مصر تؤكد «تجاوبها الكامل» مع دعوة خادم الحرمين الصادقة لوحدة الصف العربي

القاهرة تثمن رؤية الملك عبد الله وتتطلع إلى حقبة جديدة تطوي خلافات الماضي

TT

رحبت القاهرة رسميا أمس ببيان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي دعا فيه مصر إلى دعم اتفاق الرياض التكميلي يوم الأحد الماضي، من أجل بدء صفحة جديدة لدفع مسيرة العمل المشترك لمصلحة شعوب الأمتين العربية والإسلامية. وقالت الرئاسة المصرية إن القاهرة تعرب «عن ثقتها الكاملة في حكمة الرأي وصواب الرؤية لخادم الحرمين الشريفين، وتثمن غاليا جهوده الدؤوبة والمقدرة التي يبذلها لصالح الأمتين العربية والإسلامية، ومواقفه الداعمة والمشرفة إزاء مصر وشعبها»، مؤكدة أنها تجدد عهدها بأنها كانت وستظل «بيت العرب»، ومشددة على تجاوبها الكامل مع هذه الدعوة الصادقة، «التي تمثل خطوة كبيرة على صعيد مسيرة التضامن العربي».

وجاء البيان المصري بعد ساعة تقريبا ردا على البيان الذي قال فيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن العزيز: «إنه ارتباطا للدور الكبير الذي تقوم به جمهورية مصر العربية الشقيقة، فلقد حرصنا في هذا الاتفاق، وأكدنا على وقوفنا جميعا إلى جانبها وتطلعنا إلى بدء مرحلة جديدة من الإجماع والتوافق بين الأشقاء».

وأضاف البيان: «من هذا المنطلق، فإنني أناشد مصر شعبا وقيادة للسعي معنا في إنجاح هذه الخطوة في مسيرة التضامن العربي، كما عهدناها دائما عونا وداعمة لجهود العمل العربي المشترك»، مشيرا إلى أن قادة دول الخليج العربية حرصوا على أن يكون اتفاق الرياض التكميلي منهيا لكل أسباب الخلافات.

وأعلنت الرئاسة المصرية ترحيبها الكبير ببيان خادم الحرمين الشريفين، حيث أصدرت بيانا حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، وكان نصه: «استقبلت مصر بترحيب كبير البيان الصادر من الديوان الملكي السعودي، والذي أعلن فيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية - حفظه الله - عن التوصل إلى اتفاق الرياض التكميلي الذي يهدف إلى وضع إطار شامل لوحدة الصف والتوافق بين الأشقاء العرب لمواجهة التحديات التي تهدد أمتنا العربية والإسلامية.

كما تعرب مصر عن ثقتها الكاملة في حكمة الرأي وصواب الرؤية لخادم الحرمين الشريفين، وتثمن غاليا جهوده الدؤوبة والمقدرة التي يبذلها لصالح الأمتين العربية والإسلامية، ومواقفه الداعمة والمشرفة إزاء مصر وشعبها.

وتجدد مصر عهدها بأنها كانت وستظل (بيت العرب)، وأنها لا تتوانى عن دعم ومساندة أشقائها.. وتؤكد على تجاوبها الكامل مع هذه الدعوة الصادقة، والتي تمثل خطوة كبيرة على صعيد مسيرة التضامن العربي.

إن مصر شعبا وقيادة على ثقة كاملة من أن قادة الرأي والفكر والإعلام العربي سيتخذون منحى إيجابيا جادا وبناء لدعم وتعزيز وترسيخ هذا الاتفاق، وتوفير المناخ الملائم لرأب الصدع ونبذ الفرقة والانقسام، فدقة المرحلة الراهنة تقتضي منا جميعا تغليب وحدة الصف والعمل الصادق برؤية مشتركة تحقق آمال وطموحات شعوبنا.

وإننا إذ نتطلع معا إلى حقبة جديدة تطوي خلافات الماضي، وتبث الأمل والتفاؤل في نفوس شعوبنا، فإننا نتوجه بخالص الشكر والتقدير إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية - حفظه الله - على جهوده الحكيمة ومساعيه الحثيثة للمّ الشمل العربي في مواجهة التحديات التي تحيق به.. داعين الله عز وجل أن يديم الأمن والاستقرار والسلام على أوطاننا، وأن تنجح الجهود العربية المشتركة في تحقيق المصالح العليا لوطننا العربي».

