سلاح الجو الليبي يقصف مواقع لجماعات متطرفة غرب العاصمة طرابلس وجنوبها

بعد قراره بإغلاق مطارات وموانئ تابعة لقوات «فجر ليبيا»

إحدى طائرات سلاح الجو الليبي أثناء عرض جوي فوق مدينة بنغازي أمس (أ.ف.ب)
TT

فيما بدا أنها ضربة البداية لعملية عسكرية واسعة النطاق لتحرير العاصمة الليبية طرابلس، أغارت أمس طائرات تابعة لسلاح الجو لليوم الثاني على التوالي على مواقع تابعة لقوات «فجر ليبيا» والجماعات المتطرفة المتحالفة معها في مناطق غرب العاصمة طرابلس وجنوبها. واعترف المكتب الإعلامي لقوات ما يسمى «عملية فجر ليبيا» بتعرض قواتها بالمنطقة الغربية في حوش الستين بمنطقة أبو شيبة ومحور بئر الغنم (على بعد70 كيلومتر غرب العاصمة طرابلس)، لقصف جوي نفذته طائرة من نوع «ميغ 21»، زعم أنها أقلعت من قاعدة الوطية الجوية في أقصى شمال غربي البلاد. لكن وزارة المواصلات في حكومة ما يسمى الإنقاذ الوطني التي يرأسها عمر الحاسي، والتي يدعمها البرلمان السابق وجماعة الإخوان المسلمين، نفت إغلاق أي من المطارات والموانئ الليبية. وأوضحت الوزارة، في بيان بثته على موقعها الإلكتروني، أن حركة الملاحة الجوية والبحرية داخل البلاد طبيعية جدا. ودعت «فجر ليبيا»، في بيان أقرب للاستغاثة العلنية عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، رئاسة أركان القوات الجوية الموالية للحكومة غير الشرعية التي يترأسها عمر الحاسي في طرابلس، إلى سرعة التحرك وحماية قواتها البرية المنتشرة على عدة محاور في باطن جبل نفوسة وبئر الغنم. كما زعم المكتب في بيان آخر، أن إحدى الغارات استهدفت مزرعة في منطقة شلغودة جنوب الزاوية، لافتا إلى أن قوات «فجر ليبيا» لا تملك طيرانا حتى تقوم بمهاجمة قاعدة الوطية أو غيرها، وأن الطيران كله تحت إمرة الدولة الليبية. وقالت مصادر بالجيش الليبي لـ«الشرق الأوسط»، إن الغارات التي تأتي بعد ساعات فقط من قرار الجيش إغلاق عدة مطارات وموانئ في غرب وشرق طرابلس تابعة للمتطرفين، هي جزء من عملية موسعة لتحرير العاصمة من قبضة الميليشيات المسلحة التي تفرض سطوتها على سكان المدينة بقوة السلاح منذ شهر يوليو (تموز) الماضي. وأعلن عياد العروسي، آمر لواء الغربية بـ«درع ليبيا» التابع قوات «فجر ليبيا»، أن هذه القوات تعرضت لقصف على أحد مواقعها بطائرة حربية مقاتلة من نوع «ميغ»، مشيرا إلى أن الطائرة قامت بضرب أحد المواقع حيث يتمركز الثوار، لكن لم تسجل أي إصابة على أثرها. وتابع في تصريحات له أمس: «الطائرة انطلقت من قاعدة الوطية الجوية التي تبعد نحو 60 كيلومترا غرب منطقة بئر الغنم».

كما أعلن عبد الجليل حفيّظ، الناطق الرسمي باسم درع ليبيا القوة الرابعة، أنه وبحسب المعلومات المتوافرة من غرفة العمليات لا وجود لخسائر بشرية ولا مادية، لكنه لفت في المقابل إلى مصرع شخص واحد وإصابة 10 آخرين جراء اشتباكات جرت مع جيش القبائل بمحور «اليعاقيب» جنوبي ككلة مساء أول من أمس.

ونقلت عنه وكالة الأنباء المحلية أن كتيبة الحمراء، التابعة لقوات «فجر ليبيا»، قد أحرزت تقدما مهما على محور «اليعاقيب»، وكبّدت جيش القبائل خسائر فادحة، فيما استشهد واحد وجُرح أكثر من 10 آخرين كلهم من أفراد الكتيبة. كما نقلت عن الناطق باسم ثوار مدينة ككلة قوله إن طائرات من نوع «سوخوي» قد أقلعت من قاعدة الوطية الجوية، مشيرا إلى أن المدينة شهدت اشتباكات عنيفة بالأسلحة المتوسطة والثقيلة من عدة جبهات بين قوات «فجر ليبيا» وقوات جيش القبائل أسفرت عن مصرع وإصابة 17 شخصا.

