قمة الـ20 تختتم بخطة لإنعاش الاقتصاد والحد من دعم الوقود الأحفوري

لاغارد ترحب بالقرارات وتشدد على أهمية «تنفيذ النيات».. وهولاند يحذر من حروب بسبب التغير المناخي

تواقيع قادة دول العشرين حول الصورة الرسمية للقادة في ختام قمة بريزبن (إ.ب.أ)
TT

اختتمت قمة مجموعة العشرين أعمالها في أستراليا، أمس، بالتأكيد على أهمية دفع مستويات النمو الاقتصادي العالمي خلال المرحلة المقبلة، حيث أعلن قادة الدول الاقتصادية الأكبر في العالم أن هذه «الأولوية الأولى» من أجل تحسين مستويات المعيشة وتوفير فرصة أفضل للمعيشة. واتفق رؤساء دول وحكومات مجموعة الـ20 على خارطة طريق اقتصادية أثناء قمة بريزبن، حيث لفتوا في بيان ختامي واقع في 3 صفحات إلى أن النمو ما زال «ضعيفا ومتفاوتا ويواجه مخاطر، في الأسواق المالية بسبب توترات جيوسياسية».

وأكدت مجموعة الـ20 أنها تهدف إلى تحقيق «نمو قوي، مستدام ومتوازن ويخلق وظائف»، وتقترح «خطة عمل بريزبين» التي تمر عبر إصلاحات هيكلية. والهدف المعلن هو زيادة قيمة إجمالي الناتج الداخلي لدول مجموعة الـ20 بنسبة 2.1 في المائة إضافية، قياسا إلى المسار الذي ستتبعه حتى عام 2018. ويعادل ذلك زيادة بقيمة ترليوني دولار عبر السنوات الخمس المقبلة.

واستحوذ ملف الطاقة والمنتجات النفطية على حيز مهم من اجتماعات قادة الدول الـ20، حيث أعلنت مجموعة الـ20 تعزيز التعاون في قطاع الطاقة، وحددت إجراءاته في 2015، لضمان أسواق أكثر استقرارا، بينما تبدو أسعار النفط حاليا منخفضة جدا، مسجلة مستويات غير مسبوقة منذ 2010.

وأفاد البيان الختامي الصادر أمس عن المجموعة بأن «من أهم أولوياتنا زيادة التعاون في مجال الطاقة، حيث تشهد أسواق الطاقة العالمية تحولات مهمة. وتعد أسواق الطاقة القوية والمرنة أساسية للنمو الاقتصادي. وإننا نؤيد اليوم مبادئ مجموعة الـ20 للتعاون في مجال الطاقة، وطلبنا من وزراء الطاقة لدولنا الاجتماع فيما بينهم، وإبلاغنا بحلول عام 2015 حول الخيارات المطروحة للمضي قدما في هذا المسار».

ولفت البيان إلى أهمية الغاز في المرحلة المقبلة، إذ أوضح البيان أن «الغاز من مصادر الطاقة ذات الأهمية المتزايدة وسنعمل على تحسين فعالية أسواق الغاز العالمية».

وفيما يخص تحسين كفاءة الطاقة خلال الفترة المقبلة، اتفقت الدول الـ20 «خطة عمل للتعاون التطوعي في مجال كفاءة استخدام الطاقة، بما في ذلك العمل الجديد على الفعالية وأداء انبعاث الغازات في المركبات، وخصوصا المركبات الثقيلة، والأجهزة المتصلة بالشبكة، والمباني، والعمليات الصناعية، وتوليد الكهرباء، فضلا عن العمل على تمويل لكفاءة استخدام الطاقة»، بحسب البيان الختامي.

وأضاف قادة الدول الـ20: «نؤكد من جديد التزامنا بترشيد والتخلص التدريجي من الدعم المتعلق بالوقود الأحفوري الذي يشجع الاستهلاك المسرف، مع اعترافنا بالحاجة إلى دعم الفقراء».

وبناء على مساعي الرئاسة الأسترالية التي استضافت القمة، تعمل مجموعة الـ20 على تحفيز الاستثمار في البنى التحتية العامة والخاصة. وشكلت لذلك لجنة مختصة مكلفة تأمين التواصل بين الحكومات والمجموعات الخاصة والمصارف الإنمائية.

وأعربت مجموعة الـ20 عن ترحيبها بالإصلاحات الجارية في القطاع المصرفي خاصة تلك التي اقترحها مجلس الاستقرار المالي الذي يضم مسؤولي المصارف المركزية وخبراء المال لفرض قواعد رأسمال أكثر تشددا للمصارف العالمية.

وبدورها، قالت كريستين لاغارد مدير عام الصندوق، أمس، في ختام قمة المجموع: «المهم الآن هو تنفيذ النيات». وأضافت: «على الجميع الآن أن يتحرك بشكل حاسم، وهذا هو المفتاح نحو تحقيق نمو قوي ومستدام ومتوازن وعادل اجتماعيا، كما أنه المفتاح نحو خلق فرص العمل الضرورية».

