الخلافات حول المجلس العسكري تعرقل تشكيل الحكومة المؤقتة

المعارضة السورية تنعى خطة دي ميستورا لتجميد القتال في حلب

TT

نعى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أمس، خطة المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، الآيلة إلى التوصل لاتفاق لتجميد القتال في مدينة حلب، معتبرا أن الخطة «تفتقد الكثير من النقاط الهادفة إلى حل الأزمة»، وأنها في شكلها الحالي «تساهم في إعادة إنتاج نظام (الرئيس السوري بشار الأسد) وإعطائه قدرة على البقاء»، كما قال عضو الائتلاف هشام مروة لـ«الشرق الأوسط».

وجاء الرفض الضمني للمبادرة في شكلها الحالي بعدما ناقشها الائتلاف في الجلسات الأولى لاجتماع الهيئة العامة في إسطنبول، السبت الماضي، وشكل لجنة من 3 أعضاء لصياغة مشروع بيان يوضح موقف الائتلاف من مبادرة دي ميستورا، قدم إلى الائتلاف قبل ظهر أمس، وحظي بموافقة جميع الحاضرين في جلسات الهيئة العامة، في حين استمع المجتمعون في الجلسات الأخرى إلى برامج الوزراء المقترحة أسماؤهم لتولي حقائب وزارية في الحكومة المؤقتة التي يرأسها أحمد طعمة، قبل أن يصوت الائتلاف على هذه التشكيلة الجديدة.

وقال مروة الذي يشارك في اجتماعات إسطنبول لـ«الشرق الأوسط»، إن خطة دي ميستورا «غير واضحة ويكتنفها الغموض»، مؤكدا تحفظ المعارضة على بنودها بالشكل الحالي، والمطالبة بتوضيح بنودها «كي لا تكون خطة إنقاذ للنظام وإعطائه الشرعية». وأشار إلى أن جميع الحاضرين في الجلسة الأولى من الاجتماع أمس، «سجلوا تحفظهم على الخطة بشكلها الحالي، وطالبوا بحلول جدية وواضحة للأزمة السورية، بينها إجبار النظام على إيقاف القصف بكل أنواعه، ومن ضمنه القصف بالبراميل المتفجرة، والمطالبة بإنشاء منطقة آمنة على الحدود التركية». وأضاف: «بتقديرنا، هذه الخطة تحتاج إلى تعديل بما يوفر الحلول الجدية والواضحة»، مشددا على مطالبة الائتلاف بألا تكون الخطة «جسرا لتعويم النظام وإعادة إنتاجه».

بدوره، رأى عضو الائتلاف الوطني السوري والرئيس الأسبق للمجلس الوطني السوري برهان غليون أن تنفيذ خطة دي ميستورا يعني «مساعدة النظام من قبل حلفائه، الروس والإيرانيين، وتمكينه من قطف ثمار حرب التجويع والتركيع والقتل العشوائي والتهجير المنهجي للسكان، وقتل أي حياة مدنية طبيعية في المناطق التي يسيطر عليها المقاتلون»، معتبرا أن «صناعة مثل هذا الواقع، لا تعني، في النهاية، إلا قبول السوريين بوضع حد لما يجري، من دون أن يضمنوا أي تغيير، أو تحول في نظام الحكم وفي الحاكمين، بل فقط لقاء السماح لهم بعدم الموت تحت البراميل المتفجرة، وبتلقي المعونات الغذائية الدولية، أي الاعتراف في النهاية والإقرار بالأمر الواقع».

وقال غليون إن دي ميستورا «حاكى بفكرته آمال سوريين كثيرين بإمكانية فتح ثغرة في جدار الحرب الوحشية، والتقدم، ولو خطوة صغيرة، في اتجاه التهدئة، على طريق إيجاد حل سياسي للمحنة السورية المستعصية. ومن الطبيعي أن يثير هذا العرض خيال أبنائنا في المناطق المحاصرة، أو الخارجة عن سلطة نظام الأسد، بمقدار ما يلوح لهم بالخلاص، على الأقل من حرب الجوع والبراميل المتفجرة والحارقة، ومن القنص والتشبيح من كل الأشكال»، مشددا على أنه «ليس في المبادرة أي مشروع لحل سياسي!».

