قوى 14 آذار تستغرب دعوة الجميل للتنسيق مع النظام السوري.. وتتفادى السجال معه

علوش لـ («الشرق الأوسط») : لا مصلحة للبنان على الإطلاق بالتعاون مع نظام مجرم

TT

فاجأ الموقف الذي أطلقه رئيس حزب «الكتائب» أمين الجميل، عشية ذكرى اغتيال نجله الوزير الراحل بيار الجميل، الذي اعتبر فيه أن التنسيق مع النظام السوري حاليا مصلحة لبنانية ملحة، حلفاءه في فريق 14 آذار الذين يرفضون بالمطلق عودة التعاون مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد، الذي يقولون عنه إنه «معزول ومتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية».

وكان الجميل دعا في حديث تلفزيوني مساء الخميس لـ«تعزيز التواصل بين الأجهزة اللبنانية والسورية»، معتبرا أن بذلك «مصلحة وطنية ملحة».

وقال إن لبنان لن يستطيع حل موضوع النازحين السوريين، الذين تخطى عدد المسجلين منهم المليون و150 ألفا، دون التواصل مع النظام السوري، وتنسيق الأجهزة اللبنانية مع تلك السورية، لافتا إلى أن هذا التنسيق يجب أن يشمل الموضوع الأمني كذلك.

وترفض الجهات اللبنانية الرسمية التنسيق المباشر مع النظام السوري تمسكا بمبدأ النأي بالنفس الذي انتهجته حكومة الرئيس الأسبق نجيب ميقاتي، واعتبارها أن التعاون مع نظام الأسد سيلزمها التواصل أيضا مع المعارضة السورية.

وكان وزير الداخلية نهاد المشنوق، وفي حديث سابق مع «الشرق الأوسط»، تحدث عن «نصائح بالجملة وُجّهت للحكومة للتعاون مع النظام السوري لمواجهة المسلحين المتشددين في جرود عرسال»، مشيرا إلى أن «هذه النصائح التي أتت من حلفاء سوريا رفضناها بالطبع». وعدّ أن «التنسيق الاستخباري الذي يفرضه الواقع الميداني، لا يجوز أن يجرنا إلى مواقف سياسية». وأضاف: «إذا كانوا (النظام السوري) يريدون أن يستهدفوا المسلحين، فنحن لا نمنعهم، لكننا لن نطلب منهم ذلك في الحكومة».

وأكد القيادي في تيار «المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش رفض تياره بالمطلق أي تعاون مع النظام السوري، واصفا إياه بـ«المجرم والمشبوه». وتساءل علوش في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «كيف نتعاون مع نظام هو السبب الأساسي في الاضطراب الأمني الذي يشهده لبنان؟ لا بل هو نظام معزول دوليا ومتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية».

ودعا علوش الجميل لتقديم تفسيرات لموقفه المستجد، قائلا: «على الرئيس الجميل أن يتذكر أن للنظام السوري يدا بجريمة اغتيال نجله بيار الجميل»، الذي قُتل في نوفمبر (تشرين الثاني) 2006 بعد أن أطلق 3 مجهولون النار على سيارته في منطقة الجديدة بضاحية بيروت الشمالية.

واعتبر علوش أن «النظام السوري غير قادر على مساعدة لبنان بملف إطلاق العسكريين المختطفين ولا بضبط الحدود، ولو كان قادرا لما شهدناه على تراجعه في جبهة الجولان».

ورفضت باقي مكونات قوى 14 آذار والحزب التقدمي الاشتراكي الدخول في سجال مع الرئيس الجميل حول الموضوع، خاصة أنه تم، يوم أمس (الجمعة) إحياء ذكرى اغتيال نجله، إلا أنها أكدت أنها لا تؤيد موقفه الأخير.

ويأتي موقف الجميل المستجد بعيد إعلان السفير السوري لدى لبنان علي عبد الكريم علي منتصف الأسبوع الحالي أن «هناك بعض الاتصالات من فريق 14 آذار جرت سرا مع السفارة السورية في بيروت».

ورأى الأمين القطري في حزب البعث العربي الاشتراكي الوزير السابق فايز شكر أن «أي عاقل في لبنان كان ليفكر بما نطق به الجميل»، معتبرا أنه «حتى لو جاء كلامه متأخرا، فإنه يستحق التوقف عنده، خاصة من قبل الفريق الذي ينتمي إليه الجميل، أي فريق 14 آذار، المدعو لوضع الموضوع بندا وحيدا على جدول أعمال أي اجتماع مرتقب لمكوناته».

وشدّد شكر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن عودة التنسيق والتعاون بين الدولتين اللبنانية والسورية «مصلحة للبنان أولا ولسوريا دون شك، فبلدنا جزء من منظومة كبيرة إقليمية، وأمنه من أمن جارته سوريا والعكس صحيح»، مؤكدا أن «النظام السوري متجاوب وسيبقى كذلك مع كل ما يخدم مصلحة لبنان واللبنانيين». وقال: «أما فيما خص ملف العسكريين المخطوفين فالمطلوب أن تتواصل الحكومة اللبنانية من خلال رئيسها مع الحكومة السورية ورئيسها، وهذا أمر طبيعي بين دولتين جارتين يجمع بينهما التاريخ والجغرافيا».

وكانت «جبهة النصرة» التي تختطف «داعش» 26 جنديا من أغسطس (آب) الماضي، أعلنت، مطلع الشهر الحالي، أنها سلمت الوسيط القطري أحمد الخطيب 3 مقترحات بشأن تبادل العسكريين المخطوفين لديها في جرود بلدة عرسال اللبنانية بموقوفين في السجون اللبنانية والسورية.

وترددت معلومات عن أن الحكومة قررت السير بالمقترح الثالث الذي يقضي بإطلاق 5 سجناء من السجون اللبنانية و50 سجينة من السجون السورية مقابل كل عسكري مخطوف، وهو ما قد يعقّد الأمور برأي أهالي العسكريين المختطفين، فـ«إقحام طرف ثالث بالملف، وهو السلطات السورية، من شأنه أن يجعل الأمور تسير ببطء».

وأشار شكر إلى «وجوب تفعيل عمل المجلس الأعلى اللبناني السوري ومكتب التنسيق الأمني العسكري، ليكون هناك نوع من التكامل بين الأجهزة اللبنانية والسورية بما يتيح مواجهة صحيحة ومحسومة النتائج مع الإرهاب الذي يضرب الدولتين».

وقد ارتكزت العلاقة بين الدولتين اللبنانية والسورية منذ عام 1991 على ما نصت عليه معاهدة «الأخوة والتعاون والتنسيق» المنبثقة عن اتفاق الطائف، وقد كان للمجلس الأعلى السوري اللبناني دور أساسي في مرحلة ما قبل عام 2005. وقد عقد آخر اجتماعاته في مارس (آذار) 2005 في عهد الرئيس السابق إميل لحود، بعد نحو شهر على اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وكان اجتماعه مخرجا للإعلان عن الانسحاب العسكري السوري من لبنان، قبل أن تتوقف اجتماعاته بشكل كامل منذ ذلك التاريخ نتيجة وصول قوى «14 آذار» إلى السلطة، وموقفها المناوئ لسوريا.