حمادة: الأسد قال لرفيق الحريري إنه «إذا عارضتم التمديد للحود سأحرق البلد»

قال أمام المحكمة الدولية إن جنبلاط ورئيس الحكومة الراحل كانا يراهنان من سيُقتل أولا

TT

أعلن النائب اللبناني مروان حمادة، في شهادته أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، أمس، إن الرئيس السوري بشار الأسد، هدد رئيس الحكومة اللبنانية الراحل رفيق الحريري بـ«تدمير لبنان إذا حاولتم أن تعارضوني» بتمديد ولاية رئيس الجمهورية السابق إميل لحود في عام 2004، مشيراً إلى أن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط نصح الحريري آنذاك بحماية نفسه، وكان على قناعة «أن الحريري غير مرغوب به في دمشق، وأن جنبلاط والحريري كانا يراهنان من سيُقتل أولاً».

وجاءت تصريحات حمادة خلال جلسة الاستماع له شاهدا في قضية اغتيال الحريري في عام 2005، حيث أدلى لليوم الثالث على التوالي بشهادته أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في لاهاي، تناول فيها أمس اللقاء في منزل جنبلاط في كليمنصو في بيروت في 26 أغسطس (آب) 2004 بعد عودة الحريري مباشرة من اللقاء مع الأسد في دمشق.

وأشار حمادة إلى أن الحريري قال لهم إن الأسد استقبله «على الواقف»، أي لم يدعه للجلوس، وبقي يتحدث معه 10 دقائق، وكان الحديث في اتجاه واحد، ناقلاً عن الحريري قوله نقلاً عن الأسد: «أنتم تعتقدون أنكم تستطيعون فرض إملاء رئيس جديد على لبنان. إنكم تخطئون بذلك لأننا نحن الذين نستطيع أن نحسم هذا الخيار وليست فرنسا ولا الولايات المتحدة الأميركية». وعندما احتج الحريري أن لا فرنسا ولا الولايات المتحدة الأميركية تنتخب، وإنما نتعاون لانتخاب رئيس أقل استفزازا من لحود. وقال الأسد: «بل سيكون لحود، وإذا عارضتموني سأدمر لبنان على رأسك ورأس وليد جنبلاط. الأفضل أن تذهب إلى بيروت وترتب أوضاعك على هذا الأساس». وأشار حمادة إلى أن الحديث «انتهى عمليا مع الأسد وكان واضحا أنه لا يريد أن يترك مجالا للحريري في أن يناقشه. وترك الحريري قصر الرئاسة في دمشق وعاد إلى بيروت، وكنا أول من التقاه عند عودته».

ويقول سياسيون لبنانيون إن الأسد، ضغط على الحريري وعلى سائر المسؤولين اللبنانيين لإقرار قانون استثنائي في البرلمان يقضي بتمديد ولاية رئيس الجمهورية السابق إميل لحود مدة 3 سنوات، وبالفعل تحققت في 3 سبتمبر (أيلول) 2004، تلاها تأزم في الوضع السياسي اللبناني، وانقسام بين مؤيد ومعارض لهذا التمديد، قبل أن يتعمق الانقسام أكثر على ضوء صدور قرار مجلس الأمن الذي حمل الرقم 1559 في خريف 2004، ثم يُقتل الحريري في انفجار استهدف موكبه في 14 فبراير (شباط) في عام 2005.

ولفت حمادة في شهادته أمس، إلى أن رأي جنبلاط كان أن يتفادى الحريري المواجهة، وهو قال للحريري: «أنا يا أبو بهاء أستطيع أن أحمل التهديد، سبق أن اقترفوا بوالدي شيئا مماثلاً (في إشارة إلى اغتيال والده كمال جنبلاط في عام 1977) وقد يكون هذا جزءا من مناعتي»، ورد الحريري على جنبلاط بالقول: «الأسد سيطالك حتى وإن كنت محمياً في الجبل عند الدروز» إلا أن جنبلاط قال له «احم نفسك أولا تفادياً للشر». وأضاف: «جنبلاط نصح الحريري أن يستقيل من رئاسة الحكومة بعد تأليفها والسفر للخارج لتفادي المخاطر بعد التهديدات، وجنبلاط كان على قناعة أن الحريري غير مرغوب به في دمشق»، مشيراً إلى أن «جنبلاط والحريري كانا يراهنان من سيُقتل أولاً».

وأوضح حمادة أن «التدهور في العلاقة مع النظام السوري بدأ منذ عام 1998 وليس من عام 2004 وذلك عندما أُبعد الحريري عن الحكم قسرا، وهو كان يستطيع أن يتحدث مع أي رئيس في العالم فقد كان يتحدث مع الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك يوميا، ومع رئيس روسيا فلاديمير بوتين وكذلك مع الرئيس الأميركي السابق جورج بوش».

وبعد استراحة، واصلت المحكمة الاستماع إلى حمادة الذي قال إنه «بعد تهديدات بشار الأسد، كانت عملية تعديل الدستور للتمديد للحود معلبة بدءا من جلسة مجلس الوزراء في 28 أغسطس التي كانت مقتضبة». وأضاف: «وصلتنا في ليل الخميس - الجمعة دعوة من أمين عام مجلس الوزراء بانعقاد جلسة في 28 أغسطس، وكلفنا الرئيس الحريري بأن ننقل موقفنا ضد التمديد إلى مجلس الوزراء وأن نصوت ضد مشروع القانون وأن نظهر من خلال قرارنا أننا قد لا نستمر في هذه الحكومة».

وأشار إلى أن الرئيس الحريري كرر مرارا الطلب من الرئيس فؤاد السنيورة على أهمية حضور الجلسة، لافتا إلى «غياب الوزير جان عبيد عن الجلسة رغم الضغوطات المباشرة التي مارسها عليه (رئيس وحدة الأمن والاستطلاع السورية في لبنان العقيد) رستم غزالة».

وقال حمادة: «الرئيس رفيق الحريري برر الدعوة لتعديل المادة 49 بجملة: (نظرا للأوضاع الإقليمية)، كانت جملة غامضة وتحمل الكثير من التفسيرات»، مضيفا أن «كل شيء كان مفروضا ومر التعديل في مجلس الوزراء خلال 10 دقائق بسبب تهديدات سوريا لمعارضيها وحماسة مؤيديها للتمديد للحود». وأعلن أنه «بعد جلسة مجلس الوزراء سافر الحريري إلى سردينيا، وتعرض هناك لحادث كسر في ذراعه بسبب انخفاض ضغط الدم وسقوطه. وأمضى فترة العلاج خارج لبنان». وقال: «كان هناك سباق بين التمديد للحود وإقرار القرار 1559 فسوريا كانت تفرض على لبنان دستورا جديدا»، مؤكدا: «إنني بدأت أعرف بالقرار 1559 قبل أيام من إقراره».