كيري يتشاور مع نظيره البريطاني قبيل انطلاق المفاوضات النووية مع إيران في فيينا اليوم

توسيع نطاق الاجتماعات التقنية لتضم مزيدا من القانونيين والمختصين بالعقوبات

وزير الخارجية الأميركي جون كيري (أ.ف.ب)
TT

استبقت وزارة الخارجية الأميركية بدء جولة المفاوضات النووية بين إيران والمجموعة الدولية في فيينا اليوم بإعلان أن الوزير جون كيري سيلحق بالمفاوضين في وقت لاحق، بعد توقف في لندن للتشاور مع نظيره البريطاني فيليب هاموند، بشأن المفاوضات.

ومعلوم أن المفاوضات التي تنطلق اليوم تُعدّ حاسمة لجهة إبرام اتفاق نهائي بحلول الاثنين المقبل، الموعد الذي اتفق عليه في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2013، عندما حقق الجانبان اختراقا دبلوماسيا بتوقيعهما اتفاقا تاريخيا في مدينة جنيف السويسرية، ينص على أن تحد إيران من نشاطها النووي مقابل رفع محدود للعقوبات التي فُرِضت عليها بتهم التجاوز وعدم الامتثال لاتفاقات الضمان النووي الخاص باتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية.

وكان الطرفان قد اتفقا على جدول زمني مدته 6 أشهر قابلة للتمديد للتوصل إلى اتفاق، وبالفعل تم تمديده لـ6 أشهر أخرى في يوليو (تموز) الماضي لتنتهي المهلة في 24 الحالي.

واكتفى دبلوماسي غربي سألته «الشرق الأوسط» حول برنامج المباحثات اليوم بالقول إنه ليس هناك ما هو مؤكد سوى لقاءات ثنائية وموعد غداء يجمع كاثرين أشتون رئيسة المجموعة الدولية التي تضم الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا، ومحمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني الذي يرأس وفد بلاده.

بموازاة ذلك، تواصل المجموعات التقنية اجتماعاتها التي توسعت حسب مصادر «الشرق الأوسط» لتضم مزيدا من القانونيين إلى جانب خبراء نوويين ومختصين في شؤون العقوبات.

وفي حين أجمعت مصادر على أن هذه الجولة تحتاج لإرادة سياسية قوية حتى يتجاوز الطرفان خلافاتهما التي لا تزال قائمة رغم 9 جولات من التفاوض، أشارت مصادر أخرى إلى أن التمديد قد يكون الخيار الأخير نظرا لاعتبارات داخلية تخص إيران والولايات المتحدة الأميركية، في إشارة واضحة لضرورة الوصول لاتفاق في الموعد المحدد.

ونقلت وسائل الإعلام الإيرانية أنباء عن تحذيرات أطلقها 200 برلماني إيراني من اتفاق لا يدافع بقوة عن مصالح إيران، فيما نقلت وسائل الإعلام الأميركية تهديد نواب بالكونغرس الأميركي بفرض عقوبات جديدة على إيران ما لم تؤد هذه الجولة لاتفاق.

وبينما انتهت جولات التفاوض السابقة، بما فيها تلك التي عقدت في السابع من هذا الشهر بالعاصمة العمانية مسقط، دون اختراق، فإن جولة فيينا هذه مختلفة؛ إذ لا بد أن يصدر عنها بيان ختامي يتضمن اتفاقا بشكل أو آخر.

وبينما تشير تصريحات سياسيين إيرانيين إلى أن العقوبات هي عقدة المفاوضات، مطالبين برفعها مباشرة عقب توقيع أي اتفاق، تقول مصادر غربية باستحالة مطلب كهذا، مشيرة إلى أن الرفع لن يتحقق إلا تدريجيا، بعدما يتأكد الغرب تماما من أن إيران امتثلت امتثالا كاملا لبنود اتفاق جنيف، منوهة بأن إلغاء العقوبات يتطلب إجراءات قانونية مطولة قد تستغرق عامين؛ إذ يتطلب رفع العقوبات الأميركية موافقة الكونغرس، بينما يتطلب رفع العقوبات الدولية قرارا من مجلس الأمن الدولي، وكذلك لا بد من إجازة البرلمان الأوروبي لرفع ما فرضه الاتحاد الأوروبي من عقوبات.

