عقوبات أوروبية جديدة تستهدف الانفصاليين الأوكرانيين

توقيع اتفاقية بين بروكسل وكييف لتأهيل أجهزة الأمن والشرطة

ممثلة الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية موغريني قبل اجتماع المجلس الوزاري الأوروبي أمس وهو الأول لها منذ توليها منصبها (إ.ب.أ)
TT

قرر الاتحاد الأوروبي توسيع لائحة المستهدفين بالعقوبات لتورطهم في النزاع في أوكرانيا، بينما صعدت موسكو التوتر مع الغربيين عبر إعلانها طرد دبلوماسيين بولنديين.

وعقب اجتماع في بروكسل، طلب وزراء الخارجية الأوروبيون من الجهاز الدبلوماسي في الاتحاد وضع قائمة سوداء جديدة «تستهدف انفصاليين» لاتخاذ قرار نهائي بشأنها بنهاية الشهر، بحسب دبلوماسيين.

وأكد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي دعمهم مجددا لبروتوكول مينسك، واعتباره خطوة نحو إيجاد حل سياسي مستدام للأزمة الأوكرانية، يقوم على أساس احترام استقلال وسيادة أوكرانيا وسلامة أرضيها، كما عبروا عن القلق إزاء التقارير التي أفادت أخيرا بتحرك قوافل من الأسلحة الثقيلة والقوات من الحدود الروسية إلى المناطق الانفصالية في أوكرانيا.

وقال بيان على هامش اجتماعات انعقدت في بروكسل أمس: «يحث الاتحاد الأوروبي جميع الأطراف على التنفيذ الكامل لبروتوكول مينسك، وعلى وجه السرعة». وأكد المجلس الوزاري على المسؤولية الروسية في هذا السياق، ودعا إلى «وقف الانتهاكات المستمرة لوقف إطلاق النار، وانسحاب القوات غير الشرعية والمرتزقة الأجانب والمعدات العسكرية».

ودعا الاتحاد الأوروبي إلى تأمين الحدود الأوكرانية - الروسية ومراقبة دائمة من قبل منظمة الأمن والتعاون الأوروبي، بينما رحب المجلس الأوروبي بإجراء الانتخابات البرلمانية في أوكرانيا في 26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كما اعتبر أن الانتخابات في المناطق الانفصالية في 2 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي «غير قانونية وغير شرعية وهي تخرق روح ونصوص بروتوكول مينسك». وقال الاتحاد الأوروبي في بيانه إنه يتطلع إلى انتخابات محلية في تلك المناطق وفقا للقوانين الأوكرانية.

وبعد تقييم للوضع دعا المجلس الوزاري الأوروبي المفوضية وإدارة العمل الخارجي إلى تقديم لائحة إضافية بحلول نهاية الشهر الحالي تستهدف الانفصاليين لتشملهم قائمة العقوبات الأوروبية، كما سيواصل المجلس متابعة الوضع عن كثب. كما شدد الوزراء على أنه في الوقت نفسه ولضمان تنفيذ بروتوكول مينسك، فلا بد من تكثيف المحادثات في إطار مجموعة الاتصال الثلاثية وبدعم من منظمة الأمن والتعاون الأوروبي.

كما جدد المجلس الأوروبي عدم اعترافه بضم شبه جزيرة القرم وسيفاستوبول، ورحب المجلس الوزاري بالتطبيق المؤقت لأجزاء مهمة من اتفاق للشراكة بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي في مطلع نوفمبر الحالي، ويؤكد المجلس على أهمية التسريع بتحقيق إصلاحات مطلوبة لتنفيذ باقي بنود الاتفاق. كما شدد الوزراء على أهمية إمدادات الطاقة بناء على عقد تجاري دون عوائق من روسيا إلى أوروبا جرى التوصل إليه في نهاية أكتوبر يضمن وصول الغاز حتى نهاية مارس (آذار) المقبل.

وحتى اليوم، يواجه 119 شخصا، هم انفصاليون ومسؤولون روس، تجميد أصولهم وحظر سفرهم إلى الاتحاد الأوروبي.

من جهة أخرى، تعرضت 23 شركة متهمة بتقديم الدعم للانفصاليين لتجميد أرصدتها.

وكان وزير الخارجية الأوكراني بافلو كليمكين الموجود في بروكسل قد دعا الاتحاد الأوروبي صباح أمس إلى توجيه رسالة حازمة إلى روسيا.

وقال كليمكين لوكالة الصحافة الفرنسية: «لقد حان الوقت لصياغة رسالة واضحة لموسكو تقول إن أي زعزعة للاستقرار في أوكرانيا ستؤدي إلى إجراءات إضافية من الاتحاد الأوروبي». وأضاف أن كييف تأمل في المشاركة في لقاء على مستوى عال مع روسيا «هذا الأسبوع» برعاية الاتحاد الأوروبي من أجل إعادة إحياء وقف إطلاق النار الذي أبرم في 5 سبتمبر (أيلول) الماضي.

