الصين تخفض أسعار الفائدة في خطوة مفاجئة لدعم اقتصادها

تباطؤ النمو مع زيادة الدين الحكومي المحلي يزيد من القلق الداخلي

TT

أعلن البنك المركزي الصيني أمس خفضا مفاجئا في أسعار الفائدة، وهو أول انخفاض تشهده البلاد لأسعار الفائدة منذ عامين كاملين، ويأتي ذلك القرار إشارة واضحة، حتى الآن، على ازدياد حالة القلق لدى صناع السياسة الصينيين حيال وتيرة تباطؤ الاقتصاد الصيني.

وصرح البنك المركزي، المعروف داخليا باسم بنك الشعب الصيني، مساء أمس، بأنه يعتزم تخفيض سعر الفائدة القياسي على ودائع العام الواحد بمقدار 0.25 نقطة مئوية، إلى نسبة 2.75 في المائة، وتخفيض سعر الفائدة على الإقراض لمدة عام واحد بمقدار أكبر من ذلك، أي 0.4 نقطة مئوية، وصولا إلى نسبة 5.6 في المائة.

وفي هذه الأثناء، صرح صناع السياسة الصينيون بأنهم سوف يمنحون البنوك الصينية مجالا أوسع في تحديد مقدار الفائدة التي يدفعونها على الودائع، مما يخولهم دفع ما يصل إلى 120 في المائة من سعر الفائدة القياسي، ارتفاعا من نسبة 110 في المائة السالفة. وتصبح تلك التغييرات سارية المفعول بدءا من اليوم السبت.

ورغم مختلف الإشارات على تباطؤ النمو الاقتصادي الصيني، أحجمت القيادة الصينية، وعلى مدى أشهر، عن تقديم أي تدابير واسعة النطاق للتحفيز الاقتصادي في الوقت الذي حاول فيه صناع السياسة دفع حزمة من الإصلاحات المالية الطموحة التي أعلن عنها الرئيس الصيني شي جين بينغ في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي. وجاءت الرسالة الشاملة من الصين لتعبر عن استعداد البلاد لتحمل النمو الاقتصادي البطيء من أجل إفساح المجال للمزيد من التنمية المستدامة.

وقد تزايد قلق القادة من إضافة مستويات متضخمة إلى دين الشركات والدين الحكومي المحلي، وهو نتيجة سنوات من الائتمان الرخيص ذي التدفق الحر الذي ساعد البلاد على تجنب أسوأ ما في الأزمة المالية، غير أنه زاد من مخاطر الصدمة المالية أو موجة الديون السيئة.

وجاء انخفاض سعر الفائدة المعلن عنه أمس ليظهر أن وتيرة تباطؤ الاقتصاد الصيني تسارعت بصورة غير مريحة لقادة البلاد.

وسرعان ما أعلن البنك المركزي الصيني يوم الجمعة أن تخفيض سعر الفائدة، وهو أول تخفيض منذ صيف عام 2012، لا يعني حدوث تغييرات في توجهات السياسة المالية بصورة أساسية، أو أن الأمر يشير إلى اتخاذ المزيد من التدابير التحفيزية الاقتصادية القوية.

وقال البنك المركزي في بيانه: «بشكل عام، تحتفظ الدولة بمعدل متوسط إلى مرتفع من النمو الاقتصادي الكلي، وقد انخفض تضخم الأسعار، ويتم تحسين الهيكل الاقتصادي بشكل مستمر، ويتحول النمو الاقتصادي من الاعتماد على الاستثمار إلى الاعتماد على الابتكار. وبالتالي، فليست هناك حاجة إلى اتخاذ تدابير تحفيزية قوية، ولن تتغير توجهات السياسة النقدية الحكيمة للبلاد».

وأظهرت البيانات الصادرة عن الحكومة الصينية الشهر الماضي أن الناتج المحلي الإجمالي قد توسع بنسبة 7.3 في المائة خلال الربع الثالث من العام الحالي، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وهي أبطأ وتيرة فصلية منذ أعماق الأزمة المالية العالمية لعام 2009، ويسير الاقتصاد الصيني على المسار الصحيح نحو النمو في أبطأ معدلاته منذ 10 سنوات.

ويقول المحللون إن تخفيضات سعر الفائدة لدى البنك المركزي، التي كانت غير متوقعة، سيكون لها تأثير متواضع على النمو العام للاقتصاد الصيني. وأضافوا، بمزيد من الإلحاح، أن التأثير المنتظر أن يكون التمويل أرخص قليلا للشركات الكبرى المملوكة للدولة، التي تميل إلى الاستفادة من الوصول السهل إلى القروض من قطاع البنوك الخاضع لسيطرة الحكومة.

وفي الوقت نفسه، يقول المحللون إن خطوة البنك المركزي غير الاعتيادية لتخفيض سعر الفائدة على القروض بشكل كبير أكثر من أسعار الفائدة على الودائع، من شأنه إضافة قدر من الضغط على هوامش الربح لدى البنوك التجارية الصينية، التي صارت هوامش الفائدة لديها تتسم بالكثير من الضيق.

ويقول مارك ويليام، وهو كبير الاقتصاديين الآسيويين لدى مؤسسة «كابيتال إيكونوميكس» في ورقة بحثية: «سيكون التأثير طفيفا على الناتج المحلي الإجمالي. ولكن التأثير الأهم سوف يكون في تحسين الوضع المالي للشركات الكبرى. وستفيد الشركات الكبيرة المملوكة للدولة من انخفاض سعر الإقراض القياسي، والتي تقترض من البنوك. أما بالنسبة لتكاليف التمويل للشركات الصغيرة، التي تقترض من القطاع المصرفي الفرعي، فلن تشهد تأثيرا كبيرا».

* خدمة «نيويورك تايمز»