تساؤلات في الجزائر عن مكان وجود بوتفليقة بعد خروجه من مصحة في فرنسا

رئيس الوزراء الأسبق علي بن فليس: شغور السلطة تولد عنه توقف شبه كامل لنشاطات المؤسسات الدستورية

TT

قال مسؤول بالرئاسة الجزائرية إن أجندة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة «ستكون مكثفة في الأيام المقبلة»، لكنه عبر عن جهله بما إذا كان عاد من رحلة العلاج القصيرة التي قادته نهاية الأسبوع الماضي إلى فرنسا.

وذكر المسؤول بالرئاسة، مفضلا عدم نشره اسمه، لـ«الشرق الأوسط» إن بوتفليقة «تنتظره في الأيام المقبلة أنشطة كثيرة، أما إن كان عاد إلى الجزائر بعد مغادرته فرنسا حيث خضع لفحوصات طبية، فهذه معلومة لا يمكن أن تجدها عندنا». والشائع في الوسط القريب مما يسمى «جماعة الرئيس»، أن السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس وكبير مستشاريه هو وحده من يملك التفاصيل المرتبطة بسفرياته للعلاج في الخارج منذ 26 نوفمبر (تشرين الثاني) 2005، تاريخ نقله إلى باريس على جناح السرعة بسبب الإصابة بنزف حاد في المعدة.

«أين يوجد بوتفليقة؟» هذا هو السؤال الذي يحير الصحافة المحلية والطبقة السياسية، وقطاعا من الجزائريين، منذ مساء أول من أمس. أي منذ أن غادر الرئيس عيادة «ألومبير» بمدينة غرونوبل جنوب شرقي فرنسا، بعد ظهر السبت متوجها إلى المطار المحلي ليستقل طائرة. غير أنه لا أحد يعرف إن كانت الطائرة الرئاسية توجهت إلى الجزائر. وقال موظف ببرج المراقبة بمطار العاصمة الجزائرية، في اتصال به، إن طائرة الرئيس لم تحط بالمطار أمس. ولم يتسن تأكيد هبوطها بمطار بوفاريك العسكري، الذي يوجد على بعد 35 كلم جنوب العاصمة.

يذكر أن صحيفة محلية في غرونوبل هي المصدر الذي عرف الجزائريون من خلاله، أن رئيسهم يوجد في الخارج للعلاج.

وتلقت مديرية الإعلام بالرئاسة أمس وابلا من الاتصالات من صحافيين جزائريين وأجانب، لمعرفة إن كان بوتفليقة عاد إلى البلاد بعد رحلة العلاج. وكانت الإجابة عن هذا السؤال هي: «ليست لدينا معطيات تؤكد أو تنفي عودته».

والحال أن ملف «مرض الرئيس» يجري تسييره في غموض تام منذ 9 سنوات. فقد نقل عدة مرات إلى فرنسا وسويسرا للعلاج في السنوات الأخيرة، ولا يعلن عن ذلك إلا إذا كانت حالته خطيرة مثل إصابته بجلطة دماغية في 27 أبريل (نيسان) 2013. وفي الغالب يستعلم الجزائريون عن تطورات حالة رئيسهم الصحية من الصحافة الأوروبية، وأحيانا من مسؤولين فرنسيين لا يكشفون عن أسمائهم.

وفي سياق متصل، قال رئيس الوزراء الجزائري الأسبق علي بن فليس، وهو من أشد خصوم بوتفليقة، خلال لقاء مع قادة أحزاب معارضة، إن «أزمة الجزائر دستورية بالأساس، وناتجة عن تعطيل الدستور في معاينة حالة شغور السلطة وإقرارها»، في إشارة إلى جدل حاد حول «شغور منصب الرئيس بسبب المرض».

وذكر بن فليس أن «النظام تسبب في أزمة مؤسساتية؛ إذ إن حالة شغور السلطة هذه تولد عنها توقف شبه كامل لنشاطات المؤسسات الدستورية»، مشيرا إلى أن النظام السياسي «يعاني من أزمة شرعية؛ إذ إن سائر المؤسسات الدستورية هي من صنع التزوير من القاعدة إلى القمة».

وأضاف بن فليس: «نحن أمام نظام سياسي يجب تغيير طبيعته، أي استبدال نظام سياسي فردي وتسلطي بنظام ديمقراطي كامل الصفات. ولا شك أن معالجة إشكالية أزمة النظام تمثل أولوية الأولويات؛ فشغور السلطة المستمر يهدد الدولة الوطنية في وظائفها وكيانها؛ وتعطل المؤسسات الدستورية الأخرى قد أوقف تطور البلاد السياسي والاقتصادي والاجتماعي؛ وغياب الشرعية يضعف سلطة الدولة وهيبتها ومصداقيتها. لهذه الاعتبارات كلها، فإننا نسعى من أجل أن تعطى الأولوية والأسبقية في المعالجة إلى أزمة النظام هذه؛ فعبؤها أصبح لا يطاق بالنسبة لشعبنا، ومخاطرها المحدقة بديمومة أمة أضحت غير قابلة للجدل أو الاستهانة بحدتها».