ميركل تشجع أي فرصة حوار مع بوتين.. وكاميرون يؤكد زيادة عزلة روسيا

الأوروبيون يدرسون خيارات جديدة في أوكرانيا

الرئيس الأميركي باراك أوباما يتوسط قادة أوروبا بمجموعة العشرين في لقاء على هامش قمة بريزبن أمس (أ.ف.ب)
TT

هيمنت الخلافات الغربية مع روسيا بسبب أوكرانيا على مناقشات القادة الغربيين في قمة مجموعة الـ20 التي أنهت أعمالها أمس. وبينما ترك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القمة في وقت مبكر، قائلا في تصريحات صحافية إنه يحتاج إلى «ساعات من النوم» قبل بدء أسبوع العمل اليوم، التقى الرئيس الأميركي باراك أوباما بالقادة الأوروبيين المجتمعين في بريزبن لبحث التطورات في أوكرانيا. وعلى الرغم من الاستياء من الرئيس الروسي بسبب الأزمة الأوكرانية، شددت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على ضرورة أن يبقى الغرب على الحوار معه دائما.

وقالت ميركل أمس عقب لقائها برئيس الوزراء الأسترالي توني آبوت في مدينة سيدني: «من المهم أن يتم اغتنام أي فرصة للحوار والاستفادة منها».

ولكن امتنعت ميركل عن التصريح بأي تعليقات عن مباحثاتها الثنائية مع الرئيس الروسي التي عقدت مساء أول من أمس على هامش قمة مجموعة الـ20 وكذلك على المباحثات التي أعقبتها مع رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر.

وأكدت المستشارة الألمانية: «هذه المباحثات كانت سرية». وتابعت ميركل: «قمنا بمناقشة النزاع القائم بأكمله مرة ثانية بشكل عام وأساسي».

ولكن كانت لهجة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أكثر صرامة في ختام قمة الـ20، إذ قال ان دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وجهت «رسالة واضحة جدا» إلى روسيا بشأن الأزمة الأوكرانية. وقال كاميرون في مؤتمر صحافي: «أعتقد أن الأمر الجيد في هذه القمة هو أننا وجهنا رسالة واضحة جدا نقلتها دول الاتحاد الأوروبي وأميركا إلى روسيا حول الطريقة التي سنعالج فيها ذلك (الأزمة الأوكرانية) في الأشهر والسنوات المقبلة». وأضاف: «كانت هناك وحدة جيدة بين دول أوروبا والولايات المتحدة (...) سنواصل الضغط وإذا واصلت روسيا زعزعة استقرار أوكرانيا فستفرض إجراءات (عقوبات)».

وكان كاميرون حذر من أن روسيا قد تواجه عقوبات جديدة إذا لم تعمل على إيجاد حل للنزاع في أوكرانيا، معتبرا أن تحركات موسكو «غير مقبولة». وقال في خطاب أمام البرلمان الأسترالي في كانبرا إن «روسيا تتصرف كدولة كبرى تعتدي على دول أصغر في أوروبا».

ومن جهتها بدت فرنسا حذرة في الصراع الذي نشب في قمة الـ20 بين الغربيين وروسيا المتهمة بتأجيج النزاع في أوكرانيا، وذلك من خلال الإبقاء على الغموض بشأن مسألة تسليم بارجتي ميسترال الحربيتين إلى روسيا.

ومع أن هذه القضية حاضرة بقوة في أذهان الجميع، فإن الرئيسين فرنسوا هولاند وفلاديمير بوتين نجحا في التباحث «لأكثر من ساعة» على هامش قمة بريزبن دون أن يتلفظا حتى بكلمة ميسترال، بحسب ما كشف مقربون من الرئيس الفرنسي.

وكانت وكالة الأنباء الروسية «ريا توفوستي» زادت من حدة التوتر عشية اللقاء بنقلها عن مصدر «رفيع المستوى» في موسكو لم تكشف هويته قوله إن «على فرنسا تسليم أول ميسترال قبل نهاية الشهر الحالي وإلا فإنها ستواجه طلبات تعويض جدية».

وفي عودة لردود فعل الحرب الباردة، سعى الطرفان إلى عدم كشف جميع أوراقهما على الفور كما كان يحصل في زمن الردع النووي. وقال مقربون من هولاند عشية القمة إن «مجموعة الـ20 ليست المكان الذي تعلن فيه قرارات ثنائية، لا يجب خلط الأمور».

لكن أحد المقربين من الرئيس الفرنسي لمح بوضوح السبت إلى أن صمت باريس عن ملف ميسترال يدخل في إطار «استراتيجية» تهدف إلى إبقاء الضغوط على روسيا.

وبعيدا عن هذه التدقيقات الدبلوماسية، وصفت الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا في الوقت نفسه روسيا بزعامة بوتين بأنها تشكل «تهديدا للعالم» وترغب في استعادة «المجد المفقود لعهد القياصرة أو الاتحاد السوفياتي» ومعتدية على دولة أصغر منها في إشارة إلى أوكرانيا.

وبلغ الأمر حدا جعل بوتين الساخط على هذا السيل من الانتقادات، يختصر وجوده في قمة الـ20 ولا يشارك في الغداء الرسمي الأحد.

وخلال اللقاء الذي جمعهما اكتفى هولاند وبوتين بتبادل عبارات مثقلة بالإيحاءات وتعابير جسمانية لا غموض فيها وخصوصا مصافحة باردة جدا وسط وجوم واضح.

ودعا بوتين نظيره الفرنسي إلى «التقليل من المخاطر والآثار السلبية» للتوترات الدولية على العلاقات بين البلدين.

أما هولاند فقال إنه «لا يزال على استعداد للمضي في هذه العلاقة لكن شريطة أن تؤدي إلى نتائج»، مشيرا إلى الأزمة الأوكرانية والجهود التي يبذلها كل من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الأوكراني بترو بوروشينكو لحلها.

وأصبح ملف سفينتي ميسترال الحربيتين اللتين باعتهما فرنسا لروسيا في يونيو (حزيران) 2011 مقابل 1.2 مليار يورو، في قلب هذا الخلاف الدبلوماسي العسكري منذ أن قرر هولاند في بداية سبتمبر (أيلول) الماضي ربط تسليم السفينتين بالتسوية السياسية لأزمة أوكرانيا.

وكرر وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان الأربعاء الماضي أنه «لا يمكن تحديد أي تاريخ للتسليم في هذه المرحلة» مضيفا أن «الرئيس الفرنسي سيتخذ قراره في حينه».

ويفكر الأوروبيون في حلول جديدة لحمل بوتين على تغيير موقفه إزاء الأزمة الأوكرانية في حين لم تؤد العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا حتى الآن إلى تهدئة الأوضاع. ويتوقع أن يقرر وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خلال اجتماع اليوم في بروكسل، عقوبات بحق شخصيات أخرى من حركة التمرد الانفصالية في أوكرانيا في خطوة قد تبدو خفيفة مقارنة بالتصعيد في النزاع. وقال سفير أوروبي إنها ستكون بالأحرى خطوة «سياسية أكثر من تأثير فعلي (...) ولن تؤجج الضغط». على موسكو في حين أفرط الغربيون في انتقاد الرئيس الروسي خلال قمة مجموعة الـ20 في أستراليا.