من جانبه، يرى الطرف الغربي أن مستويات تخصيب اليورانيوم ومصير مخزونات ما خصبته إيران هو العقبة الحقيقية أمام المفاوضات، إذ لا تزال إيران ماضية في تخصيب اليورانيوم بنسبة 5 في المائة، رافضة في الوقت ذاته قبول أي مقترحات للتخلص من مخزوناتها، مما يزيد من القلق بشأن أهدافها رغم تأكيدات طهران المتكررة أنها لا ترغب في امتلاك سلاح نووي وأنها تواصل التخصيب لتوفير وقود لاحتياجات صناعية مدنية.

وفي هذا السياق تقول مصادر إن الاتفاق على مستويات التخصيب يمكن أن يعزز من الشفافية المطلوبة من إيران، التي بإمكانها الإعلان بقبول البرتوكول الإضافي الذي يسمح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بإجراء عمليات التفتيش والرقابة الفجائية اللازمة، للتأكد من التزامها، مما يمكِّن الطرفين من الوصول إلى اتفاق شامل ونهائي.

قالت مبعوثة أميركية، أمس، إن «الولايات المتحدة محبطة من عدم تعاون إيران مع تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن ما يشتبه أنها بحوث إيرانية لإنتاج قنبلة ذرية».

ويقول مسؤولون غربيون إن «إيران يجب أن تحسن التعاون مع التحقيق الذي تجريه الوكالة الذرية منذ وقت طويل في إطار تسوية دبلوماسية أوسع، تهدف إيران والقوى العالمية الست إلى التوصل لها، بحلول 24 نوفمبر (تشرين الثاني)، الذي حدده الجانبان موعدا نهائيا».

ويجتمع مفاوضون من إيران، والولايات المتحدة، وفرنسا، والصين، وروسيا، وبريطانيان وألمانيا، والاتحاد الأوروبي، في فيينا، اعتبارا من اليوم، لمحاولة إنهاء مأزق طويل بشأن البرنامج النووي لطهران الذي أثار مخاوف من حرب جديدة في الشرق الأوسط.

وفيما قد يعقد تلك الجهود، قال تقرير للوكالة الذرية، 7 نوفمبر، إن «إيران لا تعالج الشكوك في أنها ربما عملت على تصميم قنبلة ذرية»، وتقول إيران إنها ليس لديها مثل هذا الهدف، وإن برنامجها النووي سلمي تماما.

وقالت المبعوثة الأميركية لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لورا كنيدي، للصحافيين: «أحبطنا بسبب فشلهم حتى الآن في التحاور بصورة بناءة بشأن هذا الموضوع»، وأضافت، أنها ستنقل مخاوفنا من عدم انخراط إيران بشكل جوهري مع الوكالة بشأن موضوع الأبعاد العسكرية المحتملة.

وتريد القوى العالمية أن تكبح إيران برنامجها لتخصيب اليورانيوم؛ مما يطيل الوقت اللازم لأي محاولة سرية لتجميع أسلحة نووية، وفي الوقت نفسه، تحقق الوكالة الذرية في مزاعم إجراء أبحاث سابقة بشأن كيفية إنتاج قنبلة. وقد اتضح منذ وقت طويل أن تحقيق الوكالة الذرية لن يكتمل قبل الموعد المستهدف للتوصل لاتفاق مع القوى العالمية، ورغم ذلك كان الدبلوماسيون الغربيون يأملون أن يكون مزيد من التقدم تحقق الآن.