسائل نقل سبق وأنقذتهم من هذه المشكلة، ألا وهي ممارسة رياضة السباحة، مستخدمين العوم على حقائبهم، أو سيرا على الأقدام بعد أن «شمروا» عن زنودهم وأقدامهم، أو من خلال استقلالهم دراجات نارية صغيرة يستغل أصحابها هذا النوع من المشكلات لنقل الزبائن عليها بأسعار معقولة (10000 ليرة) لاجتياز المسافة الصغيرة الفاصلة بين تلك الطرقات والمطار. مجموعة من الطرقات والأوتوسترادات تأثرت بأمطار نوفمبر (تشرين الثاني) في لبنان. فكما تأثر أوتوستراد جونية وجبيل كذلك أوتوسترادات خلدة والأوزاعي وصيدا وغيرها، التي تحولت إلى بحيرات طبيعية غمرتها المياه إلى حد جعل السائقين يتوقفون إلى جانبها، ينتظرون الفرج بعد أن كانوا منذ فترة قصيرة يتضرعون إلى السماء كغيرهم بأن تتساقط الأمطار وتنقذنا من موسم الجفاف الذي أصاب لبنان مؤخرا.

وبسبب الأمطار ارتفعت نسبة حوادث السير وانزلاقات السيارات على الطرقات الجبلية في ضهور الشوير وفاريا والسهيلة وجعيتا وغيرها، تماما كما على الطرقات الواسعة في مناطق الدورة وخلدة والأوزاعي. أما حصيلة هذه الانزلاقات فكانت مقتل شخصين وجرح 12 في 11 حادث سير وقعت خلال الـ24 ساعة الماضية.

واكتمل المشهد عندما غرقت معظم المناطق في لبنان وبينها العاصمة بيروت في ظلام دامس بررته شركة كهرباء لبنان بأعطال أصابت شبكتها بسبب غزارة المتساقطات. المواطنون المحرومون من اشتراكهم في المولدات الكهربائية في مناطقهم سهروا مرة أخرى على ضوء الشموع. أما هؤلاء الذين ينعمون بهذا «اللوكس» فقد اكتشفوا أن مواقع التواصل الاجتماعي توقفت تماما بسبب عطل طارئ أصاب أيضا شبكة الإنترنت.

وزير الأشغال العامة غازي زعيتر صرح في حديث لـ«الشرق الأوسط» بأنه تعهد بنفسه بحل هذا الموضوع جذريا، وقال: «هذا واجبي وسأقوم بتقصي الأسباب التي أوصلتنا إلى هنا، فوجع اللبنانيين لن يذهب سدى، وسأنقل كل المعلومات والوقائع التي ستزودني بها استقصاءاتي هذه إلى الرأي العام». وعند سؤاله عن سبب عدم تدارك الأمر من قبل الوزارة والمعنيين في هذا الملف، خصوصا وأن الجميع كان يعلم أننا على أبواب الشتاء، أجاب: «هذا كلام سليم، ولكني تسلمت الوزارة وهي تئن تحت مشكلات عدة، وهذه واحدة منها، فهناك شركات ملتزمة بالقيام بواجبها تجاه فتح الطرقات، ولا سيما طريق المطار، وغيرها من الطرقات الدولية، وأنا متمسك بوضع الأمور في نصابها وتحميل المسؤولية لصاحبها حتى لو كانت تلك الجهة هي الدولة بحد ذاتها». وتابع: «إن العقود التي تلزم تلك الشركات بالقيام بواجباتها تنتهي صلاحيتها في 31 من شهر ديسمبر (كانون الأول) من عام 2014، وفي حال اكتشفت أنها المسؤولة المباشرة عن هذا الوضع وترديه بسبب اقترافها الإهمال أو الخطأ، فلدي الحق في إقصائها عن العمل وحتى في تحويلها إلى القضاء. وفي هذه الحالة سنتطلع للتعاقد مع شركات أخرى، ولكن كل ذلك يتوقف على ما سنصل إليه في أبحاثنا وتحقيقاتنا التي سنقوم بها في اليومين المقبلين».

وفي انتظار تحركات الوزير المختص، فإن اللبنانيين لم يوفروا مواقع التواصل التي عادت إلى الحياة اليوم من تعليقاتهم الساخرة على هذه المشكلة المزمنة. فكتب يوسف الحاج علي، وهو أحد الناشطين المعروفين على صفحة الـ«فيس بوك»، يقول: «موسم الشتاء هذا العام في لبنان هو برعاية مايوهات (سبيدو)»، بينما دونت ثريا بركات، وهي ناشطة أخرى على موقع «تويتر»، تقول: «يعني بعدما انتفخنا من السموم الموجودة في طعامنا ومياهنا وحقن البوتوكس المنتهية الصلاحية، هل كان علينا أن نعيش انتفاخا من نوع آخر على طرقاتنا ليتحرك المسؤولون؟».