وعلى صعيد القوى السياسية المصرية، قال عمرو موسى، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، لـ«الشرق الأوسط» إن «البيان الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز خطوة مهمة في ظل ظروف غاية في القسوة يمر بها العالم العربي». وأضاف: «لا شك أن النظرة إلى المستقبل، وإعادة التضامن العربي على قاعدة (لا ضرر ولا ضرار) خطوة مهمة جدا، وجاءت في الوقت المناسب. وجزى الله خادم الحرمين خيرا عليها».

كما أشاد موسى بالبيان الذي أصدرته الرئاسة المصرية، وأكد تأييده لكل ما ورد به من روح المسؤولية والصدق في التعامل مع الواقع العربي. وقال: «نفترض من هذا التاريخ، أي صدور هذه البيانات المهمة، أن يكون لها صدى عملي. والتحدي ليس بعيدا عن أحد؛ سواء كان من الإرهاب أو التطرف أو الاحتلال»، وذكر موسى أن «الفرقة هي أخطر ما يصيب العرب في مقتل، ولا فارق بين عربي وعربي على أساس ديني أو مذهبي، وروح العروبة يجب أن تتعدى كل ذلك»، مبديا تفاؤله بهذه الروح الجديدة التي تسعى إلى عودة التضامن والعمل العربي المشترك.

من جانبه، رحب حزب الوفد، أكبر الأحزاب الليبرالية، بدعوة خادم الحرمين الشريفين وموقف مصر منها، وقال ياسر حسان، عضو الهيئة العليا للحزب، لـ«الشرق الأوسط» إن «القاعدة في حزب الوفد تأييد أي اتفاقات تصل إلى الوحدة بين الدول العربية»، لافتا إلى أن «دعوة الملك عبد الله سوف ترجع قطر إلى حضن الخليج والعالم العربي»، ومؤكدا أن «حزب الوفد يوافق من حيث المبدأ على التعاون مع قطر؛ لكن هذا يتوقف على أن تتحول هذه الاتفاقات لخطوات إيجابية»، متابعا: «أتوقع أنه كان هناك تنسيق كبير بين الرياض والقاهرة على بنود الاتفاق».

من جهته، أثنى حزب النور، الذراع السياسية للدعوة السلفية في مصر، على الدعوة والموقف المصري. وقال الدكتور صلاح عبد المعبود، عضو الهيئة العليا لحزب النور، إن «(النور) يرحب بأي ألفة تحدث وتهدف للمّ شمل الأمة العربية».

وأضاف عبد المعبود لـ«الشرق الأوسط» أن «حزب النور يثمن مبادرة السعودية ودعوتها للتقارب بين الشعوب العربية»، لافتا إلى أن الاتفاق يتوقف على أن تقوم قطر بتقديم عدد من الإيجابيات، و«أولها منع قناة (الجزيرة) الفضائية من بث سمومها على أرض مصر، وإيقاف جميع حملات التطاول وترويج الأكاذيب ضد مصر، ووقف محاولات شق الصف في مصر».

كما رحب الدكتور عفت السادات، رئيس «حزب السادات الديمقراطي»، بالدعوة ورد الفعل، لافتا إلى أن القاهرة شعبا وقيادة تسعى لإنجاح هذه الخطوة في مسيرة التضامن العربي. وقال السادات في بيان لحزبه حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه أمس، إن بيان «العاهل السعودي اتسم بالمسؤولية وبإدراك أهمية الظروف العصيبة التي تمر بها المنطقة العربية الآن، في ظل تكالب قوى دولية عليها، لإنجاح مخططات التقسيم بغرض إضعاف المنطقة ومن ثم سهولة السيطرة عليها».

وثمن السادات الدور الذي يقوم به العاهل السعودي في سعيه لتكوين جبهة عربية متماسكة، وتمنى السادات أن تستجيب قطر لما جاء في البيان بشكل فوري.