الجبالي يخرج عن صمته ليدعو إلى عدم انتخاب السبسي

احتجاجات أثناء زيارة المرزوقي لمدينة الرقاب تدفعه للمغادرة مبكرا

TT

دعا حمادي الجبالي رئيس الحكومة التونسية الأسبق والأمين العام السابق لحركة النهضة، إلى انتخاب رئيس لتونس ينتمي لحزب آخر غير حزب الأغلبية في مجلس نواب الشعب، وبذلك يكون الجبالي قد خرج عن صمته وخالف موقف الحياد الذي التزمته حركة النهضة تجاه المرشحين للرئاسة.

ووقف الجبالي على طرف نقيض مع باقي قيادات حركة النهضة في عدة مناسبات، واشتد الخلاف بين الجانبين إثر اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد في السادس من فبراير (شباط) 2013. وتمسك بتشكيل حكومة كفاءات مستقلة عن الأحزاب السياسية شرطا لمواصلته رئاسة الحكومة، إلا أن حركة النهضة لم توافق على هذا المقترح، وهو ما دعاه إلى الاستقالة ليخلفه علي العريض على رأس الحكومة.

وفسر معظم المتابعين للشأن السياسي التونسي موقف الجبالي على أساس أنه دعوة لقواعد حركة النهضة للتصويت لصالح المنصف المرزوقي على حساب الباجي قائد السبسي رئيس حركة نداء تونس، الحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية الماضية بأغلبية أصوات الناخبين وبـ86 مقعدا متقدما على حركة النهضة الحاصلة على المركز الثاني بـ69 مقعدا.

وتابع الجبالي في بيان أصدره، أمس، أن تونس وثورتها «ما زالت مهددة بالارتداد والعودة إلى أنماط متجددة من الهيمنة: هيمنة الحزب الواحد التي خشيها الحزب الأغلبي الأسبق (في إشارة إلى حركة النهضة) فتمكن منها غيره». وبشأن التقليل من أهمية مخاوف التونسيين من «التغول السياسي» من قبل الحزب الحاصل على أغلبية أصوات الناخبين، قال الجبالي: «من الصعب تحقيق التوازن بين السلط السيادية بالدولة في ظل هيمنة حزب واحد على هذه السلطات، خاصة إذا أضفنا لهذه الفرضية (خطر غلبة الطبع على التطبع عند البعض)»، على حد تعبيره.

ونبه الجبالي إلى «عودة ثقافة وعقلية الزعيم الأوحد المنقذ بعدما خلنا أنها انقرضت بنجاح الثورة». وأضاف قوله: «ما زالت بلادنا تتلمس خطواتها الأولى نحو بناء ديمقراطي متين يحتاج إلى فترة انتقالية لسنوات عدة».

وكان الجبالي عبر عن نيته الترشح إلى الانتخابات الرئاسية خلال الصيف الماضي، قبل أن يتراجع عن قراره.

وخلافا للتقييم الإيجابي الذي أقرت به حركة النهضة بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية والقول إن الحزب «خسر الانتخابات، ولكنه ربح في الوقت نفسه»، أشار الجبالي إلى أن نتيجة تلك الانتخابات توقعها البعض وفاجأت البعض الآخر «جهلا أو تجاهلا»، على حد قوله، وأضاف أن الانتخابات أفرزت «دروسا كثيرة وجب الوقوف عليها بشجاعة وصراحة ووعي، لا يفيد دونها الندم أو الحسرة أو (خاصة) أن يُمرّ مرور الكرام على تقييمها».

على صعيد متصل، عقد عماد دغيج، أحد قيادات رابطات حماية الثورة، يوم أمس، مؤتمرا صحافيا في العاصمة التونسية شن خلاله هجوما لاذعا على منظومة الحكم السابق، واتهم أطرافا محسوبة على النظام المطاح به بشن حملة ضد المنصف المرزوقي المرشح في الانتخابات الرئاسية.

وأكد على وجود حملات تحريض ضد رابطات حماية الثورة خلال الاجتماعات الشعبية للمرشحين للرئاسة هدفها على حد قوله: «تخويف التونسيين وترهيبهم ودفعهم إلى اختيار وحيد خلال الانتخابات الرئاسية التي تجري في تونس يوم الأحد المقبل». وأشار بالمناسبة إلى مشاركة وسائل الإعلام المحلية في «دمغجة» الرأي العام التونسي، واتهام قيادات رابطات حماية الثورة بالإرهاب وتحويلهم تدريجيا إلى متهمين بالإرهاب على خلفية اعتراضهم على عودة رموز النظام السابق.

وبشأن دور رابطات حماية الثورة المنحلة في حملة المرزوقي، قال دغيج إن «الرابطات ليس لها علاقة بهذا الموضوع»، لكنه وجه الخطاب إلى الباجي قائد السبسي بقوله: «فوزك في الانتخابات الرئاسية بعد فوز حزبك في الانتخابات البرلمانية لا يزيدنا إلا صمودا ووقوفا في وجه جيوب الردة، ولا تخيفنا سلطتكم، وأن من طرد سيدكم المخلوع قادر على طرد من يحمل نفس تفكيره».

وحمل القيادي في رابطة حماية الثورة بمنطقة الكرم (الضاحية الشمالية للعاصمة) قيادات حركة نداء تونس، المسؤولية عن أي مكروه يصيبه نتيجة تحريض صادر عن البعض منهم.

ودعا إلى انتخاب مرشح للرئاسة يضمن الحريات ولا يفرق بين التونسية المتحجبة والسافرة، وألا ينتخب التونسيون من يمثل منظومة زين العابدين بن علي، على حد تعبيره.