الجزائر: بوتفليقة يكذب إشاعات عن «اختفائه» باستقبال سفراء عرب وأجانب

مرض الرئيس يقسم الطبقة السياسية إلى مطالب بتنحيه ومدافع عن شرعيته

TT

وضع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة حدا لجدل حاد حول مكان وجوده بعد خروجه من عيادة بفرنسا قصدها الخميس الماضي بغرض العلاج.. ففي الليلة قبل الماضية ظهر في مستهل نشرة أخبار التلفزيون الحكومي، وهو يستقبل سفراء دول عربية وأجنبية قدموا له أوراق اعتمادهم.

ونظم بروتوكول رئاسة الجمهورية لقاءات للرئيس مع سفير السودان الجديد، عصام عوض متولي الذي سلمه أوراق اعتماده، واستقبل أيضا سفير فلسطين لؤي محمود طه عيسى، وسفير مالي نايني توري، وسفيرة مملكة هولندا الجديدة فانهافتن إنجي ويلمين. وجرت الاستقبالات بحضور وزير الدولة مدير الديوان بالرئاسة أحمد أويحيى، والوزير المنتدب المكلف الشؤون المغاربية والأفريقية عبد القادر مساهل.

وقال سفير فلسطين للتلفزيون الجزائري إنه سعد كثيرا «بلقاء فخامة الرئيس بوتفليقة الذي طرح علي أسئلة دقيقة تتعلق بكل كبيرة وصغيرة، في فلسطين، حول غزة والقدس، وحول الرئيس (الفلسطيني محمود عباس) أبو مازن، وحول الكثير من المسائل». وأضاف: «رئيس الدولة (بوتفليقة) يعيش حالة الشعب الفلسطيني وتصوراته وقضيته».

ويفهم من جملة «طرح أسئلة دقيقة» أن بوتفليقة يتمتع بكامل لياقته، بمعنى عكس ما يقوله قطاع من الإعلام المحسوب على المعارضة الذي يذكر أن الرئيس «عاجز عن أداء مهامه بسبب المرض».

وظهر بوتفليقة متعبا يحرك يده اليمنى، وهو يتحدث إلى السفراء الثلاثة. ولم يبث التلفزيون صوته، مكتفيا بنقل تصريحات الدبلوماسيين الأجانب عن «قوة علاقات» الجزائر مع بلدانهم وعن «حنكة فخامة الرئيس بوتفليقة في فهم الرهانات التي تجري في العالم».

ونظمت الرئاسة استقبالات مشابهة لأكثر من 20 سفيرا، في الأسبوعين الماضيين، كان جميعهم يترقبون منذ شهور طويلة لقاء مع الرئيس لتأدية النشاط الدبلوماسي البروتوكولي، الذي يرمز إلى انطلاق أعمالهم رسميا بصفتهم ممثلين لبلدانهم بالجزائر. وكانت أيضا طريقة من الرئيس لتكذيب أخبار غير رسمية، ترددت بقوة في الشارع الجزائري، عن «عدم قدرة الرئيس على الاستمرار في الحكم بسبب المرض».

وغادر بوتفليقة عيادة «ألومبير» بمدينة غرونوبل جنوب شرقي فرنسا، بعد ظهر السبت من دون تحديد وجهته. ولم تذكر الرئاسة الجزائرية بأنه سافر إلى فرنسا بغرض العلاج، ولم تذكر أيضا أنه عاد من رحلة علاج، وهو ما فتح باب التأويل حول احتمال تدهور صحة الرئيس.

يذكر أن بوتفليقة يعاني من تبعات إصابة بجلطة دماغية، أقعدته على كرسي متحرك. وتوقف نشاط الرئيس بشكل لافت منذ أول وعكة في نهاية عام 2005، فهو لا يعقد مجلس الوزراء إلا نادرا، وأصبحت سفرياته للخارج لحضور المؤتمرات والاجتماعات نادرة أيضا. وفتح قطاع من الإعلام الخاص المعروف بولائه لـ«جماعة الرئيس»، النار على الإعلام الفرنسي بسبب تعاطيه بكثافة مع استشفاء بوتفليقة؛ إذ اتهم بـ«التهويل من مرض الرئيس».

وأعلنت فضائية خاصة عن «أجندة مكثفة للرئيس» في الأيام المقبلة، على سبيل محاولة التأكيد أنه يمارس مهامه الرئاسية بشكل عادي.

وتنقسم الطبقة السياسية حول «مرض الرئيس»، إلى فريقين؛ أحدهما يطالب بتفعيل المادة 88 من الدستور التي تتحدث عن تولي رئيس «مجلس الأمة» (الغرفة البرلمانية الثانية) رئاسة الجمهورية لمدة 90 يوما على أقصى تقدير، يعقبها تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة، إذا ثبت عجز الرئيس عن الاستمرار في الحكم. ويمثل هذا التوجه الحزب العلماني «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية». أما الفريق الثاني فهو المدافع عن «شرعية الرئيس»، ويعارض فكرة تنحيه عن الرئاسة بحجة أن الشعب «انتخبه لولاية مدتها 5 سنوات». ويمثل هذا التوجه حزب الأغلبية «جبهة التحرير الوطني».