الائتلاف يصوّت على تشكيلة طعمة الحكومية.. واحتدام الخلاف حول المجلس العسكري

توجه لرفض خطة دي ميستورا التي تعطي شرعية لبقاء الميليشيات

طفل سوري يحتمي من المطر بصندوق مساعدات الأمم المتحدة عند طوابير النازحين شمال ريف مدينة حماه (رويترز)
TT

احتدم في اليوم الثاني من الاجتماعات التي تعقدها الهيئة العامة للائتلاف الوطني السوري في إسطنبول، الخلاف حول التشكيلة الحكومية التي من المنتظر أن يعرضها رئيس الحكومة المؤقتة أحمد طعمة على الهيئة لتُطرح بعدها على التصويت مساء اليوم، وكذلك حول المجلس العسكري الأعلى الذي تطالب أكثر من كتلة داخل الائتلاف بإعادة هيكلته ليضم جميع الأطراف الموجودة في الميدان السوري.

ولم تنجح الهيئة العامة بالانعقاد يوم الجمعة واقتصرت الاجتماعات على مشاورات بين الكتل، فيما انعقدت يوم أمس السبت فبحثت في جلستها الصباحية الأولى الأوضاع الميدانية السورية، وفي الجلسة المسائية خطة المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا بشأن تجميد القتال في حلب (شمال البلاد)، والوضع السياسي بشكل عام والتعديلات المقترح إدخالها على النظام الداخلي، لتنحصر المباحثات اليوم الأحد بالموضوع الحكومي مع توقعات بأن تبصر الحكومة النور مساء.

وكان الائتلاف أعلن في بيان، افتتاح الهيئة العامة للائتلاف الوطني السوري يوم الجمعة الماضي الدورة السابعة عشر من اجتماعاتها، في مدينة إسطنبول، لمناقشة الأوضاع الميدانية في حلب والجبهة الجنوبية وريف دمشق وإدلب وحماه وعين العرب، لافتا إلى أنّه ستتم دراسة المواقف السياسية والمستجدات على الساحة الدولية فيما يخص الثورة السورية، وأهمها مبادرة المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، واتفاقية دهوك التي جرت بين المجلس الوطني الكردي وحركة المجتمع الديمقراطي.

وأوضح البيان أن الاجتماعات ستبحث أيضا احتياجات النازحين واللاجئين السوريين في المخيمات، لا سيما ونحن على أبواب الشتاء، بالإضافة لمناقشة النظام الأساسي للائتلاف، ومشروع الرواتب والأجور، وتقرير اللجان، والبرنامج الوزاري لرئاسة الحكومة السورية المؤقتة، التي من المقرر المصادقة عليها في اجتماعات هذه الدورة.

ورجّحت مصادر الائتلاف عدم موافقته على خطة دي ميستورا باعتبارها «لا تعالج جوهر الأزمة وتفرض بقاء الأوضاع على ما هي عليه»، لافتة إلى أنها «تعطي شرعية لبقاء الميليشيات التي أتى بها النظام من الخارج لمساندته، لا بل قد تؤسس لاستجلاب مزيد من هذه الميليشيات في المرحلة المقبلة».

وتكثّفت المباحثات والجهود يوم أمس السبت بمحاولة التوصل لإشراك كل الكتل بالحكومة في ظل تلويح الكتلة «الديمقراطية» (تضم رئيس الائتلاف هادي البحرة) بالمقاطعة في حال لم يتم حل مشكلة المجلس العسكري الأعلى أولا، والذي كان قد حلّه رئيس الائتلاف في سبتمبر (أيلول) الماضي بعدما اعتبر أن «انسحاب فصائل أساسية من مؤسسة الجيش الحر، جعل مجلس القيادة العسكرية العليا فاقدا لتمثيل الفصائل العسكرية والثورية الفاعلة على الأرض».

وتعارض الكتلة الديمقراطية مشاركة 15 عضوا من المجلس العسكري باجتماعات الائتلاف وبعملية التصويت المنتظرة على التشكيلة الحكومية، وتقول إنهم لا يمثلون أيا من الأطراف الفاعلة على الأرض. وقالت مصادر في الائتلاف لـ«الشرق الأوسط» إن الكتلة الديمقراطية تربط بين الموضوع الحكومي وموضوع المجلس العسكري، وتصر على أن يصار إلى إعادة هيكلة المجلس أولا ومن ثم تشكيل الحكومة المؤقتة، لافتة إلى أن النصاب المطلوب لتمرير تشكيلة طعمة موجود وبالتالي هي ستمر حتى ولو قاطعتها الكتلة الديمقراطية، ولكنّ مساعي حثيثة تبذل لتكون الحكومة توافقية.

وأعيد انتخاب أحمد طعمة رئيسا للحكومة السورية المؤقتة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بعد أن كانت الهيئة العامة للائتلاف أقالته في يوليو (تموز) في محاولة لتقليص نفوذ الإخوان المسلمين في المعارضة السورية.

واستغرب عضو الائتلاف أحمد رمضان الربط بين الموضوع الحكومي وملف المجلس العسكري، مذكرا بأن «مطلب تشكيل الحكومة مطلب وطني سوري ومطلب دولي، باعتبار أن عددا كبيرا من الدول يربط إرسال المساعدات للشعب السوري بتشكيل الحكومة المؤقتة، وبالتالي من يعيق تشكيل هذه الحكومة يتحمل مسؤولية كبيرة في هذا الإطار».

وتوقع رمضان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تبصر الحكومة النور مساء اليوم، لافتا إلى أن الكل متفق على وجوب تشكيل هيئة تُعنى بإعادة ترتيب الوضع الداخلي للمجلس العسكري خلال فترة شهر، خاصة وأن المجلس الحالي مؤسسة شرعية 100 في المائة وهو ما أكدته اللجنة القانونية والهيئة العامة للائتلاف حين نقضتا قرار البحرة بحله.

وأكّد مستشار رئيس الحكومة المعارض محمد سرميني، أن طعمة يسعى جاهدا لمشاركة معظم القوى في حكومته «لكنّه في الوقت عينه يتطلع إلى حكومة كفاءات وليس حكومة محاصصة، لتتمكن من تلبية احتياجات الناس وتستفيد من تجربة الحكومة السابقة». وقال سرميني لـ«الشرق الأوسط» إنّ رئيس هيئة أركان الجيش الحر اللواء سليم إدريس هو الأوفر حظا لتولي وزارة الدفاع في الحكومة المقبلة. وأكّد «نحن حريصون على أن تكون هذه الحكومة ذات صلاحيات كاملة كي تنجح بالقيام بمهامها، وخاصة على صعيد العمل العسكري».