10 أيام من «التعاليم» ضد «الكفار» واستخدام السلاح وتصبح مقاتلا في «داعش»

«أبو أمارة الفلسطيني» سلم نفسه للسلطات الإسرائيلية.. وحكى للـ«شاباك» لماذا قرر ترك التطرف

TT

«يكفيك أن تمضي 10 أيام، يعلمونك فيها كيف تكره مسلمين بدعوى أنهم (كفرة)، ويسلمونك رشاشا ويعلمونك كيف تنظفه وتطلق الرصاص به، فتصبح مقاتلا في (داعش)»، هكذا روى الشاب الفلسطيني المواطن في إسرائيل، حمزة مغامسة، قصة رحلته الغريبة أمام محققي الـ«شاباك (المخابرات الإسرائيلية)». وقال إن 10 أيام كانت كافية له لكي يقرر الهرب من «داعش» مع ما في ذلك من مخاطرة بحياته والاعتقال في سجون إسرائيل، مفضلا ذلك على أن يبقى هناك ويمارس الجرائم ضد العرب والمسلمين.

ومغامسة واحد من نحو 40 مواطنا شابا من فلسطينيي 48، هربوا من إسرائيل، تحت إغراءات الدعايات لـ«داعش» في الإنترنت، ووصلوا إلى تركيا، والتقوا مع أناس يروجون لـ«داعش» هناك ويتكفلون بنقلهم إلى الأراضي السورية بدعوى القتال ضد «الكفرة هناك». وهو شاب في الـ22 من العمر، وابن لعائلة فقيرة في يافة الناصرة. في 5 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، سافر واثنان من أصدقائه إلى تركيا بدعوى الاستجمام، هما محمد صابر كنانة ومحمد مروان كيلاني. في الفندق تعرفوا إلى الوسيط وانتقلوا إلى سوريا.

وحسب روايته للمحققين الإسرائيليين، كما ورد في لائحة الاتهام التي كشفت في المحكمة، فقد وصل مباشرة إلى معسكر تدريب في منطقة لا يعرفونها، وبدأوا في يوم وصولهم دورة عاجلة لتعلم الداعشية. ولكي يشجعوهم قابلوهم على شاب آخر من مدينة الناصرة، كان قد انتسب إلى «داعش» بالطريقة نفسها قبلهما بعدة أيام، هو مهران يوسف خالدي، وعمره 19 عاما، فبدأ يعاونهم على فهم الأمور النظرية، ويشرح لهم أنهم يحاربون أولا المسلمين «الضالين والكفرة». ويقول: «حسبت بداية أن (الكفرة) هم نظام الأسد الذي أكرهه، فتبين أن هناك كثيرين غيره، بينهم مسلمون متدينون مثل (جبهة النصرة) و(القاعدة) وحركات أصولية أخرى لا تعد ولا تحصى. فسألت مهران عن ذلك، وقلت له: لماذا نحارب المسلمين ونحن مسلمون؟ فأجاب: (هنا لا تسأل كثيرا.. يوجد عندنا كبار يفهمون أكثر منا في هذه الأمور.. نحن ننفذ تعليمات الكبار فقط.. فعندما نكبر، سنوجه نحن أيضا التعليمات للآخرين، ومن يعترض سنذبحه)، وقد أخافني هذا الكلام».

ويروي أن المدربين كانوا يعطونهم دروسا في الدين، فتبين أنها كلها دروس لشحنهم بالكراهية ضد مسلمين آخرين.. «أرادوا إقناعي بأن المرحوم ياسر عرفات (كافر) وأن معظم قيادة حماس (كفرة)، ومعظم الشيوخ والأئمة في المساجد كفرة، وشيوخ الأزهر أيضا (كفرة)، ثم علمونا دروسا في الرياضة البدنية ودروسا في تجاوز الصعاب في الميدان، ثم منحوني لقب (أبو أمارة الفلسطيني)، وسلموني رشاش كلاشنيكوف.. علموني تنظيفه، ثم علموني كيف أستخدمه، وقالوا لي ولرفاقي إننا بعد يومين سننزل إلى الجهاد؛ إذ إننا أصبحنا مقاتلين من جند الله.. سنقضي على الكفرة، وعلى غير المسلمين الذين يعيشون في عالمنا العربي. وأخذونا في جولة ميدانية نركب فيها سيارات جيب حديثة مكشوفة ونحن نلوح بالسلاح ونهتف ونكبر».

هنا وجد حمزة نفسه في مكان غير مكانه – «ندمت. قلت في نفسي إن هذه حرب ليست لي، فكيف للمسلم أن يحارب المسلم.. كيف لنا أن نحارب العرب الذين يعيشون معنا؟ وملأني الرعب من الأسئلة.. من مجرد الفكرة بأن تسأل. يخافون الأسئلة. فهل يعقل؟ عندها قررت الاتصال بوالدي، فوجدته على نار. وقال لي ماذا حل بوالدتي بسبب اختفائي المفاجئ. وراح يرجوني أن أعود. وقبل أن يغلق الهاتف قال لي إنه سيكون في تركيا في اليوم التالي لكي أحضر معه. وسألته عن السلطات الإسرائيلية وماذا ستفعل بي. فأجاب: (لا تهتم. أنت سلم نفسك. في أسوأ الأحوال تعتقل وتحاكم وتسجن، وكله أهون من داعش). وهكذا حصل. هربت من معسكر التدريب. ووجدت من نقلني بسيارة إلى الحدود. وعدت لتركيا. فاعتقلوني هناك وحققوا معي. وكان والدي قد وصل إلى هناك، فأخذني فورا إلى المطار».