الصحافة العالمية: هبوط المجس «فيله» على مذنب يتوج التغطية الأسبوعية للصحف البريطانية

الإعلام الأميركي يركز على آسيا والكوارث وقضايا الإرهاب

TT

الحدث الأهم الذي تصدر العناوين الرئيسة للصحف البريطانية كان هبوط مجس على مذنب في خطوة اعتبرت الأولى في مجال استكشاف الفضاء وتمثل ذروة رحلة بدأت قبل 10 سنوات.

وتحت عنوان «وصلنا هناك.. نحن على المذنب» قالت صحيفة «الغارديان» على صفحتها الأولى: «بعد بداية مقلقة للهبوط جاءت تلك اللحظات عندما هبط المجس، الذي يزن 100 كيلوغرام، على سطح المذنب في الساعة 1600 بتوقيت غرينتش، بعد 7 ساعات من الانفصال عن سفينة الفضاء (روزيتا) التي تحلق على ارتفاع 500 مليون كيلومتر عن الأرض».

ونشرت جميع الصحف صورة المذنب، الذي بدا كأنه صخرة كبيرة. وقالت «التايمز» في تعليقها «ساعة الهبوط»: «المجس أول مركبة فضائية تهبط على سطح المذنب»، مضيفة أن الصورة هي من الصور التي بعث بها المجس في أول نشاط له على سطح المذنب.

أما صحيفة «الديلي تلغراف» فقد نشرت هي الأخرى صورة ضخمة للمذنب تحت عنوان «جاءت هذه الخطوة الرائدة بعد قليل من التلكؤ.. المجس جلس على المذنب».

كما جاءت التغطية الأسبوع الماضي لتعكس المؤشرات في سوق الإعلام والإعلان، ولأول مرة في تاريخها نشرت صحيفة «الديلي تلغراف» إعلانا تجاريا على صفحتها الأولى.

وتناولت التغطية بشكل عام القضايا المحلية التي تعكس التناحر السياسي والآيديولوجي للأحزاب الرئيسة، والتي كما جاءت في الأسبوع الماضي لتعكس التناحر في المعركة الانتخابية.

صحيفة «الإندبندنت» (يسار وسط) ركزت في تغطيتها يوم الخميس الماضي على أوضاع حزب العمال الذي يشهد حالة من التململ الداخلي بسبب تدني شعبيته في آخر استطلاعات للرأي. وكتبت الصحيفة على صفحتها الأولى تقول بأن زعيم الحزب إيد ميليباند سيحاول المسك بزمام الأمور داخل الحزب من أجل تثبيت زعامته في الحزب أمام المنافسين المتربصين به.

وعلى الصفحة نفسها نشرت الصحيفة تحت عنوان «الخزي في الحي المالي: 2.6 مليار جنيه إسترليني غرامة» على البنوك لتعاملها في السوق المالية بطرق غير أخلاقية.

وعلقت صحيفة «الغارديان» البريطانية الصادرة يوم الخميس الماضي على اتفاق المناخ بين الصين والولايات المتحدة. وورد في الصحيفة أن الاتفاق غير المتوقع الذي توصل إليه الرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره الصيني شي جينبينغ غير الرؤى الحالية لمستقبل الاتفاق العالمي في قمة المناخ المقرر عقدها في العاصمة الفرنسية باريس العام المقبل.

ونقلت الصحيفة عن وزير الخارجية الأميركي جون كيري قوله إن التوصل لاتفاق بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، باعتبارهما أكبر الدول التي يصدر عنها ملوثات للبيئة، يعد نقطة بداية جيدة في تحقيق حماية فعلية للمناخ. وتابعت «الغارديان» أن الصين والولايات المتحدة الأميركية كانتا تشكلان عائقا أمام طريق التوصل إلى اتفاق عالمي بشأن المناخ طوال ربع قرن تقريبا.

وأضافت الصحيفة أن الطريق إلى هذا الاتفاق لا يزال طويلا للغاية، ولكن على الأقل تم البدء فيه.

