الإصلاحات التنظيمية للأسواق تبقى أحد تحديات مجموعة العشرين

أبرزها وضع قواعد رأسمال أكثر تشددا للمصارف العالمية

TT

دعت شركة «كي بي إم جي» العالمية، دول مجموعة العشرين إلى بذل المزيد من الاهتمام بالدور الذي يمكن أن تقوم به الخدمات المالية في خلق فرص عمل جديدة وتحفيز النمو الاقتصادي. جاء ذلك في تقرير قدمته الشركة لرؤساء دول وحكومات مجموعة العشرين، قبيل اجتماعهم الذي عقد في بريزبن الأسترالية مطلع الأسبوع الحالي.

وقالت «كي بي إم جي» في تقريرها الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه «جاء في جدول الأعمال الجديد الذي خلصت إليه قمة دول مجموعة العشرين للخدمات المالية أنه يمكن دفع عجلة استراتيجيات النمو المتفق عليها بين دول المجموعة، كزيادة الاستثمار في البنى التحتية من خلال القطاع المالي، وعليه فإن تعديل قوانين رأس المال والسيولة المالية في البنوك التي تعتمد على تمويل طويل الأمد من شأنه أن يزيد من فرص الاستثمار».

وحذر التقرير من أن الكثيرين لا يدركون العواقب التي تمخضت عن خطة الإصلاح التنظيمية، مضيفا «على الرغم من أن هذه الإصلاحات يتم تطبيقها، فإن ذلك يتم بصور غير منتظمة في العديد من السلطات القضائية، وهذا ما تسبب في خسائر جسيمة من الناحية التنظيمية وتذبذب الاستقرار وانحسار الموارد المالية لدفع عجلة النمو الاقتصادي».

ولفت التقرير في السياق ذاته إلى أن ما يشغل بال دول مجموعة العشرين هو القلق حيال وضع البيئة الحالي للأسواق والذي حدّ من حجم النمو وقلل من المشاركين فيه، وقال «هذا ما يضيق مجال الخيارات المتوافرة، كما أنه مؤشر لا يشجع أبدا على إبقاء الأسواق في جو تسوده روح التنافس والتجديد».

وأوضحت الشركة أنها قدمت تقريرها إلى رؤساء دول مجموعة العشرين مباشرة قبل اجتماعهم في مدينة بريزبن في اليومين الخامس عشر والسادس عشر من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وتضمن جملة من المقترحات أهمها ضرورة إعادة تقييم تحليل التكلفة والفائدة لبعض الإصلاحات التنظيمية استنادا إلى نتائجها، وإعطاء الأولوية للإصلاحات المستقبلية، وضبط آلية التوقيت لتطبيق القوانين، إضافة إلى الاتفاق على الحد من التباين والاختلاف بين الأنظمة القائمة في الدولة الواحدة والتي من شأنها رفع التكلفة وتخفيف سرعة النمو الاقتصادي.

وقات «كي بي إم جي»: «لقد شجع تقريرنا هذا إلى حد كبير البنوك على تكثيف الجهود لإعادة بناء الثقة والتغلب على التحديات التي تواجهها، ولا ينكر أي شخص التقدم الكبير الذي أحرزته الصناعة في رأس المال، رغم أنها لا تزال تواجه تحديات كثيرة مع الحكومة والثقافة السائدة»، مضيفة أن «التوقعات الناتجة عن خطر الاصطدام في الثقافة السائدة تكاد تكون واضحة إلى حد ما، لكن على الإدارة أن تطور لنفسها ثقافة خاصة بها لتلافي مثل هذه التحديات، ويجب أن يتضمن تقرير مجلس الإدارة دليلا واضحا يشارك فيه المشرفون بأن الإجراء المناسب يطبق على أرض الواقع، وعندما يتم تطبيق هذا الأمر على نحو صحيح وفرض بعض الضوابط، عندئذ من السهل إعادة بناء الثقة في المجتمع بشكل أوسع، الأمر الذي يفسح المجال للبنوك بدعم الاقتصاد».

