العاهل المغربي يحذر من استغلال وسائل الاتصال الحديثة لخدمة التطرف الديني

بايدن يطلق مبادرة للتبادل الافتراضي بين الشباب الأميركي ونظرائهم في الشرق الأوسط

نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن أثناء إلقاء كلمته في قمة مراكش أمس (رويترز)
TT

قال العاهل المغربي الملك محمد السادس إن الشباب يتوفر اليوم على نافذة مفتوحة على العالم، من خلال التكنولوجيا الحديثة للإعلام، التي تجعل من المعارف العامة، ثروة مشتركة للإنسانية جمعاء، بيد أنه أوضح أنه في سياق قد يجري فيه استغلال وسائل الاتصال الحديثة لخدمة قضايا مقيتة، كالتطرف الديني أو الترويج لآيديولوجيات منحرفة، أصبح من اللازم توجيه وتطوير هذه الوسائل لتعزيز التنافس الإيجابي، والمبادرة المواطنة، من خلال تعاون أوثق مع المجتمع المدني.

وأضاف الملك محمد السادس، في رسالة وجهها إلى المشاركين في قمة مراكش، تلاها نيابة عنه عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية، أن أي أمة أو ثقافة أو مجموعة بشرية، بإمكانها أن تستمد من مقوماتها الذاتية ما يحفزها على استشراف المستقبل بالثقة اللازمة للإقدام على أي مبادرة، مؤكدا أن الإسلام، بما يحمله من تصور متفائل تجاه قضايا الوجود، يجسد هذه القيم الكونية في أسمى معانيها.

وأشار العاهل المغربي إلى أنه لمواجهة النزعة التشاؤمية، التي طالما خيمت على القارة الأفريقية فإنه «يجدر بحكوماتنا أن تحفز روح الثقة لدى شبابنا، لإقناعهم بما يتوفرون عليه من مؤهلات ذاتية وقدرة على التعلم، وعلى اتخاذ المبادرة. فعلينا رعاية النماذج الإيجابية، وجعل المبادرات الناجحة نماذج ومثالا يحتذى».

وأكد الملك محمد السادس التزام بلاده القوي بأهداف القمة العالمية لريادة الأعمال استنادا إلى خياراتها الكبرى، مشيرا إلى أن المغرب يعبئ طاقاته من أجل النهوض بالتنمية البشرية والمستدامة، ويستثمر في ثقافة ريادة الأعمال، ويشجع تبادل الخبرات والمعارف، والاستغلال الأمثل لعناصر التكامل، خاصة بين بلدان الجنوب. وقال الملك محمد السادس إن المغرب يعتز بانعقاد هذه القمة، التي أطلقها الرئيس باراك أوباما سنة 2009. لأول مرة على أرض أفريقية. وهو ما يؤكد مكانة وطموح المملكة المغربية، التي تعتبر تعزيز شراكتها مع القارة خيارا استراتيجيا محسوما لا رجعة فيه.

وعد العاهل المغربي المبادرة والابتكار قيمتين متلازمتين، تشكلان محطة للعبور نحو الحرية والترقي الاجتماعي والازدهار، كلما توفر المناخ الملائم للأعمال، والشروط الضرورية لذلك. وشدد على القول إن التربية عنصر أساسي لا بد منه في المسار الذي ينقل الإنسان إلى مرحلة تنمية روح النقد، وإرادة التطور الذاتي، ليتمكن في الوقت المناسب من إدراك واغتنام الفرص الاقتصادية والتكنولوجية والاجتماعية المتاحة. لذا، يضيف الملك محمد السادس «فإن من واجبنا تمكين الأجيال القادمة من منظومة تربوية تتجاوز عملية التراكم ونقل المعارف، للانتقال إلى تشجيع روح الإبداع والابتكار والتفاعل».

وذكر العاهل المغربي أن المجتمع المفعم بروح المبادرة، الذي يتطلع إليه، كفيل بتحقيق تكافؤ الفرص للجميع، من خلال تحفيز وتشجيع النساء والشباب على التحلي بروح المبادرة، لأن دورهم في هذه المنظومة ينبغي أن يكون أكثر تأثيرا، كقوة اقتراحية وعملية، في خدمة النمو الشامل والتشغيل.

من جهته، أعلن نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن في مراكش عن مبادرة جديدة للتبادل الافتراضي بين الشباب الأميركي ونظرائهم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تحمل اسم كريستوفر ستيفنز، السفير الأميركي الذي قتل في 11 سبتمبر (أيلول) 2012 في بنغازي. وقال بايدن إن المبادرة الجديدة، التي ستنطلق من المغرب عبر مشروع نموذجي بداية عام 2015، تهدف إلى تقوية الشباب لرفع التحديات المحلية والدولية من خلال عنصر التنافسية لديهم. وأضاف أن هذه المبادرة تهدف إلى تكريم ستيفنز، مشيرا إلى أن تمويل المبادرة بمساهمة القطاع الخاص والحكومة الأميركية، وستساهم فيها عائلة السفير ستيفنز.