وفي نهاية الأسبوع جاءت التغطية لتعكس قمة مجموعة العشرين في أستراليا وقادة الدول الأكثر ثراء في العالم ونداء الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لتعزيز جهودهم للتصدي لوباء إيبولا بهدف تفادي أزمة غذائية كبيرة. وأبرزت الصحف ما جاء على لسان الأمين العام للأمم المتحدة في مؤتمر صحافي في بريزبن في أستراليا قائلا: «أود التشديد على ضرورة تكثيف الرد الدولي لمواجهة انتشار إيبولا في غرب أفريقيا». وأضاف: «في حين يتراجع عدد الحالات في منطقة فإنه يزداد في مناطق أخرى. إن انتقال (الفيروس) أكثر سرعة من رد المجتمع الدولي. أدعو قادة دول مجموعة العشرين إلى تكثيف» جهودهم.

وأوضح أن أزمة إيبولا يمكن أن تنعكس في مجالات أخرى، ما سيؤدي إلى أزمة غذائية جراء الاضطراب الذي يصيب المحاصيل الزراعية في الدول المصابة بغرب أفريقيا.

كما بينت الصحف ما طالبت به منظمات غير حكومية، بينها أوكسفام، دول مجموعة العشرين التي تمثل 85 في المائة من الثروة العالمية، من توحيد جهودها لتأمين ما يكفي من التمويل والطواقم البشرية والتجهيزات لمواجهة تحديات إيبولا. كما تناقلت الصحف تصريحات المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد حول هدف النمو الاقتصادي الذي تعتزم مجموعة العشرين تبنيه للسنوات الـ5 المقبلة، قائلة بأن ذلك لن يكون كافيا لاستحداث «كل الوظائف الضرورية»، مشيرة إلى انتعاش «غير متساو وهش» في الاقتصاد العالمي. وبينت الصحف كيف أن دول مجموعة العشرين تعمل لزيادة قيمة إجمالي ناتجها الداخلي بنقطتين مئويتين إضافيتين خلال السنوات الـ5 المقبلة بفضل مجموعة من التدابير والإصلاحات تهدف بصورة خاصة إلى تعزيز الاستثمارات الخاصة في البنى التحتية.

وقالت لاغارد في مقابلة نشرت الخميس إن «رفع المستوى نقطتين مئويتين يشكل بالتأكيد تقدما، لكن هل سيكون ذلك كافيا لاستحداث كل الوظائف التي تحتاج إليها (مجموعة العشرين)؟ الجواب: لا».

ومن جهة أخرى بدأت تغطية أحداث الأسبوع الماضي في الإعلام الأميركي بالتركيز على آسيا، والكوارث، وقضايا الإرهاب، وانتهت بالتركيز على آسيا، والكوارث، والإرهاب. وكان سبب التركيز على آسيا هو وجود الرئيس باراك أوباما هناك منذ بداية الأسبوع الماضي، وحتى نهايته. في بدايته، وصل إلى الصين لحضور قمة الدول الباسيفيكية، التي تضم أيضا روسيا والصين. وكالعادة، تبعت الرئيس التلفزيونات، والصحف، والإذاعات الرئيسة. وكان الاهتمام الأكبر هو التنمية السريعة، والهائلة، والمثيرة، في الصين. وكالعادة، تخوف الأميركيون من أن الصين ستكون الأولى اقتصاديا في العالم خلال سنوات قليلة.

ونشرت صحيفة «نيويورك تايمز» تقريرا عن اختطاف وقتل نحو 50 طالبا في المكسيك، مع خوف واضح من انتقال الفوضى والعنف هناك عبر الحدود. ثم أخبار حرق مقر الحزب الثوري الحاكم على أيدي آباء وأمهات وأقرباء الطلاب. وقالت «نيويورك تايمز» إن هذا «إرهاب» أيضا، وإنه يمكن أن يعبر الحدود.

وعن إرهاب المسلمين المتطرفين، اهتمت الصحيفة بنيجيريا، حيث قام مفجر انتحاري بقتل 47 على الأقل من طلاب مدرسة في بلدة هناك.

وفي منتصف الأسبوع، اهتم الإعلام الأميركي بالرياضة، وخاصة قنوات رياضية مثل «إي إس بي إن»، وذلك بسبب حدث سنوي مهم في كرة البيسبول: أحسن لاعبين في الموسم، بمناسبة نهايته، كليتون كيرشو، لاعب فريق «دودجارز» (المقاومين) في لوس أنجليس (الدوري الوطني)، ومايك تراوت، لاعب فريق «آنجيلز» (الملائكة) أيضا في لوس أنجليس (الدوري الأميركي).

