السعودية تضيق الخناق على الإرهاب الإلكتروني.. ومفتي البلاد يحذر من حرب مشبوهة

عقب نجاحها في محاصرة أصحاب الفكر الضال ميدانيا

TT

في الوقت الذي تعتزم فيه السعودية، بحسب معلومات خاصة حصلت عليها «الشرق الأوسط» يوم أمس، تحديث نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، استكملت البلاد خطواتها الحثيثة نحو محاصرة الإرهاب الإلكتروني وتضييق الخناق عليه. جاء ذلك من خلال لقاء علمي يعد الأول من نوعه في العاصمة الرياض.

وتأتي هذه التطورات بعد أن نجحت البلاد خلال السنوات الماضية في تضييق الخناق على أصحاب الفكر الضال في الجانب الميداني، وتجفيف منابع الأموال، مما دعاهم إلى التوجه لفضاء الإنترنت بهدف غسل أدمغة الشباب من خلال حزمة من الأفكار المنحرفة التي يروجون لها، عبر مقراتهم في دول أخرى.

الخطوة الجديدة التي أتمتها الرياض أمس في ملف مكافحة الإرهاب الإلكتروني والحد منه، جاءت هذه المرة على مستوى الجامعات السعودية، إذ نظمت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ممثلة في مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز للدراسات الإسلامية المعاصرة وحوار الحضارات ملتقى «الإرهاب الإلكتروني.. خطره وطرق مكافحته».

وفي هذا السياق، حذر الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء، خلال اللقاء المنعقد يوم أمس، من الحرب الإلكترونية التي تقوم بها المواقع المسيئة للإسلام وأهله، والتي تدس السم بين صفوف المسلمين من خلال استغلالها لكل ما فيه الضرر والفساد للأمة الإسلامية.

ودعا مفتي عام المملكة الشباب والشابات إلى الحذر من الطرق والأساليب التي يتبعها أصحاب المواقع الإلكترونية المشبوهة للتغرير بهم والتضليل عليهم، وقال «كثير من شباب المسلمين هلكوا بسبب هذه المواقع التي في ظاهرها تدعو إلى الخير وفي باطنها تدعو إلى الضلال ونشر العداوة والبغضاء بين أبناء الأمة الإسلامية»، وذكر بأن تجنب هذه المواقع المشبوهة ومحاربتها من الجهاد في سبيل الله. وقال آل الشيخ «إن جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية منارة علم وهدى لكل ما يخدم الإسلام والمسلمين وطلبة العلم داخل المملكة وخارجها من خلال المؤتمرات والندوات التي تقيمها، مؤدية بذلك واجبها تجاه الوطن»، مؤكدا أن كل قوة في جامعة هي قوة للأمة الإسلامية.

من جانبه، قال الدكتور سليمان بن عبد الله أبا الخيل، مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، إن «المانع من الوقوع في إرهاب الفتن وشرور الوسائل الإلكترونية وغيرها هو أن نقيم توحيد الله عز وجل خالصا غضا كما جاء في كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم)»، مستشهدا بقوله تعالى «ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد» وقوله تعالى «ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا»، وقول رسوله صلى الله عليه وسلم «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت»، وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده».

وختم الدكتور أبا الخيل كلمته خلال اللقاء المنعقد يوم أمس بضرورة التركيز على أهمية ملتقى مكافحة الإرهاب الإلكتروني، وقال «يجب أن نضع نصب أعيننا أهمية وقاية أبنائنا وبناتنا من الشرور والمهالك التي تحيط بنا من كل جانب».

من جهة أخرى، أوضح الدكتور عبد المحسن السميح، عميد مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز للدراسات الإسلامية المعاصرة وحوار الحضارات، خلال اللقاء المنعقد يوم أمس، أن تنظيم هذا الملتقى العلمي يأتي ضمن خطة وحدة مكافحة الإرهاب بالمركز. وأشار إلى أن الملتقى يأتي تأكيدا لجهود خادم الحرمين الشريفين بشكل خاص والمملكة بشكل عام في مكافحة الإرهاب وبيان خطره وطرق مكافحته، ومحققا لتطلعات خادم الحرمين الشريفين وتوجيهاته في الاستجابة المثلى لتطبيقات دعوته لمكافحة الإرهاب على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.

وأوضح الدكتور السميح أن الملتقى يعد لبنة وخطوة من خطوات بلاده في مكافحة الإرهاب، وذلك لتحقيق جملة من الأهداف أهمها تسليط الضوء على مواقع الإرهاب الإلكتروني للحد منها، وتبادل المعلومات والخبرات الحديثة بين العاملين والباحثين للوصول إلى طرق مثلى في العمل الإلكتروني، وإعادة النظر في طرق الوقاية والمكافحة، والوقوف على المستجدات والمتغيرات الإلكترونية، وتقويم وتقوية أدوار الأسرة والتعليم والمسجد في تعرية الإرهاب الإلكتروني، ووقاية الشباب من الإرهاب الإلكتروني.

وفي السياق ذاته، أكد الدكتور عبد الله الموسى، مدير الجامعة الإلكترونية السعودية، لـ«الشرق الأوسط» يوم أمس، أن خطر الإرهاب الإلكتروني على الشباب بات يحتاج إلى تحركات مكثفة للحد منه والتوعية بصوره وأشكاله، وقال «الإرهاب في أصله هو إلغاء تفكير أو غسل أدمغة، ولأن الدولة ولله الحمد نجحت في تضييق الخناق على أصحاب الفكر الضال في الجوانب الميدانية، فقد اتجهوا إلى فضاء الإنترنت للتغرير بالشباب من خلال أفكارهم المنحرفة التي يروجون لها من خارج البلاد».

وأشار الدكتور الموسى خلال حديثه إلى أن الإرهاب الإلكتروني لا يقل خطورة عن الإرهاب الميداني، مؤكدا على أن انعقاد ملتقى الإرهاب الإلكتروني وطرق الحد منه في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية يوم أمس، يعد خطوة أولى نحو عمل من المهم إتمامه خلال الفترة المقبلة، لمواجهة خطر الإرهاب الإلكتروني، وما يبثه أصحاب الفكر الضال من سموم وشرور لغسل أدمغة شباب البلاد.

وأبان مدير الجامعة الإلكترونية السعودية، خلال حديثه يوم أمس، أن استخدامات الشباب السعودي المتزايدة للتقنيات الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي ترفع من أهمية عقد خطوات حثيثة لمواجهة الإرهاب الإلكتروني بكل أشكاله، مطالبا الجهات المعنية بضرورة تكثيف جهودها في التوعية من خطر الإرهاب الإلكتروني ووسائله.

من جهة أخرى، أكد الدكتور فايز الشهري، عضو مجلس الشورى السعودي، أن المجلس اقترب من تحديث نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، وقال «النظام القديم صدر منذ أكثر من 8 سنوات، وبسبب تطور وسائل واستخدامات الإنترنت أصبحت هنالك حاجة ملحة لتحديث النظام، وهو الأمر الذي قام مجلس الشورى بالعمل عليه خلال الفترة القريبة الماضية».

وأوضح الدكتور الشهري، خلال حديثه، أن الأمم المتحدة اقتربت من إصدار نظام دولي يكفل مكافحة الأفعال الإجرامية على الإنترنت، مضيفا «في المملكة الإرهاب مُجرّم بكل أشكاله وصوره، ونظام مكافحة الجرائم المعلوماتية يكفل ذلك، وهو النظام الذي اقترب مجلس الشورى من تحديثه».