في غضون ذلك، خصصت جلسات اليوم الأخير من اجتماعات الائتلاف أمس، للاستماع إلى خطط الوزراء المقترحين في التشكيلة الحكومية الجديدة، بينها التعرف على السير الذاتية لأسماء وزراء الحكومة الجديدة وإعطاء الموافقة لرئيسها أحمد طعمة لتشكيلها، بغياب أعضاء «الكتلة الديمقراطية» (10 أعضاء) التي ينضم إليها رئيس الائتلاف هادي البحرة، التي كانت هددت أول من أمس بمقاطعة الجلسات، في حال لم يتم حل مشكلة المجلس العسكري الأعلى أولا، الذي كان رئيس الائتلاف قد حله في سبتمبر (أيلول) الماضي بعدما اعتبر أن «انسحاب فصائل أساسية من مؤسسة (الجيش الحر)، جعل مجلس القيادة العسكرية العليا فاقدا لتمثيل الفصائل العسكرية والثورية الفاعلة على الأرض».

إلا أن اللجنة القانونية في الائتلاف اعتبرت أن الاجتماع شرعي في ظل حضور التصويت 60 عضوا، بينما الحد الأدنى المطلوب هو 56 صوتا، علما بأن كتلة الوفاق (المجلس الوطني السوري) وكتلة الأكراد قاطعت أيضا بما يجعل العدد الإجمالي الذي لم يحضر التصويت على الحكومة المؤقتة 40 عضوا.

وقالت مصادر في الائتلاف لـ«الشرق الأوسط» إن أسماء الوزراء «ليست قضية إشكالية كبيرة؛ إذ يمكن حل الخلافات عبر عدم التصويت على أسماء بعض الوزراء واستبدال أسماء جديدة بها تتمتع بالكفاءة، لكن المعضلة الحقيقية تتجسد في قضية المجلس العسكري التي تعد خلافية، نظرا لارتباطاتها بقضايا متعلقة بمستقبل الائتلاف المتجه بعد فترة وجيزة إلى انتخابات عامة». وأضافت المصادر: «هناك تصورات لتوسعة المجلس العسكري وإجراء تغييرات فيه»، مشيرة إلى «إمكانية كبيرة لحلحلة القضية كونها عرقلت الانتخابات الوزارية القائمة في اجتماعات اليوم (أمس)». وتوقعت المصادر التصويت على التشكيلة الحكومية في وقت متأخر من مساء الأحد «إذا لم تتم أي عرقلة، مما يدفع باتجاه تمديد الاجتماعات يوما إضافيا».

وتجدد الخلاف حول المجلس العسكري بين أفرقاء المعارضة السورية في الجلسات، امتدادا لأزمة بدأت في يوليو (تموز) الماضي، لأن المجلس العسكري الذي يضم عددا من مؤيدي «الإخوان المسلمين»، له صوت راجح في انتخابات الائتلاف. وتعارض الكتلة الديمقراطية مشاركة 15 عضوا من المجلس العسكري باجتماعات الائتلاف وبعملية التصويت المنتظرة على التشكيلة الحكومية، وتقول إنهم لا يمثلون أيا من الأطراف الفاعلة على الأرض، وتصر على أن يصار إلى إعادة هيكلة المجلس أولا ومن ثم تشكيل الحكومة المؤقتة.

وكان رئيس الائتلاف حل المجلس العسكري في سبتمبر (أيلول) الماضي، قبل أن يكثف أعضاء المجلس لقاءاتهم لانتخاب أعضاء جدد فيه يتمتعون بتمثيل حقيقي على الأرض، وبفعالية في العمل الميداني.

وناقش أعضاء الائتلاف في الجلسة الأولى أول من أمس الأوضاع الميدانية في سوريا؛ في كل من حلب في الشمال ودرعا وريف دمشق في المنطقة الجنوبية من سوريا، وأصدروا أمس توصيات لدعم الحراك العسكري في حلب والجبهة الجنوبية (درعا والقنيطرة) التي تحقق فيها المعارضة تقدما ملموسا. وأقر إنشاء خلية أزمة لمتابعة حلب والجنوب، إضافة إلى مهمات أخرى، مثل تفعيل الدور العسكري وأن يكون المجلس العسكري على مستوى تقديم خطط عسكرية استراتيجية، كما بحث في موضوع تقديم الدعم لوزارات الصحة والدفاع والخارجية والداخلية، فضلا عن البحث في موضوع اللاجئين.