مصر تواجه التظاهر برفع المصاحف بخطبة موحدة اليوم.. وملتقى لمحاربة الأفكار المتطرفة

وزير الأوقاف لـ(«الشرق الأوسط») : «دعوات ماكرة» يروجها تابعون لـ«الإخوان»

TT

استبقت مصر دعوات دعت إليها «الجبهة السلفية»، أحد الكيانات المنضوية ضمن «تحالف دعم الشرعية»، الذي تقوده جماعة الإخوان المسلمين، للتظاهر يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي تحت اسم «انتفاضة الشباب المسلم»، عبر رفع المصاحف بغرض فرض الهوية الإسلامية في مصر. وأعلنت وزارة الأوقاف خطبة موحدة اليوم (الجمعة) في جميع مساجد مصر بعنوان «الدعوات الهدامة وسبل مواجهتها»، كما دعت إلى ملتقى فكري لشباب الدعاة والأئمة لمواجهة الإرهاب والفكر المتطرف.

في حين قال وزير الأوقاف المصري الدكتور محمد مختار جمعة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «دعوات التظاهر برفع المصاحف ماكرة، يروجها مغرضون تابعون لجماعة الإخوان الإرهابية»، وأفتت وزارة الأوقاف بأن «دعوات الخروج للتظاهر آثمة». وأحكمت وزارة الأوقاف (وهي المسؤولة عن المساجد في مصر) قبضتها على منابر التحريض عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عن السلطة في يوليو (تموز) من العام المنصرم، لمواجهة الأفكار والدعاة التكفيريين الذين يدعون المصريين للعنف ضد السلطات الحاكمة في البلاد. وعممت وزارة الأوقاف خطبة الجمعة اليوم في المساجد، للتحذير من مظاهرات «رفع المصاحف». وأفتت الأوقاف في نص الخطبة التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، بأن «مثل هذه الدعوات للتظاهر آثمة لكل من دعا إليه أو شارك فيه».

وهاجمت الوزارة، في نص الخطبة، من وصفتهم بأنهم يرفعون ظلما وخداعا شعار «الشريعة»، مشيرة إلى أن هذه الدعوات التي يرفعونها قد تؤدي - ما لم ننتبه لها - إلى فتن عظيمة وتدمير وتخريب وزعزعة لأمن الفرد والمجتمع. وشددت الوزارة على أن إقحام الدين في السياسة والمتاجرة به لكسب تعاطف العامة إثم عظيم وذنب خطير. بينما وصف وزير الأوقاف المصري هذه الدعوات «بالتخريبية التي يقوم بترويجها بعض المغرضين التابعين لجماعة الإخوان، وفقا لتصريحات الجماعة الإرهابية، والذين أعلنوا أن الجبهة السلفية المزعومة جزء من الجماعة الإخوانية، وأنها حرة في اتخاذ قرارها ولها حق التصرف كيفما شاءت».

وتحاول الدولة المصرية منع استخدام دور العبادة في الصراع السياسي. وقالت وزارة الأوقاف إنه «جرى من قبل وضع قانون الخطابة، الذي قصر الخطب والدروس في المساجد على الأزهريين فقط، ووضع عقوبات قد تصل للحبس والغرامة لكل من يخالف ذلك». وقال الوزير جمعة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «رفع السلاح في وجه المصريين الآمنين وترويعهم.. لعب بالدين وخداع»، مطالبا بقطع يد من يرفع سلاحه في وجه المصري. وتابع الوزير بقوله «الأمر الذي جعلهم يتخذون أفعالا أخرى ماكرة من صلب فكر الخوارج برفعهم المصاحف في المظاهرات»، لافتا إلى أن «هذه الصورة تستدعي الصورة الذهنية التاريخية للخوارج الذين خرجوا على الإمام علي حين رأوا أن الغلبة عليهم وحينما أرادوا أن يحكموا الرجال، فهو حق يراد به باطل، يعملون من خلاله على شق صف المسلمين، حتى خرج البعض قائلين (كيف نقتل من رفعوا كتاب الله؟)، وقال الإمام علي (إنها خدعة).. وهكذا يعيد التاريخ نفسه لشق الصف المصري، الأمر الذي يفرض علينا كشف الخداع وتحصين المجتمع منهم بكل قوة».

ويقول مراقبون إن «جماعة الإخوان التي أعلنتها السلطات تنظيما إرهابيا، قد ضاقت ذرعا من استمالة أنصارها وشبابها في مسعاها لمحاولة زعزعة النظام الحالي وإزعاجه، أو حتى حشدهم للاحتجاج ضده، فقررت التخلي مؤقتا عن رفع شعاراتها التقليدية خلال الفترة السابقة، وارتداء عباءة السلفيين في الحشد لمظاهراتهم الداعية لتطبيق الشريعة وفرض الهوية الإسلامية بمصر».

ودعت الجبهة السلفية، وهي إحدى الجماعات السلفية في مصر، إضافة لعدد من الحركات الإسلامية الأخرى، للتظاهر يوم 28 نوفمبر عبر رفع المصاحف بغرض فرض الهوية الإسلامية. وتظاهرت الدعوة السلفية في هذا الموعد نفسه قبل 3 سنوات بميدان التحرير بوسط العاصمة في يوليو (تموز) عام 2011 إبان حكم المجلس العسكري للبلاد، وهي المظاهرة المعروفة إعلاميا بـ«جمعة قندهار».

وسبق أن فشلت دعوات لانتفاضات مماثلة، على مدار أكثر من عام بعد عزل مرسي المنتمي لجماعة الإخوان، الذي يطالب أنصاره بعودته للحكم مرة أخرى.

في السياق ذاته، قال حزب النور، أكبر الأحزاب السلفية في مصر، إن «الدعوات إلى حمل المصاحف خلال مظاهرات 28 نوفمبر دعوات تنذر بالخطر»، مضيفا في بيان له أمس أن «الدعوة لا ينبغي أن تقرأ بمعزل عن المشهد ككل، إنما هي جزء من مشهد كبير وحلقة في سلسلة أحداث تحاول الجهات الدافعة لها إحداث هزات متتالية في كيان الدولة المصرية»، مشيرا إلى أنها تضغط على عواتق الشباب المتحمس لتحويله إلى معاول هدم للبلاد بدلا من أن يكون لبنات بناء.

في غضون ذلك، عقدت وزارة الأوقاف ولأول مرة على مدار ثلاثة أيام، الملتقى الفكري لشباب الأئمة لمواجهة الإرهاب والفكر المتطرف، ويهدف الملتقى إلى استحداث آليات الوصول إلى المواطنين من خلال صفحات ومواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر»، وأكد وزير الأوقاف أن «الملتقى قدم رسالة للمجتمع من شباب أئمة الوزارة بأنهم سوف يقفون صفا واحدا في مواجهة الإرهاب والتحديات، كما سيقفون بالمرصاد لكل من يحاولون المخادعة أو المتاجرة بالدين».