وبسبب وجود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قمة الصين، كان هناك اهتمام أكبر بأحداث أوكرانيا، خاصة مع عنوان كبير في صحيفة «واشنطن بوست» على لسان حلف شمال الأطلسي بأن قوات ومعدات عسكرية روسية دخلت أوكرانيا، فيما وصف بأنه «شبه غزو». وأيضا، تصريح وزير الدفاع الروسي سيرغي شويجو عن استئناف الرحلات الجوية العسكرية، للمرة الأولى منذ الحرب الباردة، إلى قرب السواحل الأميركية، إلى المحيط الأطلسي الغربي والبحر الكاريبي.

ونقل تلفزيون «سي إن إن» فيديو عن القتال في اليمن، هذه المرة بين المتمردين الحوثيين والقبائل السنية التي تدعمها منظمة «أنصار الشريعة». وجاء في الفيديو أن الاشتباكات تركت 33 قتيلا على الأقل في محافظة البيضاء. وأشار تلفزيون «سي إن إن» إلى استمرار حرب «الدرون»، حيث قتلت طائرة أميركية من دون طيار 7 من مسلحي «القاعدة» هناك.

وفي منتصف الأسبوع، زادت التغطية الآسيوية مع انعقاد قمة أخرى هناك: قمة «آسيان» في مدينة نايبيداو، عاصمة ميانمار (بورما)، وخاصة ضغوط الرئيس أوباما على قادة بورما العسكريين بشأن اضطهاد الأقلية المسلمة هناك. مع نشر خبر اتفاق بين الرئيس الصيني شي جينبينغ والرئيس أوباما عن التوصل إلى اتفاق للحد من الغازات المسببة للاحتباس الحراري. ونشرت صحيفة «واشنطن تايمز» تصريحات قادة جمهوريين انتقدوا أوباما وقالوا إنه يجب ألا يثق في الصينيين، لأن الصينيين مخادعون.

غير أن أهم خبر في منتصف الأسبوع كان العاصفة الشتوية الأولى هذا الموسم، التي ضربت ولايات الغرب الأوسط، وتبارت القنوات التلفزيونية في نقل مناظر الجليد والحوادث.

في الجانب الآخر، تنفس الأميركيون الصعداء عند إعلان الولايات المتحدة خالية من مرض «إيبولا»، وأعلن أن الدكتور كريغ سبنسر، من منظمة أطباء بلا حدود التطوعية، خال من فيروس إيبولا، وأفرج عنه من مستشفى مدينة نيويورك، وتابعت نشرات أخبار التلفزيون خروجه من المستشفى.

وسعد الإعلام الأميركي، أيضا، بسبب الإنجاز العلمي الذي حققته مهمة «روزيتا» (رشيد) الفضائية عندما أنزلت مركبا صغيرا، في حجم فرن كهربائي، هو «فيله»، على سطح مذنب يبعد 5 ملايين ميل من الأرض.

ومع نهاية الأسبوع، كان أوباما وصل إلى نقطة آسيوية أخرى، هي برزبن، في أستراليا، لحضور قمة العشرين دولة الأغنى في العالم. ولكن، تبعت أوباما المشكلات الداخلية الأميركية، مثلا: في مؤتمر صحافي نقلته قناة «سي إن إن»، وجه صحافيون أميركيون أسئلة كثيرة له عن هذه المشكلات الداخلية، وغطت الأسئلة والأجوبة على كثير من أخبار القمة، أولا: تهديد أوباما للجمهوريين بأنه سيصدر أمرا تنفيذيا لتقليل نسبة إبعاد الأجانب الموجودين في الولايات المتحدة بصورة غير قانونية (لا يريد الجمهوريون أي تلكؤ). ثانيا: تهديده بأنه سيستعمل «الفيتو» ضد قرار يتوقع أن يوافق عليه الكونغرس بمد أنابيب نفط من الحدود مع كندا إلى الولايات الأميركية الجنوبية. ثالثا: دفاعه عن الاتفاق مع الصين حول نظافة البيئة.

وفي كل الحالات، غطت عناوين الصحف الرئيسة، ونشرات أخبار التلفزيونات الرئيسة، عن هذه المواضيع على جولة أوباما، وعلى القمم الـ3 التي حضرها. وفي كل الحالات، وفي غياب أوباما، سيطر على التغطية السياسية الداخلية قادة الحزب الجمهوري، بعد أن سيطروا على الكونغرس.