وأكد نائب الرئيس الأميركي أن الكثير من البلدان أعربت عن رغبتها في إبرام شراكة مع الولايات المتحدة في إطار هذه المبادرة. وشدد على أنه إلى غاية اليوم، أعلن المغرب وقطر والإمارات العربية المتحدة عن التزامات مالية تزيد على 31 مليون دولار برسم السنوات الـ5 المقبلة، في إطار هذه المبادرة، مضيفا أن شركاء في القطاع الخاص سينخرطون في هذه المبادرة.

واحتفل بايدن أمس في مراكش بعيد ميلاده الـ72. فهو من مواليد 20 نوفمبر (تشرين الثاني) 1942، وردد الحضور الواسع في القمة «سنة حلوة يا بايدن».

ونوه بايدن بالحماس الذي طبع الدورة الخامسة للقمة العالمية لريادة الأعمال في مراكش، والتي شارك فيها 4 آلاف من المستثمرين والمبدعين ورجال الأعمال من 50 دولة، مشيرا إلى أن المغرب كان أول دولة تعترف بالولايات المتحدة في ديسمبر (كانون الأول) 1777. وقال إنه جاء ليشكر المغاربة على هذا الاعتراف.

من جهة أخرى، جدد بايدن عزم الولايات المتحدة الراسخ على تعزيز علاقات الشراكة مع المغرب، وخاصة في ميدان تشجيع المقاولة والابتكار. كما أعلن قرار حكومة بلاده لاستثمار نحو 50 مليون دولار إضافية في إطار برنامج تحدي الألفية، لدعم استراتيجية المغرب في مجال التكوين المهني. مبرزا أن هذا المشروع الجديد يهدف إلى تقوية كفاءات الشباب وتمكينهم من الاستجابة لانتظارات سوق الشغل.

وذكر أن نحو 700 مليون دولار جرى تخصيصها إلى غاية اليوم لمشاريع في المغرب في إطار تحدي الألفية.

من جهة أخرى، أعلن بايدن أن حكومة بلاده ستضع رهن إشارة المغرب، وبشراكة مع إسبانيا، خطا ائتمانيا بقيمة 7 ملايين دولار لتمويل مشروع يرمي إلى إحداث وحدة جديدة للتخزين على مستوى ميناء طنجة المتوسط. وقال بايدن إن الولايات المتحدة ستعمل على توسيع الفرص الاقتصادية للجميع، ولا سيما للشباب والنساء، مضيفا أن واشنطن سترصد لهذا الغرض موازنة بقيمة مليار دولار لدعم القطاع الخاص في الكثير من البلدان خلال السنوات الـ3 المقبلة، مؤكدا أن نصف المشاريع التي سيجري دعمها في إطار هذه العملية ستديرها نساء مقاولات وشباب.

كما شدد بايدن على دور المرأة، مشيرا إلى أنها ليست في مواقع النجاح التي تستحقها في القرن الحادي والعشرين. وشدد على دورها في الاستقرار.

كما شدد بايدن على محاربة الرشوة والفساد، ووضع ضمانات لحماية الملكية الخاصة، محذرا من أن نتيجة الفساد هي توقف الابتكارات التي تؤدي إلى الريادة، وقال إن الفساد لا يؤثر فحسب على النمو الاقتصادي ولكن أيضا على الكرامة والسيادة.

بدوره، أكد الرئيس الغابوني علي بونغو على دور التكنولوجيا وأهميتها بالنسبة للقارة الأفريقية. وأشار إلى إطلاقه لجائزة التميز لمكافأة الريادة في مجال الأعمال في بلده.

وأكد الرئيس الغيني ألفا كوندي دعم المغرب ووقوفه إلى جانب بلاده في مواجهة الظروف العصيبة التي اجتازتها. وقال في كلمته «إن غينيا ممتنة للملك محمد السادس وللمغرب لوقوفه إلى جانب بلاده في مواجهة الظروف الاقتصادية العصيبة التي اجتازتها غينيا». وأضاف أن المغرب «قدم أيضا دعما مهما لغينيا لا سيما في مواجهة داء إيبولا الذي عصف بالبلاد وتقوية منظومته الصحية، وكذا تحقيقها للتنمية الاقتصادية وأمنها واستقرارها».