الديون الدراسية تكبل طلاب أميركا طوال حياتهم

تضاعف حجمها 4 مرات منذ عام 2004 ووصل إلى نحو تريليون دولار

الحاكم السابق لولاية فلوريدا جيب بوش يصافح الطالبة دنيشا ميريويذرخلال مؤتمر إصلاح نظام التعليم والديون في واشنطن (أ.ف.ب)
TT

يصف مواطن أميركي حاله اليوم بعد اقتراضه أموالا لتمويل دراسة الطب قائلا في أحد منتديات الإنترنت التي يتبادل فيها مشاكل تمويل التعليم الأميركي شكواهم: «اقترضت نحو 150 ألف دولار لتمويل دراسة الطب وأتممت دراستي عام 2002». مضيفا أنه لم يحصل على وظيفة حتى الآن.. «لا أستطيع تسديد ديوني، أحتاج مساعدة».

يعتبر «شهيد»، كما يسمي نفسه، واحدا من عدد لا حصر له من الطلاب في الولايات المتحدة الذين تأثرت أوضاعهم بسبب الاقتراض من أجل تمويل دراستهم. وتظهر قصة «شهيد» الأوضاع الاجتماعية لمشكلة ذات أهمية اقتصادية كبيرة للولايات المتحدة، وذلك لأن قروض الدراسة التي لم تسدد خلال السنوات الماضية تزداد يوما بعد يوم.

وتشير بيانات وزارة التعليم في الولايات المتحدة إلى أن حجم هذه الديون تضاعف 4 مرات تقريبا منذ عام 2004 ووصل إلى نحو تريليون دولار. وينهي نحو 70 في المائة من الطلاب في أميركا دراستهم الجامعية بديون «وهذا ما يزيد القلق ليس فقط لدى الطلاب بل لدى الاقتصاد كله» حسبما أوضح الخبير توماس هايلاندس من بنك الاحتياطي الفيدرالي في ولاية فيلادلفيا.

وتتعامل الولايات المتحدة مع قروض الطلاب على أنها منتج مالي ولكن الحكومة تقوم بالجزء الأكبر منها حيث تسند إليها مسؤولية توفير القروض الدراسية المناسبة لأكبر عدد ممكن من الطلاب، ولكن أصحاب هذه الديون يعانون كثيرا في تسديد هذه الديون إذا تعرضوا لمشاكل مادية لأن من حق الدولة خصم هذه الديون من رواتبهم.

وإذا لجأ الطلاب للبنوك الخاصة للحصول على قروض لتمويل دراستهم فإنهم يواجهون شروطا صارمة من قبل هؤلاء الذين لا يقبلون بالحلول الوسط. بل إن هناك الكثير من الأميركيين الذين بلغوا سن التقاعد قبل أن يتمكنوا من تسديد ديون دراستهم، حيث إن هناك 706 آلاف أسرة في الولايات المتحدة تجد معيليها فوق سن 65 عاما، وهؤلاء لم يسددوا مثل هذه القروض. ورغم أن عدد هؤلاء لا يتجاوز نسبة 3 في المائة من الطلاب، فإن هذه النسبة تبين مدى سهولة سقوط الطلاب في فخ القروض.

تتزايد تكاليف التعليم في أميركا، أكبر اقتصاد في العالم، حيث ارتفعت تكلفة العام الدراسي بواقع 8000 دولار في الفترة بين عامي 1990 و2012.

وتشير دراسة للخبير مارك كانتروفيتس من شركة «ايدفيزورس» المتخصصة في تمويل الدراسة إلى أن طلاب الدفعة الدراسية لعام 2014 كانوا الأكثر استدانة في تاريخ التعليم الأميركي، حسب تقرير الوكالة الألمانية للأنباء. ويبلغ معدل استدانة الطلاب في الولايات المتحدة 33 ألف دولار لكل طالب. وأظهر استطلاع للرأي أجرته شركة بي دابليو سي للخدمات الاستشارية أن واحدا من بين كل 5 طلاب في سن 18 إلى 29 عاما في أميركا يرى أن قروض التعليم استثمار جيد.

ومع ذلك فإن الباحثين بيث أكرز وماثيو شينغوس من شركة بروكينغس الاستشارية يريان أن خطر حدوث استدانة عامة لدى الأميركيين وحدوث فقاعة ديون ليس بالصورة التي يقدمها البعض.