وأشادت لاغارد بالجهود التي تخطط المجموعة للقيام بها من أجل تمكين المزيد من النساء من تقلد وظائف مدفوعة الأجر.

وتجدر الإشارة إلى أن المجموعة تخطط لإيصال عدد النساء العاملات إلى مائة مليون امرأة بحلول عام 2025.

ومن جهة أخرى، عبرت مجموعة الـ20 عن ارتياحها للتعميم الجاري لتبادل المعطيات المصرفية آليا بين الدول، وصادقت على الشق الأول من الخطة التي أعدتها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية من أجل الحد من التهرب الضريبي. كما وافقت مجموعة الـ20 على أعمال مجموعة العمل لمكافحة الفساد التي تهدف إلى وضع قاعدة شفافية على الملكية الفعلية للشركات.

ووعدت مجموعة الـ20 بعد مناقشات محتدمة للغاية رغم تدخل الولايات المتحدة، بـ«تحرك قوي وفعال» من أجل المناخ. وقال القادة: «نؤكد مجددا دعمنا لتعبئة وسائل مالية من أجل تكيف (البلدان التي تقع ضحية التغيرات المناخية) مثل الصندوق الأخضر» التابع للأمم المتحدة، الذي يهدف إلى مساعدة البلدان الفقيرة.

وبدوره، قال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، أمس، إن التقاعس عن معالجة ارتفاع درجة حرارة الأرض قد يشعل الحروب، ودعا مجموعة الـ20 إلى التحرك قبل مؤتمر عن تغير المناخ يعقد في باريس العام المقبل.

وأعلن هولاند: «سنجتمع ثانية في باريس لتوقيع اتفاقية عالمية تحمي الكوكب من ارتفاع الحرارة بمقدار 3 إلى 4 درجات مئوية، وهو ما يمكن أن يقود إلى كارثة ما لم يشعل حربا»، مضيفا: «أحد أساليب تحاشي الصراعات والكوارث هو اتخاذ القرارات». ويأمل هولاند أن توقع الدول على اتفاقيات ملزمة للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار درجتين مئويتين خلال المؤتمر الذي سيعقد في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015.

وطغى ملفا الأمن وتغير المناخ على محادثات القمة بشأن تعزيز النمو الاقتصادي العالمي، رغم أن قادة المجموعة وقعوا على حزمة إجراءات لزيادة النمو العالمي بواقع 2.1 نقطة مئوية خلال 5 أعوام.

ودعا البيان الختامي إلى تحرك قوي وفعال للتصدي لتغير المناخ بهدف الموافقة على بروتوكول له صفة الإلزام القانوني خلال مؤتمر للأمم المتحدة عن المناخ، سيقام في باريس عام 2015.

وقال مسؤول من الاتحاد الأوروبي للصحافيين طالبا عدم نشر اسمه: «المناقشة الأصعب كانت عن تغير المناخ.. كان الأمر حقا مثل حرب خنادق وكان حقا يتم خطوة بخطوة».

ووضع أوباما تغير المناخ على جدول أعمال القمة بكلمة ألقاها، أول من أمس، دعا فيها كل الدول للتحرك والالتزام بدفع 3 مليارات دولار لصندوق المناخ الأخضر. وتعهدت اليابان بدفع 5.‏1 مليار دولار للصندوق، أمس.

كما اتفق قادة العالم على التعاون في المعركة ضد فيروس «إيبولا»، الذي قال كاميرون إنه ليس أزمة إنسانية فحسب، ولكنه خطر أمني كذلك.

وقال: «أفضل طريقة لحماية الناس من (إيبولا) هي بالتصدي له من الجذور».

وبعد انتهاء أعمال قمة بريزبن تتولى تركيا الإعداد للقمة المقبلة، بينما اختيرت الصين أمس لتولي الرئاسة التالية لمجموعة العشرين واستضافة قمة المجموعة في 2016. وقال البيان الختامي للمجموعة التي عقدت قمتها في بريزبن شرق أستراليا: «يسرنا أن نلتقي في 2016 في الصين».

وبعد أستراليا، ستنتقل الرئاسة الدورية للمجموعة إلى تركيا في ديسمبر (كانون الأول) المقبل ولمدة عام. وستستضيف القمة المقبلة لرؤساء دول وحكومات المجموعة في 15 و16 نوفمبر (تشرين الثاني) من العام المقبل في أنطاليا جنوب غربي البلاد.

وردا على سؤال في هذا الشأن على هامش القمة، قال نائب وزير المالية الصيني جاو غوانغجياو إن استضافة الصين لاجتماعات قمة دولية ناجمة عن «نجاح» اجتماع المنتدى الاقتصادي لدول آسيا المحيط الهادي مطلع الأسبوع في بكين.