وقال جيريمي أندرسن، المدير العام للخدمات المالية في شركة «كي بي إم جي»: «يجب على دول مجموعة العشرين خلق التوازن ما بين التعامل مع أزمات الماضي وزيادة النمو الاقتصادي وإيجاد فرص العمل للمستقبل، كما أن هناك حاجة ملحة لإيجاد علاقة جديدة تربط قطاع الخدمات المالية والقائمين على سن الأنظمة والقوانين في الجهات التشريعية، الأمر الذي يؤدي إلى استقرار مستمر مترافق مع تحفيز النمو الاقتصادي». وتابع جيريمي حديثه قائلا «في الوقت نفسه، فإن البنوك على وجه خاص عليها تكثيف الجهود في سبيل إحداث تغيير في الثقافة والسلوك السائد، بحيث يكسر القائمون على سن القوانين والأنظمة القيود حتى نخرج من هذه الوضع العقيم، والذي يظن فيه المشرعون أنهم قادرون على إدارة كل الأمور؛ وذلك لأن جزءا من القطاع ليس أهلا للثقة في تأدية دوره في تحسين المعايير»، مضيفا «ما زلنا نشهد آثار سياسة الانكفاء المحلي والتطبيقات التي لا تتوافق مع غيرها من الإصلاحات التنظيمية بين السلطات القضائية والتي من شأنها رفع التكلفة والحد من توافر الخدمات المالية المطلوبة لتحفيز النمو الاقتصادي وانتعاش الاقتصاد». ولفت المدير العام للخدمات المالية في شركة «كي بي إم جي» إلى أن التقرير ذاته خلص إلى أربع توصيات لتصحيح جدول الأعمال هي الحد من الإجراءات التنظيمية والتي من شأنها أن تعوق المشاريع وتحبط المستثمرين، مما يشجع البنوك على العمل مع الشركات والبنى التحتية وتجارة الأموال، كما تضمنت التوصيات تشجيع شركات التأمين ومستثمريها لفترات طويلة الأجل واعتبارها مثل البنى التحتية والشركات الصغيرة، إضافة إلى تشجيع القائمين على إدارة الأصول المالية على زيادة الاستثمار في البنى التحتية، وأخيرا ضرورة تطوير الأسواق المالية وجعلها حيوية.

وأضاف جيريمي «كل اللقاءات والحوارات المنعقدة والقرارات والنتائج الصادرة عنها في مدينة بريزبن من شأنها تحفيز الاستثمار؛ وهذا ما يساعد على خلق فرص عمل جديدة، وبالتالي تسريع وتيرة انتعاش الاقتصاد العالمي، كما أننا نحث مجموعة الدول العشرين على اتخاذ زمام المبادرة للمساهمة في دعم قطاع الخدمات المالية لتحفيز انتعاش الاقتصاد العالمي».

وتأتي هذه التطورات بعد أن وضع رؤساء دول وحكومات مجموعة العشرين خارطة طريق اقتصادية أثناء قمة بريزبن، حيث أشار البيان الختامي للقمة إلى أن النمو ما زال «ضعيفا» و«متفاوتا» ويواجه «مخاطر، في الأسواق المالية بسبب توترات جيوسياسية»، فيما تريد مجموعة العشرين تحقيق «نمو قوي مستدام ومتوازن ويخلق وظائف».

وبحسب البيان الختامي للقمة، رحبت مجموعة العشرين بالإصلاحات الحالية في القطاع المصرفي، خاصة تلك التي اقترحها مجلس الاستقرار المالي الذي يضم مسؤولي المصارف المركزية وخبراء المال لفرض قواعد رأسمال أكثر تشددا للمصارف العالمية، كما عبرت مجموعة العشرين عن ارتياحها للتعميم الحالي لتبادل المعطيات المصرفية آليا بين الدول وصادقت على الشق الأول من الخطة التي أعدتها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية من أجل الحد من التهرب الضريبي، كما وافقت مجموعة العشرين على أعمال مجموعة العمل لمكافحة الفساد التي تهدف إلى وضع قاعدة شفافية على الملكية الفعلية للشركات. ولفت البيان ذاته إلى أن مجموعة العشرين تريد تعزيز التعاون في قطاع الطاقة.