مصرع 7 في اضطرابات بطرابلس في ذكرى «مذبحة غرغور»

الجيش يتهم قوات «فجر ليبيا» بضم جنوده قسرا.. والرحلات الجوية تستأنف بمطار معيتيقة بعد توقفها ساعات

TT

تجددت أمس الاشتباكات في العاصمة الليبية طرابلس بين سكان عدة أحياء وقوات تابعة لما يسمى «عملية فجر ليبيا»، فيما قالت مصادر طبية وشهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن 7 على الأقل لقوا حتفهم في الاشتباكات المستمرة منذ مساء أول من أمس.

وقال سكان في طرابلس مساء أمس، إنهم سمعوا صوت إطلاق نار متقطعا في ضاحية فشلوم، بينما نقل شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» معلومات عن اندلاع مواجهات في ضاحية تاجوراء بالعاصمة.

وطبقا لما رواه أحد السكان، فإن سيارات عسكرية تابعة لقوات «فجر ليبيا» انتشرت في أرجاء العاصمة خاصة طريق الشط، مشيرا إلى أن شباب المناطق المحيطة يشنون غارات مفاجئة من حين لآخر على هذه القوات من الطرق الجانبية. وقال مصدر أمني إن ضاحية تاجوراء تعرضت للقصف، فيما شوهدت حركة لبعض وحدات الجيش الليبي على مشارف العاصمة.

من جانبها، نفت وزارة الاتصالات بحكومة الإنقاذ الوطني الموالية لجماعة الإخوان المسلمين والبرلمان السابق، ما تردد عن توقف الاتصالات في ليبيا، ونقلت وكالة الأنباء الرسمية الموازية عن مصدر مطلع في الوزارة أن الاتصالات بحالة جيدة. واعتبر المصدر أن ما حصل هو مجرد عطل عادي جرى إصلاحه في الحال، مؤكدا أن مثل هذه الادعاءات عن توقف الاتصالات مجرد شائعات لا صحة لها على الإطلاق.

كما زعمت الوكالة الرسمية أن حركة الطيران استؤنفت مساء أمس بمطار معيتيقة الدولي بعد تعليقها ساعات نتيجة وقوع اشتباكات مسلحة. وقالت مصادر ملاحية بالمطار، إن الأوضاع طبيعية وحركة المسافرين تسير بشكل طبيعي، وأن أولى هذه الرحلات الدولية قد انطلقت وعلى متنها عدد من الجرحى، مشيرة إلى أن هناك عددا من الرحلات الدولية والداخلية يجري تجهيزها تحضيرا لإقلاعها.

واندلعت احتجاجات مساء أول من أمس في عدة مناطق بالعاصمة في الذكرى الأولى لـ«مذبحة غرغور» التي شهدت مقتل وإصابة المئات على أيدي الجماعات المتطرفة التي تسيطر على المدينة.

وأعرب مجلس النواب الذي يتخذ من مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي مقرا له، عن تضامنه التام مع من وصفهم بـ«شباب طرابلس الأحرار، الذين تصدوا بصدورهم العارية لرصاص الميليشيات الجاثمة على قلب المدن»، مشيدا في الوقت نفسه بالأبطال الشباب الذين كان - وما زال - مطلبهم هو تحرير طرابلس، وخروج كل الميليشيات منها.

وأرجع مدير مطار قاعدة طرابلس الجوية (معيتيقة)، المهندس أبو بكر حميدة، تعليق العمل في المطار إلى ما وصفه بنزاع مسلح بين عائلتين في منطقة تاجوراء شرق المطار، مما أدى إلى سقوط قتيلين.

لكن آمر كتيبة وحماية المطار، قال في المقابل إن مسلحين هاجموا فجر أمس البوابة الشرقية للقاعدة من جهة منطقة أبي الأشهر بتاجوراء، مما أدى إلى مصرع شقيقين من أفراد الحراسات.

ونفى مسؤول بوزارة المواصلات أن يكون الهدف من الهجوم مطار معيتيقة، لافتا إلى قيامه باتصالات مع كل الأطراف للتأكد من الوضع الأمني.

وزعم المكتب الإعلامي لـ«عملية فجر ليبيا» أن ما حصل في تاجوراء هو شجار بين عائلتين تطور حتى هاجمت مجموعة البوابة الخلفية لمطار معيتيقة، فاضطرت إدارة المطار إلى تعليق حركة الطيران مؤقتا حفاظا على سلامة المسافرين والطائرات والمطار من أيدي العابثين. ووصف المكتب، في بيان بثه أمس عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، الوضع الأمني في العاصمة طرابلس بأنه «ممتاز جدا، وتحت السيطرة»، مشيرا إلى أنه جرى حل الإشكالية بين المتخاصمين بعد تدخل قوات «فجر ليبيا» للفصل بينهما وتسليم السلاح لجهة محايدة. كما نفى المكتب في بيان منفصل حدوث أي خرق أمني أو اشتباكات مسلحة داخل العاصمة طيلة الساعات الـ24 الماضية، كما نفى قطع خدمات شبكة الإنترنت، مشيرا إلى أن قوات «فجر ليبيا» تملأ شوارع طرابلس في دوريات ثابتة ومتحركة، واستخبارات مدنية سرية.

في المقابل، كشفت رئاسة الأركان العامة بالجيش الليبي في المنطقة الغربية عن تعرض عدد من عناصرها لما سمته «ضغوطا كبيرة، بغية إجبارهم على الانضمام إلى قوات (فجر ليبيا)». واتهمت في بيان «فجر ليبيا» بخطف كل من يعارضهم ويمتثل لشرعية الجيش ومجلس النواب.

وأضاف البيان: «نحذر بشدة كل العسكريين من مغبة التورط مع هذه الجماعة بأي شكل من الأشكال، لأن ذلك سيعرضهم للملاحقة القانونية بتهمة العمل مع جماعة إرهابية، والمساهمة في زعزعة أمن واستقرار ليبيا».

وتخوض قوات «فجر ليبيا» معارك ضارية منذ يوليو (تموز) شهر الماضي، ضد ثوار الزنتان وما يعرف بجيش القبائل، حيث سيطرت هذه القوات على العاصمة طرابلس ومدن الغرب الليبي، وهي تقوم حاليا بمعارك في الجبل الغربي بالقرب من بلدة الزنتان.

وفي بنغازي بشرق البلاد، لقي 14 شخصا مصرعهم جراء الاشتباكات الحالية بالمدينة بين قوات الجيش الليبي وقوات ما يسمى «مجلس شورى ثوار بنغازي».

ويأتي ذلك في وقت أعلنت فيه المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن القتال العنيف بين الجماعات المسلحة المتناحرة في مختلف مناطق ليبيا أجبر أكثر من 100 ألف شخص على الفرار من منازلهم في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وشهدت طرابلس هدوءا إلى حد بعيد منذ أن سيطرت عليها قوات «فجر ليبيا»، وهي فصيل مسلح مرتبط بمدينة مصراتة، شكلت حكومة منافسة لحكومة رئيس الوزراء عبد الله الثني.

واضطرت حكومة الثني ومجلس النواب المعترف بهما دوليا اللجوء إلى مدينة طبرق الشرقية. ويتقاتل الفصيلان الآن للسيطرة على ليبيا ومواردها النفطية.

وعلى مدى 3 أعوام منذ سقوط نظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي، تكافح ليبيا لتجاوز حالة عدم الاستقرار، في وقت تتنافس فيه الفصائل المسلحة التي قاتلت جنبا إلى جنبا للإطاحة بالقذافي على السلطة.