وزعم أن قوات «فجر ليبيا» استهدفت، في عملية نوعية، القوات المهاجمة من المحور الغربي وكبدتها خسائر فادحة في الأرواح والآليات بلغت 16 قتيلا، وإصابة آخرين، وتدمير عدد من الآليات. وأعلن الجيش الليبي، في بيان قبل يومين، وصول مقاتلة حربية وقاذفة إلى قاعدة الوطية، مؤكدا أنها ستقوم بمهام قتالية خلال الفترة المقبلة.

وتسيطر قوات فجر ليبيا، التي تشكل تحالفا يضم عناصر إسلامية وثوارا من مدينة مصراتة (شرق طرابلس) على طرابلس منذ أغسطس (آب) الماضي بعد أسابيع من المعارك الدامية مع قوات الزنتان الموالية للواء المتقاعد خليفة حفتر الذي يقاتل الإسلاميين في بنغازي. وبعد السيطرة على طرابلس، وسعت قوات «فجر ليبيا» عملياتها العسكرية إلى غرب العاصمة في منطقة ورشفانة المتحالفة مع الزنتان، حيث تدور معارك شبه يومية بينهما رغم دعوة الأمم المتحدة إلى وقف إطلاق النار والانخراط في الحوار السياسي. وكانت قيادة الأركان العامة للجيش الليبي أعلنت رسميا واعتبارا من أول من أمس إغلاق مطاري معيتيقة بالعاصمة طرابلس ومطار مصراتة في غرب البلاد، بالإضافة إلى إغلاق موانئ مصراتة وسرت وزوارة البحرية. من جهته، رحب البرلمان الليبي بالقرار الذي أصدره مجلس الأمن الدولي مؤخرا والذي يصنف ما يعرف بجماعة أنصار الشريعة الليبية تنظيما إرهابيا، لافتا إلى أن هذا القرار يأتي تعزيزا لقرار اتخذه مجلس النواب سابقا ويقضي بتصنيف هذه الجماعة وجماعات أخرى كتنظيمات إرهابية، وذلك بموجب قانون مكافحة الإرهاب وفق المعايير الدولية.

وبعدما جدد تأكيد احترام المجلس ومؤسسات الشرعية في ليبيا لجهود الأمم المتحدة من أجل إعادة الاستقرار لليبيا، طالب المجلس المجتمع الدولي والعالم أجمع بمساعدة ليبيا في جهودها للقضاء على الإرهاب وتجفيف منابعه ومنع تسلله من ليبيا وإليها.

وعد الإرهاب في ليبيا «يختطف مدنا كاملة ويحاصر أخرى ويمارس عليها حربا تصل إلى مستوى جريمة الإبادة الجماعية»، مؤكدا عزمه على المضي قدما في حربه ضد الإرهاب، وبناء دولة المؤسسات التي تحترم الحريات وتؤسس للسلم الأهلي وحماية الحقوق. كما عد استجابة الدولة الليبية وجيشها الوطني لنداء الأمم المتحدة بإعلان هدنة محددة في مدينة بنغازي وفي غرب البلاد لتوفير ممرات آمنة لتوصيل مواد الإغاثة للسكان المدنيين المحاصرين في مناطق الاشتباكات - دليلا قويا على التزام مؤسسة الشرعية القوانين الدولية والإنسانية.

وأكد المجلس مجددا احترامه الدور الكبير الذي تلعبه الأمم المتحدة في سياق الجهود الدولية من أجل إعادة الاستقرار في ليبيا، من خلال مبعوثها الدائم برناندينو ليون، كما شدد على استعداده للتعاون الصادق مع هذا المبعوث في مساعيه الإنسانية، وذلك انطلاقا من الإيمان الراسخ بأن الحوار وحده مع من يؤمن بالديمقراطية وينبذ الإرهاب، هو طوق النجاة الذي سيخرج ليبيا من محنتها.

وأدرج مجلس الأمن الدولي يوم الأربعاء الماضي، تنظيم «أنصار الشريعة» في بنغازي ودرنة بشرق ليبيا، ضمن قائمته السوداء للمنظمات الإرهابية، بسبب ارتباط هذه الجماعة بتنظيم القاعدة وجماعات متطرفة أخرى.

وتعاني ليبيا عدم الاستقرار منذ الإطاحة بنظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي في 2011، فيما يحتد الصراع المسلح في ظل وجود حكومتين وبرلمانيين في البلاد.