فرنسا مصدومة من مشاركة أحد مواطنيها في عملية ذبح رهائن «داعش»

يشكل الفرنسيون أكبر مجموعة متشددة في سوريا والعراق

صورة مأخوذة من فيديو داعش الذي وزعته أول من أمس يظهر ماكسيم هوشار (أبو عبد الله الفرنسي) (لليمين) (أ.ف.ب)
TT

بعد «جون الإنجليزي» الذي يظن أنه قام بذبح 5 رهائن غربيين، جاء زمن «أبو عبد الله الفرنسي» الذي أثار ظهوره في فيديو قتل الرهينة الأميركية بيتر كاسيغ و18 من طياري وجنود النظام السوري، وفق ما يؤكده تنظيم داعش، موجة من الاستهجان والإدانة والقلق في فرنسا. والسؤال الذي توقفت عنده التعليقات والوسائل الإعلامية هو: كيف لهذا الشاب البالغ من العمر 22 عاما أن يتحول إلى قاتل وجزار وها هو يظهر على شريط الفيديو بوجهه المكشوف ومن غير أن يكون ملثما؟

«أبو عبد الله الفرنسي» له قصة جديرة بأن تروى. هو واحد من المئات من الفرنسيين (الأرقام الرسمية تتحدث عن ألف شخص) الذين اختاروا الالتحاق بمنظمات إرهابية متطرفة في سوريا وتشكل عودة بعضهم إلى الأراضي الفرنسية مصدر قلق كبير للسلطات التي سنت قوانين واتخذت مجموعة من الإجراءات الأمنية لمنع خروجهم أو عودتهم.

اسم أبو عبد الله الفرنسي الحقيقي، كما أفاد وزير الداخلية برنار كازنوف أمس، هو ماكسيم هوشار المولود عام 1992 في قرية صغيرة من منطقة النورماندي الواقعة شمال غربي باريس. وبحسب المعلومات المتوافرة عنه، فإن ماكسيم اختار اعتناق الديانة الإسلامية وهو في سن الـ17 كما أنه التحق بتنظيم داعش منذ أكثر من عام، أي في أغسطس (آب) 2013، بعد أن أقام في موريتانيا عام 2012. والغريب في قصته أنه قبل بسردها تفصيلا في مقابلة أجرتها معه قناة «بي إف إم» الإخبارية في شهر يوليو (تموز) الماضي، وفيها تحدث عن حياته وعن «رفاقه» الإسلاميين الذين كانوا يعيشون معه في المخيم وهم من جنسيات عربية وغربية وأجنبية.

ويشكل الفرنسيون أو المقيمون على الأراضي الفرنسية أكبر مجموعة جهادية في سوريا والعراق. وردا على سؤال عبر «سكايب»، قال أبو عبد الله الذي كان موجودا في مدينة الرقة عند إجراء المقابلة معه وقد ارتدى نظارتين سوداويتين، إن «أغلى هدف له ولرفاقه هو الشهادة». وروى أبو عبد الله في المقابلة المذكورة الموجودة على الموقع الإلكتروني للقناة الإخبارية الفرنسية، أنه ذهب إلى سوريا عبر تركيا وأنه حظي بمساعدة من «الرفاق» بعد وصوله إليها. وكشف أبو عبد الله أنه ذهب إلى الموصل بعد سيطرة داعش عليها في شهر يونيو (حزيران) الماضي. كذلك روى كيفية العيش في مخيمات التدريب وما يقومون به يوميا، فضلا عن تفاصيل المسار الذي أوصله إلى حيث هو مؤكدا أنه تأثر كثيرا بمشاهدة مقاطع الفيديو على الإنترنت.

وتثبت رواية الجهادي الفرنسي المعلومات التي تعرفها الأجهزة الفرنسية والتي تفيد بأن الإنترنت والسجون هما المدخلان الرئيسيان اللذان يوصلان إلى التطرف والتنظيمات الجهادية.

تقول وزارة الداخلية الفرنسية إن أبو عبد الله شارك «مباشرة» في عمليات ذبح الرهائن. وتؤكد النيابة العامة الفرنسية وفق بيان صدر عنها ظهر أمس، أن «ثمة دلائل محسوسة تؤكد مشاركة فرنسي» في عملية القتل. وبحسب وزير الداخلية الفرنسي فإن ماكسيم هوشار مستهدف منذ شهر أغسطس الماضي بتحقيق قضائي بتهمة «تجمع له علاقة بمشروع إرهابي». ويظهر أبو عبد الله في الفيديو بسحنته البيضاء، مكشوف الوجه، وملتحيا، يرتدي ثيابا مرقطة ويحمل سكينا بيده اليسرى.

ولا تتوقف الأمور عند أبو عبد الله، فالأجهزة الفرنسية تسعى للتأكد من ظهور مواطن فرنسي آخر في الفيديو المذكور. وفي أي حال، ليست المرة الأولى التي يتبين فيها للسلطات في باريس أن مواطنين فرنسيين ضالعون في عمليات قتالية أو إرهابية أو أعمال بربرية، مثل المشاركة في ذبح الرهائن. فالمعروف أن 36 فرنسيا قتلوا في سوريا، وأن المواطن الفرنسي مهدي نموش الذي اقترف الاعتداء على الكنيس اليهودي في بروكسل في 24 مايو (أيار) الماضي، كان «سجان» رهائن غربيين في سوريا بينهم فرنسيان أطلق سراحهما لاحقا وأن تصرفاته كانت تتميز بـ«الهمجية» معهم.

إزاء هذا الواقع، تتزايد مخاوف السلطات القلقة من عودة أشخاص أمثال أبو عبد الله إلى الأراضي الفرنسية واحتمال ارتكابها جرائم مشابهة. وقبل مدة قصيرة، كشف رئيس الحكومة مانويل فالس عن قيام الأجهزة الأمنية الفرنسية بتعطيل عدة محاولات لأعمال إرهابية في فرنسا نفسها. وأمس، أطلق الوزير كازنوف تحذيرا موجها للشباب لينبههم فيه لحقيقة داعش الذي هو «مجموعة من القتلة تنفث الحقد والكراهية والبربرية».

وقالت السلطات في فرنسا بأن نحو ألف من مواطنيها انضموا لفصائل إسلامية.

وفي العام الماضي فتح قضاة تحقيقا مبدئيا للاشتباه في مشاركة هوشار في مؤامرة لارتكاب أفعال إرهابية.