مهرجان دلهي الدولي للفنون يجتذب فنانين من 14 دولة

تنوعت عروضه بين المسرح والموسيقى الصوفية ورقصات كلاسيكية وفلكلورية

راقصة هندية تستعد لتقديم عرضها
TT

استضافت العاصمة الهندية دلهي خلال الأيام الماضية مهرجانا دوليا للفنون يتجاوز الحدود الجغرافية، داخل قلعة «بورانا كويلا» التاريخية العتيقة التي ازدانت لاستقبال الحدث الثقافي الدولي.

وهيمنت الموسيقى والرقص والأعمال المسرحية على الأجواء مع استقبال الهند النسخة الثامنة من مهرجان دلهي الدولي للفنون، الذي اجتذب فنانين من 14 دولة، بينها باكستان وإيران والولايات المتحدة وتركيا وماليزيا وكازاخستان وإسبانيا وروسيا وكندا. وعلى امتداد النصف الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أثرى موسيقيون وفنانون مسرحيون من بعض أفضل المواهب على مستوى العالم، المشهد الثقافي بالعاصمة الهندية بأعمالهم الفنية الراقية.

وقدمت فرقة «غاكو الراقصة» من كازاخستان رقصات على أنغام الناي وآلة «دومبرا». وبدا الراقصون على درجة عالية من الأناقة بملابسهم الفضفاضة وأغطية الرأس التقليدية. كما شارك راقصون من تركيا بعروض فنية حملت نكهة ثقافية مميزة من بلادهم. أما العرض الأكثر إثارة، فكان من نصيب راقصين ماليزيين قدموا رقصة هندية كلاسيكية تعرف باسم «بهاراتاناتيام».

عن ذلك، أوضح موهد يونس بيسميل، قائد الفرقة، أنه «داخل أكاديمية أسورة الوطنية للفنون، نمارس التعددية الثقافية، حيث نتدرب على رقصات من مختلف أرجاء العالم». وأشار كذلك إلى أنه رغم انتماء غالبية الطلاب إلى أصول مختلفة، فإنهم يتشاركون جميعا في متعة تعلم الرقص من كل الثقافات.

ونجح المهرجان بالفعل في اجتذاب بعض أكثر العروض الفنية الراقصة تميزا من مختلف أرجاء العالم. وتضمن المهرجان فنونا متنوعة مثل المسرح (فلكلور ومعاصر) وموسيقى صوفية ورقصات كلاسيكية وفلكلورية وحديثة وموسيقى عالمية ومعارض وشعرا وعروض أفلام.

ومن بين العروض المتميزة أيضا ما قدمته فرقة «ماريا كونغ إنترنشيونال موفمنت كوليكتيف»، ومقرها تل أبيب، حيث قدمت عرضا راقصا بعنوان «المصدر المفتوح».

ويحكي العرض قصة عروس توشك على الزواج وتكتشف فجأة أنها داخل عالم افتراضي يخص أحد ألعاب الفيديو، ويسيطر عليه لاعب يتحكم ليس فيها فحسب، بل في العريس أيضا. وجرى سرد وقائع القصة باستخدام الرقص والموسيقى ومؤثرات خاصة جرى التحكم فيها عبر قفاز خاص يرتديه المسيطر على اللعبة. وقد جرى ابتكار القفاز من جانب شركة «ماريا كونغ».

وكان الأداء ممتعا وعرّف الجمهور كيف يمكن استغلال التقنيات الحديثة في الفنون الأدائية.

من ناحية أخرى، نجحت فرقة مسرحية باكستانية في مس قلوب الجميع عبر مسرحية «غودو»، التي تدور أحداثها في قرية حول فتاة تتعرض لاعتداء جنسي وتقتَل، ثم تتناول وسائل الإعلام الحادثة بأسلوب ينم عن انتهازية واستغلال.

كما ساد الحضور حالة من الانبهار تجاه عرض قدمته فرقة تركية راقصة بالاعتماد على موسيقى حية من آلتين محليتين، تدعى أولاهما «تولوم»، وهي أداة نفخ موسيقية مصنوعة من جلد الماعز، وتعرف الثانية باسم «كنامش» وهي آلة وترية مصنوعة من ذيل الحصان. وشارك في العرض رجال يرتدون ملابس سوداء مزدانة بخيوط فضية، بينما ارتدت الراقصات ملابس زاهية الألوان، إلى جانب إيشارب أسود وجوارب متعددة الألوان. أمسك الراقصون بأيدي بعضهم البعض وتمايلوا على أنغام الموسيقى. وقدموا خلال العرض مزيجا من مجموعة من الراقصات الفلكلورية التقليدية المنتمية إلى منطقة البحر الأسود التي ينتمي إليها الراقصون.

بوجه عام، ضمت جنبات الدورة الثامنة من مهرجان دلهي الدولي للفنون مزيجا مبهرا من العروض الفنية الكلاسيكية والقبلية والمعاصرة، وأتاح المهرجان الفرصة لفنانين من مختلف أرجاء المعمورة للالتقاء والحفاظ على موروثاتهم الفنية حية. ويتميز المهرجان باتساع نطاقه من حيث الفنون التي يقدمها والعناصر التي تؤديها، مما يضفي عليه مسحة شاملة تضم مختلف الأطياف الثقافية تحت مظلته من دون تفرقة أو تمييز.

ويعود الفضل الأكبر وراء هذا الحدث الثقافي المتميز إلى براثيبها براهلاد، مؤسسة المهرجان، التي لطالما راودتها الرغبة في أن يكون لدلهي مهرجان خاص بها مثل الكثير من المدن الغربية. وتميز مهرجان دلهي بمجموعة من البرامج الدولية التي نادرا ما تظهر في هذا الجزء من العالم. وتعززت أهمية المهرجان الفنية والثقافية نتيجة العنصر الدولي المشارك فيها مع احتفاظه في الوقت ذاته بجذوره الهندية.

ومن بين العروض المميزة الأخرى التي شهدها المهرجان هذا العام عرض مسرحي لفرقة «ميني فورتشناي» التشيكية وسيمفونية عزفتها أوركسترا هندية بقيادة دارشان سنغ سور.

كما كان المهرجان من المناسبات النادرة التي جمعت فنانين من الهند وباكستان على خشبة مسرح واحدة، مما أضفى على الأجواء جوا روحانيا وراقيا يأسر الألباب.