وتكثفت المعارك منذ بضعة أسابيع في شرق أوكرانيا الانفصالي. وتتهم كييف روسيا بإرسال قوات قتالية وتعزيزات من العتاد العسكري إلى المتمردين الموالين لموسكو، وهو أمر أكده حلف شمال الأطلسي ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا. ولكن موسكو تنفي الأمر بشكل قاطع، كما أكد الرئيس فلاديمير بوتين أن المتمردين يتزودون بالأسلحة بأنفسهم. ورفض بوتين اتهامات كييف والغربيين بشأن شحنات أسلحة تقدمها موسكو للانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا، وأكد أن المتمردين يتزودون بها بأنفسهم.

وقال بوتين في مقابلة مع شبكة التلفزيون الألماني «إيه آر دي» ونشر مضمونها الكرملين أمس: «من أين تأتي آلياتهم المدرعة وأنظمة المدفعية؟ في العالم المعاصر، الناس الذين يشنون نضالا ويعتبرون أن هذا النضال مشروع (...) سيجدون السلاح دائما».

وفي الساعات الـ24 الأخيرة قتل 6 جنود و3 شرطيين أوكرانيين في شرق أوكرانيا، بحسب السلطات.

وفي هذه الأجواء المتوترة ناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي «استراتيجيتهم» حيال أوكرانيا وروسيا. والاتحاد الأوروبي الذي يتمسك بالعقوبات الفردية ولا يعتزم في هذه المرحلة تشديد عقوباته الاقتصادية ضد موسكو، يريد مد اليد إلى الرئيس الروسي بهدف دفعه إلى طاولة المفاوضات.

وأوضحت منسقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أن «العقوبات ليست هدفا بحد ذاتها. يمكن أن تكون أداة إذا ما جاءت مع حلول أخرى».

من جهته، اختصر وزير الخارجية الهولندي بيرت كويندرز الوضع بالقول إنه (يتعين الاستمرار في الضغط، لكن الحديث أيضا مع بوتين (صعب جدا)».

وفي السابق فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات قاسية على روسيا لتورطها إلى جانب الانفصاليين، وحظر، خصوصا، مصارف وشركات في قطاع الدفاع والنفط، وبينها المجموعة العملاقة «روسنفت»، من اقتراض الأموال من السوق الأوروبية.

وأسهمت هذه العقوبات التي اتخذت في يوليو (تموز) وسبتمبر الماضيين، في وضع عراقيل في وجه الاقتصاد الروسي، لكنها لم تنجح في ثني الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن موقفه.

وعلى هامش مناقشات وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل أمس، قالت فيديريكا موغيريني منسقة السياسة الخارجية إن ملف الأوضاع في أوكرانيا يشكل موضوعا رئيسيا في أجندة الاجتماعات وإمكانية فرض عقوبات جديدة ضد روسيا، بالإضافة إلى الحل السياسي، منوهة بأن الاكتفاء بالعقوبات فقط لن يجدي نفعا، وقالت إنها لا تزال تأمل حلحلة الأزمة الأوكرانية عبر التفاوض لكنها لا تستبعد الركون إلى تدابير قسرية أوروبية إضافية ضد روسيا في حالة تعثر هذا الخيار. وأفادت تقارير إعلامية في بروكسل بأن موغيريني طلبت من وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي المجتمعين في بروكسل تمكينها من تفويض للقيام بمهمة وساطة بين روسيا وأوكرانيا وتسهيل الاتصالات بين الطرفين. وقالت موغيريني أيضا إن اليوم يشكل انطلاقة جديدة للسياسة الخارجية الأوروبية.. «ولكي نكون مؤثرين في العالم لا بد أن نكون مؤثرين هنا في بروكسل».

ووقع الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا أمس في بروكسل اتفاقية تقضي بإطلاق مهمة أمنية أوروبية للمساعدة على تأهيل أجهزة الشرطة والأمن الأوكرانية والمساعدة على إصلاحها. وتبدأ المهمة الأوروبية عملها يوم 1 ديسمبر (كانون الأول) المقبل وبمشاركة 50 مستشارا أمنيا من الاتحاد الأوروبي، فيما سيصل عددهم إلى مائة مستشار في مرحلة مقبلة. وقام بالتوقيع على الاتفاقية من الجانب الأوروبي موغيريني وعن الجانب الأوكراني وزير الخارجية.

وقالت المؤسسات الأوروبية في بروكسل، إنه بناء على طلب من الحكومة الأوكرانية لمساعدتها في إصلاح قطاع الأمن المدني، سيتم إنشاء بعثة استشارية لمساعدة السلطات على تحقيق الإصلاحات المطلوبة بما في ذلك الشرطة، وسيادة القانون، وإن البعثة الأوروبية ستقدم المشورة لتطوير خدمات أمن فعالة ومستدامة ومسؤولة وتساهم في تعزيز سيادة القانون في أوكرانيا لصالح جميع الأوكرانيين في جميع أنحاء البلاد، وإن البعثة ستركز في البداية على دعم وضع استراتيجيات أمنية وتنفيذ سريع للإصلاحات.