إسرائيل تشن حملة ردع عنيفة انتقاما لعملية المعبد اليهودي

تشمل الدفع بخطط استيطانية جديدة ومصادرة أراض واعتقالات بالجملة

TT

في الوقت الذي دعا فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) أمس إلى إزالة كل أشكال التوتر في القدس، بدأ الرد الإسرائيلي على عملية الكنيس التي أودت بحياة 5 إسرائيليين انتقاميا، إذ بدأت الشرطة بتفجير منازل مقدسيين مشاركين في عمليات، وقررت بلدية القدس دفع خطط استيطانية جديدة في المدينة، فيما استولى الجيش على آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية شمال الضفة الغربية، وأمر بهدم منازل أخرى جنوبها، وسط حالة اعتقالات في صفوف الفلسطينيين، وإلغاء تسهيلات كان يفترض أن تمنح لهم في الضفة.

ودعا عباس أمس أثناء لقائه ممثل الاتحاد الأوروبي لدى فلسطين جون جات راتر، إلى إزالة كل أشكال التوتر التي تؤدي إلى ازدياد العنف «ومن أهمها وقف الاقتحامات المتكررة التي يقوم بها المستوطنون للمسجد الأقصى بحماية جيش الاحتلال». وأكد عباس أن الجانب الفلسطيني حريص على تهدئة الأوضاع، وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في اجتماعات عمان الأخيرة، والحفاظ على الوضع القائم في المسجد الأقصى منذ عام 1967.

وكردود مختلفة على العملية، أطلقت إسرائيل حملة هدم منازل مقدسيين شاركوا في عمليات ضد مستوطنين، حيث فجر الجيش الإسرائيلي في القدس، فجر أمس، منزل عبد الرحمن الشلودي في بلدة سلوان، المتهم بتنفيذ عملية دهس في 22 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قتل فيها إسرائيليين قبل أن تطلق الشرطة الإسرائيلية النار عليه وتقتله.

وبهذا الخصوص، قال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي «في إطار الحرب المتواصلة ضد الإرهاب قامت قوات هندسية تابعة لجيش الدفاع، بالتعاون مع قوات الشرطة وحرس الحدود، بهدم منزل المدعو عبد الرحمن الشلودي في حي سلوان، وهدم المنزل جاء في أعقاب عملية الدهس الإرهابية التي نفذها.. كما أن هدم منازل المخربين يبعث رسالة واضحة وشديدة اللهجة إلى كل الذين يحاولون إلحاق الأذى بالمواطنين الإسرائيليين وبقوات الأمن، مفادها أن للإرهاب وقتل الأبرياء ثمنا باهظا سيدفعونه إذا اختاروا مواصلة هذه النشاطات».

وجاءت هذه الخطوة فيما صادقت اللجنة المحلية للتخطيط والبناء لبلدية الاحتلال في مدينة القدس على بناء 78 وحدة استيطانية في القدس الشرقية، حيث قالت مصادر إسرائيلية إن المصادقة جاءت بأغلبية كبيرة ومعارضة عضو واحد فقط، وتمت في ظل الأجواء المشحونة والمتوترة في مدينة القدس.

وبحسب المصادر فإنه سيتم بناء 50 وحدة استيطانية في مستوطنة «جبل أبو غنيم» جنوب القدس، و28 وحدة استيطانية في مستوطنة «رموت» شمال القدس. أما في الضفة الغربية، التي نفد فيها الجيش الإسرائيلي حملة اعتقالات في مدن مختلفة، فقد صادرت القوات الإسرائيلية آلاف الدونمات من أراضي منطقة يعبد، جنوب غربي جنين، شمال الضفة. وقال رائد مقبل، مدير وزارة الحكم المحلي في محافظة جنين، إن سلطات الاحتلال سلمت عشرات الإخطارات للمواطنين من قرى غرب منطقة يعبد (أم دار، ونزلة زيد، وزبدة، والخلجان، وغيرها من الخرب)، علما أنهم يملكون أوراقا ثبوتية رسمية تؤكد ملكيتهم لها.

وجاء في القرار «إنه بتعديل وبأمر عسكري صادر عام 2009 تمت مصادرة آلاف الدونمات المزروعة بأشجار الزيتون، بدءا من أم دار وبعرض 3 - 4 كيلومترات، مرورا بقرية زيتا في طولكرم وباقة الشرقية وقفين، وبموجبه يحظر على أصحاب الأراضي استخدامها للزراعة أو للبناء». وحذر مقبل من أن هذا القرار الجائر يهدف إلى الاستيلاء على مزيد من الأراضي بهدف توسيع المستوطنات.

وفي الخليل جنوب الضفة، وزعت قوات الاحتلال الإسرائيلي إخطارات بهدم ثمانية مساكن وخيام لمواطنين في قرية «أم الخير» شرق يطا، جنوب الخليل. وبهذا الخصوص قال راتب الجبور، منسق اللجنة الوطنية والشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان جنوب الخليل، للوكالة الرسمية إن الاحتلال سلم إخطارات لمواطنين من عائلة الهذالين في القرية، لإزالة خيام ومساكن من صفيح.

وفي مؤشر على توجه إسرائيل لمعاقبة الفلسطينيين بشكل عام، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون، أمس، أن التسهيلات التي كان من المنتظر منحها للفلسطينيين في الضفة الغربية سيتم تجميدها إلى أجل غير مسمى بسبب التوتر المتصاعد مؤخرا.

وتقول إسرائيل إنها تسعى من خلال هذه الإجراءات إلى «ردع» الفلسطينيين ومنع اندلاع انتفاضة جديدة. وكان نتنياهو قد أمر بمثل هذا الردع، كرد فعل على العمليات الأخيرة التي استهدفت إسرائيليين بعد شهور من التوتر حول المسجد الأقصى المبارك. وتضاف هذه الإجراءات إلى أخرى اتخذتها الشرطة الإسرائيلية في القدس، ومن بينها تخفيف القيود المفروضة على حمل السلاح لليهود، ونصب حواجز ونقاط تفتيش عند مداخل ومخارج الأحياء العربية في القدس الشرقية، منعا لوصولهم بحرية إلى أحياء القدس الغربية أو المستوطنات.

إضافة إلى ذلك كله، تقدمت اييلت شاكيد، عضو الكنيست أمس، بمشروع قانون يقضي بسحب حق الإقامة في إسرائيل عن أي شخص أدين بارتكاب عملية إرهابية. وقالت شاكيد، خلال مقابلة إذاعية، إن تقديم مشروع القانون يأتي كجزء من الإجراءات الواجب اتخاذها لردع أشخاص عن ارتكاب «اعتداءات».

وعلى الرغم من التوتر الكبير، لم تتوقف الاشتباكات أمس بين فلسطينيين والشرطة الإسرائيلية في القدس، إذ اندلعت مواجهات في مخيم شعفاط ومحيط البلدة القديمة في المدينة وأماكن أخرى. وتفجرت هذه الاشتباكات بعد اقتحام مجموعات من المستوطنين أمس، للمسجد الأقصى المبارك. وفي هذا الشأن، قال وزير الأمن الداخلي يتسحاق أهارونوفيتش، إن إعادة الهدوء إلى مدينة القدس قد تستغرق شهرين، مضيفا أن «إسرائيل منخرطة الآن في حالة حرب، ولن يكون إنهاء ذلك بشكل سريع».