ردود متباينة لمشروع تسوية أوضاع 5 ملايين مهاجر في أميركا

مؤيدو أوباما يشيدون بـ«شجاعته».. وخصومه يهددون بعرقلته أمام الكونغرس والقضاء

مهاجرون من أصول لاتينية يتابعون بارتياح خطاب أوباما حول الهجرة في مدينة سولت ليك بولاية يوتا الليلة قبل الماضية (أ.ب)
TT

تباينت ردود الفعل في الولايات المتحدة إزاء إعلان الرئيس باراك أوباما الليلة قبل الماضية تسوية مؤقتة لأوضاع نحو 5 ملايين مهاجر غير قانوني من أصل 11 مليونا يقيمون في الولايات المتحدة ويهددهم خطر الترحيل.

فقد سارع خصوم أوباما، من الجمهوريين، إلى التشكيك في دستورية خطته، مؤكدين أنهم سيتصدون له داخل الكونغرس أو أمام القضاء. وأعلن وزير العدل في ولاية تكساس التي لها حدود طويلة مع المكسيك أنه سيرفع القضية أمام المحاكم. وقال الرئيس الجمهوري لمجلس النواب جون باينر: «ليس بهذه الطريقة تمارس ديمقراطيتنا. سبق أن قال الرئيس (أوباما) إنه ليس ملكا ولا إمبراطورا، لكنه يتصرف كما لو كان واحدا منهما».

ومن جانبه، أعلن أوباما في مداخلة مقتضبة في البيت الأبيض أن «ترحيل عدد كبير (من المهاجرين) سيكون في الوقت نفسه مستحيلا ومنافيا لطبيعتنا»، واعدا بنظام للهجرة «أكثر عدالة وإنصافا». وأضاف أوباما مخاطبا معارضيه: «ليس لدي سوى رد واحد: صوتوا على قانون»، مؤكدا أن قراراته تستند إلى قواعد قانونية صلبة، وتندرج في إطار النهج نفسه الذي تبناه جميع أسلافه منذ نصف قرن، سواء كانوا جمهوريين أو ديمقراطيين.

واعتبارا من الربيع المقبل، فإن أي مهاجر غير قانوني يقيم في الولايات المتحدة منذ أكثر من 5 أعوام وله طفل أميركي أو يحمل إذن إقامة دائمة، يمكنه طلب الحصول على تصريح بالعمل مدته 3 أعوام. وشدد أوباما على أن هذا الأمر «ليس ضمانا للحصول على الجنسية ولا حقا في البقاء هنا في شكل دائم».

من جهة أخرى، أعلن البيت الأبيض تخفيفا لشروط الإفادة من برنامج «داكا» الذي أطلق في عام 2012 ويمنح إذن إقامة مؤقتة للقاصرين الذين وصلوا إلى الأراضي الأميركية قبل بلوغهم السادسة عشرة. وأفاد نحو 600 ألف شخص حتى الآن من هذا البرنامج. وتابع أوباما: «إذا كانت المعايير تنطبق عليكم تستطيعون الخروج من الظل لتكونوا منسجمين مع القانون. إذا كنتم مجرمين فسترحلون. إذا أردتم الدخول إلى الولايات المتحدة في شكل غير قانوني فإن احتمالات القبض عليكم وطردكم باتت أكبر».

ومنذ قيام الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان بتسوية أوضاع عدد كبير من المهاجرين عام 1986، فإن كل محاولات إصلاح نظام الهجرة باءت بالفشل. وفي بداية عام 2013 بدا التوصل إلى تسوية ممكناً بعد صياغة مشروع قانون في مجلس الشيوخ من جانب نواب يمثلون الحزبين. لكن المناقشات داخل الكونغرس سرعان ما توقفت.

وعلقت وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون التي يتوقع أن تنطلق قريبا في السباق إلى البيت الأبيض لخلافة باراك أوباما في 2017، على موقع «تويتر»: «شكرا للرئيس لأنه اختار التحرك في شأن الهجرة في مواجهة عدم التحرك». كما رحبت جمعية «دريم أكشن» بما اعتبرته «خطوة في الاتجاه الصحيح»، لكنها طالبت بالمزيد، وتساءلت: «ماذا سيكون مستقبل ملايين المهاجرين غير الشرعيين الذين لا تنطبق عليه المعايير؟». وأشاد السناتور الديمقراطي لويس غوتييريز بـ«شجاعة» أوباما حول هذا الملف الدقيق سياسيا، لكنه رأى أن هذه الإجراءات لن تكون بديلا من إصلاح في العمق يصوت عليه الكونغرس. وبدوره، رحب الأمين العام لمنظمة الدول الأميركية التشيلي خوسيه ميغيل أنسولزا «بشجاعة الرئيس الأميركي الذي قرر التقدم نحو هدف عادل لا يستحق المزيد من التأجيل».

غير أن العاصفة السياسية التي أثارها إعلان أوباما تنبئ بعلاقات صعبة بين الكونغرس والبيت الأبيض في الأشهر المقبلة، وخصوصا مع تبدل المعطى السياسي في واشنطن بعد الفوز الكبير للجمهوريين في انتخابات منتصف الولاية في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي. ورأى السناتور عن كنتاكي ميتش ماكونيل، الذي سيصبح في يناير (كانون الثاني) المقبل الرجل القوي في مجلس الشيوخ أن خطوة أوباما تعكس ببساطة «رفضا لأصوات الناخبين». ومع أن الجمهوريين الذين باتوا يتمتعون بغالبية في مجلسي النواب والشيوخ غير قادرين على عرقلة مرسوم رئاسي، فإن لديهم وسائل عدة يواجهون بها أوباما. وفي هذا السياق، يدعو بعض المشرعين مثل السناتور عن تكساس تيد كروز، المعارض الشرس لأوباما والمرشح المحتمل لخلافته، إلى وقف المصادقة على تعيين السفراء والقضاة والمسؤولين في الإدارة الذين يختارهم الرئيس، ما يعطل عمل الإدارة. لكن اقتراح كروز القريب من «حزب حركة الشاي» لا يحظى بإجماع. ومع اقتراب موعد الانتخابات التمهيدية للمعركة الرئاسية في عام 2016، يحتدم النقاش داخل هذا الحزب الذي يسعى إلى اجتذاب قسم من الناخبين من أصول إسبانية الذين حصل أوباما على تأييد أكثر من 70 في المائة منهم.

وخلص أوباما أول من أمس: «نحن أمة مهاجرين وسنبقى كذلك دائما»، ثم توجه أمس إلى لاس فيغاس (نيفادا، غرب) لشرح مشروعه. وأظهر استطلاع للرأي أجرته شبكة «إن بي سي» وصحيفة «وول ستريت جورنال» أن 48 في المائة من الأميركيين لا يوافقون على مشروع الرئيس مقابل 38 في المائة يؤيدونه.