جولة مفاوضات «النووي الإيراني» في فيينا غدا.. وبن علوي في طهران

روحاني يرى أن اتفاقا عاما من دون تفاصيل يصب في مصلحة إيران

TT

تنهي إيران والقوى العظمى تحت الضغط في فيينا هذا الأسبوع مفاوضات صعبة للغاية قد تؤدي إلى إبرام اتفاق تاريخي بشأن البرنامج النووي الإيراني. فبعد سنة من محادثات شملت كل الجوانب تأتي ساعة الحقيقة، إذ على الدبلوماسيين أن يلتقوا غدا وحتى 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي وليس أبعد من ذلك للتقريب بين مواقفهم.

وأعلن، أمس، عن زيارة قصيرة قام يوسف بن علوي عبد الله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عمان إلى طهران، التقى خلالها الرئيس الإيراني حسن روحاني، ووزير الخارجية محمد جواد ظريف. وتأتي هذه الزيارة عشية بدء الجولة العاشرة والحاسمة من المفاوضات النووية في فيينا بين المجموعة الدولية وإيران للتوصل إلى حل للملف النووي، التي تبدأ غدا 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وتنتهي في 24 من الشهر نفسه، وهو الموعد النهائي المقرر التوصل إلى اتفاق ينهي نحو 10 سنوات من التفاوض بشأن هذا الملف.

وكانت مسقط قد استضافت يومي الأحد والاثنين الماضيين محادثات ثلاثية جمعت وزير الخارجية الأميركية جون كيري، ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف ومفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، وهي أول مفاوضات معلنة بين الطرفين الأميركي والإيراني، سبقتها لقاءات سرية استضافتها سلطنة عمان وهدفت لتقريب وجهات النظر بين الطرفين. وتركزت المفاوضات الثلاثية حول حجم تخصيب اليورانيوم وآلية رفع إجراءات الحظر عن طهران.

كما استضافت مسقط يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين محادثات بين السداسية الدولية (5 +1) وإيران سعت هي الأخرى لتذليل العقبات الفنية بشأن ضمان التأكد من سلمية البرنامج النووي الإيراني.

ونقلت وسائل الإعلام الإيرانية نبأ الزيارة، ووصفتها بأنها «غير رسمية». وقالت إن بن علوي التقى خلالها الرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير خارجية جواد ظريف، ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية (إيرنا)، أمس، عن مسؤول سياسي إيراني قوله إن الهدف من الزيارة «البحث حول القضايا الثنائية، وفي إطار مشاورات البلدين حول الظروف الإقليمية، ومن ضمنها البحث حول مكافحة الإرهاب والتطرف».

والمحادثات التي تدخل مباشرة في مرحلتها الأخيرة هي كما يؤكد وزير الخارجية الأميركية جون كيري «أفضل فرصة متوافرة أمامنا على الإطلاق لحل هذه المشكلة سلميا»، فيما قال المفاوض الإيراني عباس عراقجي إن فشل المفاوضات سيكون «سيناريو خطرا على العالم أجمع».

وقد جرت المفاوضات طوال عام 2014 في فيينا وأماكن أخرى. وستبلغ الاثنين المقبل المهلة المحددة لها. والتوصل إلى اتفاق محتمل سيفتح الطريق أمام تطبيع العلاقات بين إيران والغرب وأمام إمكانية التعاون خاصة مع واشنطن لمواجهة الأزمات في العراق وسوريا، بشكل خاص. كما أن من شأن ذلك أن يخفف من خطر الانتشار النووي في منطقة الشرق الأوسط. وسيسمح أيضا لإيران بإعادة إطلاق اقتصادها واستعادة مكانتها الكاملة في مصاف أبرز المنتجين للنفط في العالم.

ورأى المفاوض الروسي سيرغي لافروف بدوره إمكانية التوصل إلى اتفاق «بديل» في اللحظة الأخيرة «مساء 23 نوفمبر» لتجنب أي فشل كلي. لكن هذه الصيغة ستكون محفوفة بمخاطر جمة. فقد لوح أعضاء نافذون في الكونغرس الأميركي بالتهديد بفرض عقوبات جديدة على إيران إن لم تفض المفاوضات في فيينا إلى نتيجة. وفي طهران، حذر مائتا نائب يمثلون الجناح المتشدد في النظام من إبرام اتفاق لا يدافع «بقوة» عن مصالح إيران.

ودون شك فإن توقيع الاتفاق سيعد كذلك مكسبا دوليا للرئيس باراك أوباما الذي لا يزال يترنح أمام الانتصارات التي حققها الحزب الجمهوري في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.

بدورها، تسعى البارونة أشتون إلى ختم فترة عملها في الاتحاد الأوروبي بإنجاز يعزز سمعتها، لا سيما أنها ستتقاعد في الأول من الشهر المقبل ديسمبر (كانون الأول) وأعلنت أنها تنوي اعتزال السياسة.

من ناحية ثانية، سيسهل الاتفاق، بما يفرضه على إيران من رقابة، مهام التفتيش التي تضطلع بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي ظلت منذ أول تقرير رفعته في عام 2003 تشكو من سرية النشاط النووي الإيراني الذي ظل مخفيا طيلة 18 عاما.

ورغم سرية المفاوضات، كتكتيك التزم به الطرفان، فإن تسريبات تؤكد وجود اختلافات جذرية بين الطرفين حول كيفية إلغاء إجراءات الحظر وجدولة العقوبات خاصة أن إيران لا تزال تتمسك بضرورة رفع العقوبات دفعة واحدة وليس تدريجيا كما تصر الولايات المتحدة التي فرضت من جانبها عقوبات منفردة بجانب العقوبات الصادرة من مجلس الأمن وتلك الصادرة من الاتحاد الأوروبي والتي تسببت جميعها في ضغوط اقتصادية شديدة تعاني منها إيران إذ طالت نفطها وقللت صادراته خلال العامين الماضيين إلى النصف تقريبا.

وكشف موقع «نيوكليار إيران» (إيران النووية) الإلكتروني، المرتبط بصلات وثيقة مع الفصيل المحافظ صاحب النفوذ القوي في إيران ووكالات أمنية، أن حكومة الرئيس حسن روحاني تدرس بجدية فكرة الإعلان عن اتفاق عام من دون تحديد تفاصيل، باعتبارها الخيار الوحيد القائم قبل انتهاء المهلة. ومن جهته، أعرب سيروس ناصري، المفاوض النووي الإيراني السابق في عهد الرئيس محمد خاتمي، عن اعتقاده أن التوصل لاتفاق عام من دون تفاصيل يصب في مصلحة إيران، وأنه سيكون هناك متسع من الوقت لصياغة التفاصيل لاحقا.