رئيس مجلس الأعيان الأردني: غياب الديمقراطية والعدالة وهدر الحقوق تربة خصبة استغلها دعاة الإرهاب

قال إن الدفاع عن الأماكن المقدسة مسؤولية الأمتين العربية والإسلامية وليس الأردن وحده

TT

قال رئيس مجلس الأعيان الأردني عبد الرؤوف الروابدة، إن الأردن كان على الدوام، إلى جانب أشقائه العرب في كل الظروف والمواقع، ساعيا إلى بناء نظام عربي شامل مشترك، و«أن تكون قضايانا بأيدينا لا بأيدي غيرنا».

وأضاف الروابدة، في رده أمس على خطاب العرش الذي ألقاه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، في الثاني من الشهر الحالي، إيذانا بافتتاح أعمال الدورة الثانية لمجلس الأمة الـ17، إن النموذج الأردني في الحكم أثبت نجاعته، خاصة ونحن نرى انكفاءات أنظمة عربية دخلت في صراعات وشرذمة وتجزئة مهددة، وما يتكبده المواطن العربي من ويلات ودمار وما يدفعه من دماء وهدر كرامات بسبب الفرقة وغياب الفكر المستنير.

وقال الروابدة أيضا، إن غياب الديمقراطية في العديد من دولنا، وهدر الحقوق والحريات، وغياب العدالة وسوء توزيع الدخل والثروة، والتهميش والإقصاء، شكلت التربة الخصبة التي استغلها أصحاب الفكر التكفيري، دعاة العنف والإرهاب، فجندوا بعض الذين ضللوهم بشعارات تستغل الدين وهي تخالف أصوله، موضحا أننا نشهد ما صنعه هذا الفكر الظلامي من إساءة لديننا الحنيف وشعبنا العربي والإسلامي، حتى صار الإرهاب عدوا لديننا الحنيف ولكل مسلم ولكل عربي يحترم ذاته.

وأشار رئيس مجلس الأعيان إلى أن الإسلام يتعرض لأكبر خطر شهده منذ قرون. ويزيد حجم الخطر كونه يأتي من الرحم نفسه وليس من خارجه. إنها حرب أهلية داخل الإسلام، بعد أن فتحت تلك التنظيمات المتطرفة النار على الإسلام وأتباعه، وعكست صورة مشوهة ومضللة عن الدين الحنيف الذي أرسى قواعد الحرية والسلام والاعتدال والوسطية وقبول الآخر.

ومضى يقول: «إننا جميعا في عين العاصفة وعلينا التصدي لهذا الإرهاب المقنع بالدين بكل الوسائل الفكرية والتوجيهية والأمنية والعسكرية، من دون هوادة»، مؤكدا أنه تهديد سافر للأمن الوطني الأردني و«يجب إيقافه خارج حدودنا»، مشيرا إلى أن رسالة عمان تمثل جهدا استشرافيا مبكرا لتصحيح الصورة عن الإسلام الحنيف.

وأكد الروابدة أن الممارسات الإسرائيلية العدوانية في أرض فلسطين، خاصة في القدس، واستهداف المسجد الأقصى والصخرة المشرفة بإصرار وتمادٍ من قبل المتطرفين والمستوطنين الإسرائيليين، بدعم من حكومتهم اليمينية والقرارات الحمقاء التي تتخذها، تغذي جميعا المتطرفين باسم الإسلام وتشحنهم بمؤونة لإشعال العواطف. ولما كانت الأماكن المقدسة في القدس، الإسلامية منها والمسيحية، خطا أحمر لجميع العرب والمسلمين، فإن هذا السلوك الإسرائيلي العنصري المقيت يمنح فرصة سانحة للتطرف.

وأشار إلى أن الدفاع عن الأماكن المقدسة مسؤولية الأمة العربية والإسلامية وليس وقفا على الأردن وحده، وآن الأوان لإنهاء هذا الوضع الخطير الذي لا يشكل تهديدا لنا فحسب، وإنما تهديدا لأمتنا وللعالم أجمع. آن للجهود أن تتضافر لتحرك دولي وعربي وإسلامي لوضع العالم أمام مسؤولياته لقيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.

وقال: «إننا في الأردن تحملنا أعباء فوق طاقتنا وقدراتنا في استقبال الأشقاء السوريين، الذين فاءوا إلينا بفعل الأحداث الدامية في سوريا الشقيقة، وما يزال العالم والأشقاء والأصدقاء لا يقدرون حجم تضحياتنا والتكاليف الباهظة التي نتكبدها»، مشيرا إلى أن دور الأردن في المنطقة وحماية أمنها والحملة على الإرهاب والتطرف تستحق الوقوف إلى جانبه بجدية، لأن فيها خدمة للأمة والإقليم، وإن قناعة الأردن بأن أمنه الوطني جزء من منظومة الأمن العربي ترجمها بالأفعال، وجيشه على استعداد دوما للدفاع عن أي جزء من الأراضي العربية.

من جانبه، أكد رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة، في رد المجلس على خطاب العرش، أن مجلس النواب يتشرف برفع رده على خطاب العرش، الذي جاء إيذانا ببدء فصل برلماني جديد، ضمن نهجنا الديمقراطي العريق الذي انتهجه الأردن.

وأضاف أن «مجلس النواب يعاهدكم بكل الصدق على أن يواصل مسيرته بإنجاز نيابي مؤسسي، مستندا إلى الدستور، وتسخير كل الطاقات والإمكانيات المتوفرة من أجل رفعة الوطن وإعلاء شأنه، كل ذلك بتعاون وتكامل مع السلطتين التنفيذية والقضائية. وسيقوم المجلس بواجباته الرقابية والتشريعية متطلعا لبناء الوطن الأمثل والأجمل بين كل الأوطان».

وأشار الطراونة إلى أن «مجلس النواب يعبر عن اعتزازه بجبهتنا الداخلية التي هي مصدر القوة والمنعة للأردن».

وأكد أن مصلحة الوطن واحترام القانون «هما سبيلنا لتعزيز اللحمة الوطنية»، وأن حرية الرأي، والمشاركة السياسية البناءة، والمساهمة الفاعلة في إبقاء مسيرة الوطن على الجادة، سمات أصيلة يتسم بها الأردنيون وهم يمارسون مهامهم بأقصى درجات الوعي والمسؤولية؛ فجميع الأردنيين إخوة ودعاة محبة ووئام. وهم بذلك القادرون على التصدي لكل مظاهر التطرف والإرهاب من أجل مستقبل أفضل وحياة آمنة مستقرة.